تميز المغاربة منذ ارتضوا الإسلام دينا بعادات فريدة في استقبال شهر رمضان، واجتهدوا في إبداع ما يتناسب مع قدسيته عندهم، وتأقلموا مع أجوائه الخاصة من خلال عادات اختلفت من منطقة إلى أخرى ومن قبيلة إلى أخرى، لكنها احتفظت بقواسم مشتركة. وسنحاول في "هسبريس" رصد بعض هذه العادات من خلال ما تضمنته كتب ومنشورات في الموضوع، وكذا من خلال الرواية الشفهية لعدد من شيوخ القبائل أوعدد من الفاعلين الجمعويين الذين التقينا بهم. الحلقة الخامسة: مع قبائل أيت باعمران إلى سيدي إفني نرحل بكم في هذه الحلقة من "عاداتهم في رمضان"، لنتعرف وإياكم على بعض من عادات قبائل هي نتاج تفاعل الثقافة الصحراوية والثقافة الأمازيغية، ويبدو ذلك جليا من خلال لسان أبناء هذه القبائل ولباسهم وتقاليدهم وأعرافهم. نحن اليوم ضيوف على قبائل أيت باعمران، الواضح حبها للإسلام وللقرآن خاصة، فمنطقة سيدي إفني المعقل التاريخي للباعمرانيين تحتضن عددا مهما من الزوايا، ومن المدارس العتيقة. في بداية رمضان يتسابق الباعمرانيون والباعمرانيات لرؤية الهلال، لأن السبق في رؤيته حسب تقاليد أيت باعمران مؤشر على أن الذي رآه من المحظوظين، وأنه سيكون بشير خير. بعد رؤية الهلال يبدأ إعداد البرامج الرمضانية، فالنساء اللواتي أعددن ما أدخلته "عولمة الأكل" على تقاليدهن من أكلات رمضانية "سلو" و"الشباكية"، تحاولن تسطير برنامج جماعي عرفت به نساء أيت باعمران، حيث يستغلن النهار في غزل الصوف في مجموعات، وفي الوقت نفسه تعلم بعضهن بعضا أبجديات الدين والأذكار والقرآن. ميزة أخرى للباعمرانيين في رمضان وهي سنة الإفطارات الجماعية والتي غالبا ما تقام في المسجد، ومائدة إفطار قبائل أيت باعمران بسيطة جدا يزينها التمر والحليب والشاي وكذا "الحريرة"، بالإضافة إلى فطائر يتم إعدادها في أفران تقليدية ماتزال الباعمرانيات في القرى تحتفظن بها أمام بيوتهن. فاكهة الصبار أو "أكناري" بلغة الباعمرانيين تكون أيضا حاضرة على موائدهم في رمضان، وتكون غالبا فاكهة رئيسية في وجبات العشاء والسحور. أما عن العادات الدينية، فلا تختلف قبائل أيت باعمران عن عادات باقي القبائل المغربة، فحوضر صلاة العشاء والتراويح في المسجد تكاد تكون مقدسة، ويصطحب الآباء أبناءهم إلى المسجد لتعويدهن على الصلاة وكذا لتربيتهم على عادات أجدادهم في علاقتهم مع المسجد.