على خطى سلفه عبد الإله بنكيران، أصبح رئيس الحكومة سعد الدين العثماني هو الآخر يشتكي العرقلة من جهات لا يسميها، ويُهدد بالاستقالة إذا طالبه الحزب بذلك، وهو الذي لم يمض على قيادته للحكومة الجديدة سوى أربعة أشهر. ولادة حكومة العثماني بعد مخاض عسير، بعد فشل عبد الإله بنكيران، طبعت الأشهر الأولى ل"الطبيب النفسي" على رأس الحكومة؛ فقد كان يتجنب مثل هذه التصريحات، وكان يميل إلى الحديث باسم "أغلبية متماسكة" ويحاول تجاوز الصعاب داخل مكونات الحكومة رغم تباين المواقف داخلها. لكن في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني السابع لمنظمة التجديد الطلابي، الحركة الطلابية التابعة للحزب، الذي نظم في الأيام الأخيرة بالمدرسة الوطنية العليا للمعادن بالرباط، تحدث العثماني عن أطراف قال إنها لم تكن تريد لهذه الحكومة أن ترى النور. وفي الوقت الذي أمضى فيه بنكيران خمس سنوات يشتكي من التماسيح والعفاريت، بدا رئيس الحكومة هو الآخر يشتكي من أطراف قال إنها عرقلت مهمة بنكيران لتشكيل الحكومة، ولا زالت تعرقل إلى حد الساعة عمل الحكومة الحالية. وقال العثماني أمام أعضاء المنظمة الطلابية: "كانت هناك أطراف لم تكن تريد لهذه الحكومة أن تخرج، العرقلة نفسها التي كانت في فترة بنكيران، وأيضاً لما عُينت من طرف الملك رئيساً للحكومة، ولا يزالون يكيدون بأقلامهم وتصريحاتهم وتصرفاتهم المستمرة". وأضاف رئيس الحكومة في اللقاء نفسه: "جئنا لنساهم إيجابياً كي تتقدم البلاد، وحكومتنا أتت في ظرف صعب ولكن بنفس إصلاحي"، وزاد: "يوم يقول لنا الحزب انسحبوا سننسحب، نحن هنا نشتغل كجنود، ويوم يقرر الحزب عدم المشاركة في الحكومة سنرجع إلى أماكننا". وكأن العثماني يرد على منتقديه داخل حزب العدالة والتنمية الذين لاموه على قبول الشروط التي كان يرفضها عبد الإله بنكيران في تشكيل الحكومة، وقد نال بسبب هذا الأمر انتقادات لا زالت مستمرة من طرق قيادات محسوبة على تيار بنكيران. تصريحه المفاجئ بتقديم الاستقالة يحتمل الكثير من القراءات، لكن من وجهة نظر سعيد خمري، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فإن هذا التصريح "في غير محله". وأضاف خمري، في تصريح لهسبريس، أنه "بعد الخطاب الملكي لعيد العرش الذي كشف مجموعة من الاختلالات ومكامن الضعف في التعامل مع مطالب المواطنين، فإن المتعين فعله هو العمل والكشف عن خطط وبرامج بما يساير الخطاب الملكي والعمل على تجاوز مكامن الخلل". وأشار خمري إلى أن "المطلوب من الحكومة فعله هو السرعة والفعالية لاحتواء الاحتجاجات الاجتماعية في مجموعة من المناطق، وليس التشكي والاختباء وراء التبريرات والإشارة إلى إعاقة عمل الحكومة". ويرى الأستاذ الجامعي أن الحديث عن "طلب الحزب من رئيس الحكومة الاستقالة يعتبر عبثاً" وزاد قائلاً: "كيف للحزب أن يزكي مشاركته في الحكومة ولم يمض على عمله داخلها سوى أشهر قليلة، ثم يأتي ويطلب الانسحاب؟".