من سوء طالعي أنني كلما أردت أن أزور بلدي المغرب لا بد لي من المرور عبر مطار محمد الخامس "الدولي" بالدار البيضاء. في هذا المطار تتجسد فعليا مقولة النبي صلى الله عليه وسلم: "السفر قطعة من العذاب". فبمجرد ما تحط الطائرة ويتوجه المسافر إلى قاعة الجوازات يفاجأ بطوابير هائلة من المسافرين يتم حشرهم في ممرات كالأغنام بدون مكيفات، حيث الحرارة تفوق خمسا وثلاثين درجة داخل القاعة. وبما أن التنظيم منعدم تماما فإن الأمر متروك للمسافرين؛ وهو ما يثير حزازات بينهم تبدأ بالسب والشتم، وربما تتطور إلى عراك بالأيدي وشد الشعر تحت سمع وبصر مسؤولي الأمن الذين في معظمهم لا يحركون ساكنا ما دام الأمر يتعلق بعامة الناس. بعد إتمام إجراءات الجوازات تبدأ محنة أخرى مع الأمتعة، أدناه كون عربات الأمتعة يتم إبعادها مسافات طويلة عن قصد حتى يلجأ المسافر إلى خدمات حاملي الأمتعة الذين منهم من يبتز المسافر ويطالب بثمن خيالي، خاصة أن الزائر لا يكون قد قام بصرف العملة المغربية بعد. كما أنهم يقومون بسحب الحقائب من فوق الحزام المتحرك وتركها على الأرض، فعوض أن ينتظر المسافر حتى تصل حقيبته عبر الحزام، ينبغي عليه أن يجوب المطار ويفتش في أكوام الحقائب ليجد ضالته. أما الحمام فتلك مشكلة لم يوجد لها حل، إلى حد الساعة. فخلال مرتين في هاته السنة، أصادف حمام النساء الموجود في صالة انتظار الحقائب معطلا ولذا كان لزاما على النساء استعمال حمام الرجال. والغريب في ذلك هو أنك حينما تهم بدخول الحمام تناولك عاملة النظافة ورق المرحاض، وتسترده منك حينما تخرج، وإذا غسلت وجهك ويديك وأردت أن تمسحهما فإنها تناولك نفس ورق الحمام. هاته عينات من الصور المشينة التي يقف عليه المرء حينما تقذف به الأقدار في ذلك المطار. لا أدري هل فكر أحد من المسؤولين أن يمر بهاته التجربة، ويدرك حجم الصورة البشعة التي يضفونها على تلك البلاد الساحرة نتيجة استهتارهم وسوء تنظيمهم، مما جعل أحد السياح الإنجليز يقول لصديقه، وأنا أسترق السمع: “This is where the sh** of Morocco starts” بطبيعة الحال، هناك بعض المحظوظين الذين لا تسري عليهم قوانين البشر، إذ بمجرد ما يلجون قاعة الجوازات يجدون من يأخذ بيدهم للمرور عبر الشباك المخصص لموظفي المطار ولطاقم الطائرات. يتكرر هذا السناريو الدرامي كل سنة، تحت سمع وبصر المسؤولين ولم أجد أي تحسن في الأداء؛ بل أصبحنا نتمنى فقط أن يبتسم في وجهنا موظف المطار. كما أننا نتساءل أين يختفي مسؤولو مؤسسة محمد الخامس للتضامن الذين نشاهدهم يوزعون ابتساماتهم في الإشهارات التلفزيونية والذين من المفروض أن يراقبوا هاته التصرفات والمهزلات ويبلغوا عنها السلطات لتحسين الجودة؟ *أستاذ البحوث ومدير نظم الأبحاث، جامعة تكساس أي أند إم/ فرع قطر.