يقف تمثال لشخص طويل أسود وجواده من البرونز في حديقة التحرير التي أعيد تسميتها مؤخرا، وهو يطل على حدائق مليئة بالزهور. وظل تمثال جنرال الكونفدرالية روبرت إي لي في مدينة شارلوتسفيل بوسط ولاية فرجينيا منذ ما يقارب المئة عام، يراقب الجماعة المحلية بصبر. ولكن ربما لا يطول به المقام هناك كثيرا. وأصبحت المعالم والنصب التي بنيت لتخليد ذكرى لي وغيره من قادة الكونفدرالية - وهي الجانب الخاسر في الحرب الأهلية الأمريكية التي نشبت بين عامي 1861 و 1865 - قضية مثيرة للجدل في الولاياتالمتحدة. العديد منها بالفعل تمت إزالته أو نقله، بينما تظل تماثيل أخرى مثل تمثال لي في شارلوتسفيل مهددة بنفس المصير. ويقول معارضو التماثيل إنهم يمثلون بعض الفصول الأكثر قتامة في تاريخ الولاياتالمتحدة عندما كان الرق قانونيا والعنصرية هي القاعدة. ويعتقد آخرون أن إزالة نصب تذكاري مثل إزالة قطعة من التاريخ، ويقولون إنها تخلد الأفراد ليس أكثر. وقالت المؤرخة ليسلي جوردون إن أحد المنعطفات التي أدت إلى هذا الاتجاه هو مقتل تسعة من مرتادي الكنائس السود في تشارلستون بولاية ساوث كارولاينا في عام 2015. وقد فجرت المجزرة التي ارتكبت على يد رجل كان يؤمن بتفوق الجنس الأبيض الجدل حول النصب التذكارية للسياسيين ولضباط الجيش الجنوبي المهزومين، اهتماما وطنيا. وبعد شهر تقريبا من الهجوم، أنهت الهيئة التشريعية لولاية ساوث كارولاينا ما اعتبر نقاشا مطولا وصوتت لإزالة العلم الكونفدرالي من أراضي الهيئة. وحذت عدة مدن حذوها. وواحدة من أكثر الحالات العامة كانت في نيو أورليانز، بولاية لويزيانا، حيث تم تفكيك العديد من التماثيل منذ عام 2015. وقال رئيس بلدية نيو أورليانز ميتش لاندريو أن هناك "حقائق عن مدينتنا يتعين علينا مواجهتها" وذلك في خطاب بعد إزالة التمثال الأخير في شهر ماي. وتساءل لاندريو عن سبب عدم وجود نصب للتذكير "بألم وتضحية وعار" العبودية في نيو أورليانز، ومع ذلك فقد أقيمت الكثير من النصب تكريما للجنود والقادة الكونفدراليين. وقال إن هذا هو" كذب بالإسقاط ... هناك اختلاف بين تذكر التاريخ وتبجيله". وتم التصويت مؤخرا على تمثال شارلوتسفيل لروبرت إي لي ليتم إزالته، مما أدى إلى دعم شعبي واحتجاج شعبي ايضا. وهناك بعض الجماعات تناضل لإبقائه في مكانه. وقالت المتحدثة باسم المدينة ميريام ديكلر إن جماعة كو كلوكس كلان المؤمنة بتفوق الجنس الأبيض نظمت مسيرة في 8 يوليوز، حضرها أكثر من 1000 شخص، من بينهم حوالي 50 من أعضاء الجماعة ومؤيديها. وكان العديد من بقية الحشد محتجين معارضين. وعلى الرغم من الاحتجاج الشعبي على موافقة المدينة على الحدث، قالت جوردون، رئيسة قسم التاريخ الجنوبي في جامعة ألاباما، إنه في الوقت الذي تعد فيه كو كلوكس كلان ورسالتها المتمثلة في تفوق الجنس الأبيض "بغيضة"، الا ان لهم الحق في التعبير عن آرائهم علنا. وأضافت: "في الوقت نفسه، لا بد من الاعتراف بما يدافعون عنه ولماذا". والمؤمنون بتفوق الجنس الأبيض الذين يدافعون عن الحفاظ على النصب الكونفدرالية في موضعها ليسوا أمرا جديدا. وكان التمثال قد تمت إزاحة الستار عنه في عام 1924 وكان واحدا من العديد من النصب الكونفدرالية التي بنيت في السنوات التي تلت الحرب الأهلية الأمريكية. والجماعات التي شاركت في التخطيط لتدشين التمثال روجت بنشاط لما وصفته جوردون "برواية القضية الخاسرة"، بمعنى أنهم يحتفون بجنود الكونفدرالية وقادتها ويتجاهلون ما دارت الحرب حقيقة بشأنه وهي: العبودية. وقالت جوردون: "بحلول عام 1920، كانت القضية الخاسرة هي قضية تفوق أبيض بدون خجل في رسالتها، حيث كانت تعكس الجنوب الذي يعيش فصلا عنصريا وتمييزا ضد السود والعنف الإرهابي الذي كان يشن ضد الأمريكيين الأفارقة". غير انه لا تزال هناك جماعات أخرى ترغب في الحفاظ على مثل تلك التماثيل لأسباب تاريخية أو أسباب الفخر الوطني. وفي أواخر مارس، قدمت منظمتان و11 شخصا شكوى ضد شارلوتسفيل، وفقا لوثائق محكمة. وقالوا ان المدينة لا تستطيع إزالة تمثال لى لأنها تنتهك قانون من قوانين فيرجينيا يحظر إزالة النصب التذكارية أو المعالم التذكارية لقدامى المحاربين. ودفعت المدينة بأن إزالة التمثال لا تتعارض مع القانون لأن القانون ينطبق على المدن والبلدات بدءا من عام 1997. وتقول إنه بسبب ان تمثال لي اقيم في عام 1924، لا ينطبق القانون عليه. وتعتقد جوردون كمؤرخة أن المدن يجب أن توفر لوحات أو علامات لإعطاء نصب مثل هذه سياقا وتشرح لماذا تعد مهمة. غير انها ايضا متعاطفة مع المجتمعات التي تختار إزالتها. وليس هناك حديث عن لوحة أو علامة في شارلوتسفيل، حيث ان الحديقة التي يقف فيها تمثال لي تم تغيير اسمها. وقبل أن تعرف باسم حديقة التحرير كانت هي أيضا تحمل اسمه. * د.ب.أ