بعد خطاب العرش الأخير، الذي اعتُبر بمثابة "جلد" لكل مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية ومنتخبيها، هل يمكن للملك محمد السادس من الناحية الدستورية أن يتبنى خيار اللجوء إلى إعلان حالة الاستثناء؟ ينص الدستور على أنه إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، أمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة. أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، حسن طارق، لم يستبعد لجوء الملك إلى إعلان حالة الاستثناء، مبررا ذلك بكون خطاب العرش يفترض تقديم جواب مكتمل على التشخيص الأسود، على المستويات الحزبية والإدارية والاجتماعية؛ لأن أسوأ ما يمكن أن يقع بعد هذا الخطاب هو ألاّ يقع أي شيء. وسجل طارق، في تصريح لهسبريس، أن "المفترض، بحسب الخطاب، أن الدولة تملك تقييما دقيقا للحالة السياسية والاقتصادية، وأنها ستشرع في تنزيل مخرجات هذا التقييم"، مضيفا أن "الواضح من حدة التشخيص أن المخرجات المنتظرة تتجاوز تفعيل خلاصات لجنة التحقيق في ملف منارة المتوسط". ونبه البرلماني السابق بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان إلى "تركيز الخطاب الملكي على العطب الحزبي، والتصريح بأن الملك غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، وبأنه لا يثق في عدد من السياسيين"، مشيرا إلى أن "تأكيده في السياق نفسه بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، يعني بأن استعجالية الوضع لا تتطابق مع زمن الإصلاح الحزبي، وهو ما قد يسمح -انطلاقا دائما من منطق الخطاب-بالتفكير في صيغة دستورية قد تستطيع تأطير مرحلة ببرنامج تصحيحي مع تحييد مؤقت لمنافذ تأثير الحياة الحزبية في الشأن العام". وأكد أستاذ التعليم العالي أن حرص الملك في خطاب العرش على احترام اختصاصات المؤسسات وفصل السلط، جاء مشروطا بقيام المسؤولين بواجبهم؛ إذ في حالة العكس، فإن الملك يعتبر نفسه ملزما بالتدخل، مبرزا أن الخطاب الملكي استند إلى عصب الاختصاصات الملكية، مجسدة في الفصل الاستراتيجي (42)، الذي يحدد المهام الدستورية "الضمانية" التي يمارسها الملك كرئيس للدولة وممثلها الأسمى. وقال طارق في هذا الصدد: "هذه المهام يمارسها الملك بواسطة ظهائر من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور، ومن ضمنها طبعا الفصل 59 الذي ينظم حالة الاستثناء، ويحدد شروطها الشكلية والموضوعية"، موردا أن من بينها توجد تلك المتعلقة بوقوع ما من شأنه عرقلة السير العادي للمؤسسات الدستورية.