في الثاني والعشرين من دجنبر العام الماضي، أياماً قليلة بعد مقتل السفير الروسي في أنقرة، اعتقل الأمن عدداً من الشباب من مختلف مدن المغرب، بسبب تدوينات على "فيسبوك" اعتُبرت إشادةً بمقتل السفير أندريه كارلوف. هؤلاء الشباب، وعددهم سبعة، كان يجمع بينهم الانتماء إلى شبيبة حزب العدالة والتنمية، إضافة إلى كون أغلبهم نشطاء في صفحة "فيسبوكية" تحمل اسم "فرسان العدالة والتنمية"، كانت في عز "البلوكاج" الحكومي تشن حملات ضد عدد من السياسيين. أبرز هؤلاء السياسيين الذين طالتهم انتقادات الصفحة المحسوبة على "البيجيدي" هو عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، كما انتقدت أيضاً وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق. وكان عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قد وجه انتقاداً لاذعاً إلى شبيبته، خصوصاً النشيطين على "فيسبوك"، ووصفهم ب"الصكوعة"، وقال إنهم يعقدون مأمورية الحكومة والحزب تجاه حلفائه من الأحزاب الأخرى، لكن "الكتائب الإلكترونية" للحزب استمرت في نهجها المعتاد. وقبل اعتقالهم بأيام، أصدرت وزارتا العدل والداخلية بياناً مشتركاً أعلنتا فيه عن فتح تحقيق من أجل الكشف عن الأشخاص الذين أشادوا بقتل السفير الروسي، ونبه البيان إلى أن الإشادة بالأفعال الإرهابية تعد جريمة يعاقب عليها القانون طبقاً للفصل 2-218 من القانون الجنائي. وأمضى هؤلاء مدة اعتقال وصلت حوالي 8 أشهر، وفي ال13 من الشهر الجاري قضت المحكمة بسلا في حقهم بالسجن النافذ بسنة حبساً نافذاً وغرامة مالية قدرها عشرة آلاف درهم من أجل الإشادة بالإرهاب، مع البراءة من تهمة التحريض. وقبل الحكم، كان هؤلاء المعتقلون قد دخلوا، في ماي الماضي، في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجاً على محاكمتهم بقانون الإرهاب عوض قانون الصحافة والنشر، قبل أن يعدلوا عن ذلك بعد تدخل من الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران. عائلات المعتقلين سبق لها أن ناشدت، قبل شهرين، الملك محمدا السادس التدخل في هذا الملف، معتبرة أن "الشباب المعتقلين لا علاقة بالإرهاب، وأنهم اعتقلوا في ظرفية استثنائية خاصة، وظُلموا بناء على تكييف قانوني خاطئ"، ونال حينها وزير العدل والحريات السابق، مصطفى الرميد، الكثير من الانتقادات بسبب بيانه المشترك مع وزارة الداخلية. وبعد أن أمضوا حوالي ثمانية أشهر في السجن، كان الخبر مفرحاً لأعضاء شبيبة حزب العدالة والتنمية، بصدور عفو ملكي؛ إذ أعلنت وزارة العدل، مساء أمس السبت، أن الملك محمدا السادس "تفضل فأصدر عفوه الملكي على الشباب المنتمين لحزب العدالة والتنمية والمعتقلين بتهمة الإشادة بالإرهاب"، وقد جرى استقبالهم من أمام السجن المحلي بسلا من طرف بعض قيادات "البيجيدي" مرددين للنشيد الوطني. وقالت وزارة العدل إن قرار العفو الملكي جاء "اعتباراً لظروفهم العائلية والإنسانية وتجسيدا لما يخص به جلالته حفظه الله رعاياه الأوفياء وخاصة من أبناء هذه المنطقة من رعاياه من رأفة وعطف". خالد البوقرعي، الكاتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية، قال في تصريح لهسبريس: "إن العفو كان مفاجأة سارة جداً"، مؤكداً أن الشبيبة "كانت مقتنعة منذ بداية الملف بأن ما أقدم عليه الشباب ليس مبرراً لاعتقالهم". وأضاف البوقرعي أنه كان "من الممكن استدعاؤهم والاستماع إليهم فقط؛ لأننا نعتقد أن صفحات التواصل الاجتماعي مليئة بما توبع به هؤلاء الشباب، ولم يكن هناك مبرر لجرجرتهم بمحاكمة استمرت سبعة أشهر، ليسدل الستار بالحكم عليهم بسنة سجناً نافذاً". ولفت الكاتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية إلى أن "الأدهى في ملف اعتقال شباب البيجيدي هو تكييف المتابعة بمقتضيات قانون الإرهاب"، وقال: "هذا بالنسبة إلينا كان خطيراً؛ إذ لا يمكن أن يكون بيننا إرهابيون ومن يشيد بالإرهاب ومن يحرض على ذلك ونحن أبناء العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة". وأشار المتحدث إلى أن الشبيبة كانت "مقتنعة بأن ما قام به الشباب فلتة تراجعوا عنها في حينها، كما أن السياق السياسي الذي جرى فيه اعتقال هؤلاء كان معروفاً بسياق بلوكاج تشكيل الحكومة الأولى". وأوضح قائلاً: "حتى ولو حكمت عليهم المحكمة فهم في أعين الناس والمجتمع وأصدقائهم وحزبهم أبرياء؛ لأننا نعرف من نربي ومن هم المناضلون الذين ينتسبون إلينا، والحمد لله جاء العفو الملكي وأرجع الأمور إلى نصابها". وقال الكاتب الوطني لشبيبة "البيجيدي": "لا يملك الإنسان إلا أن يعبر عن سروره وفرحه بهذا الحدث السعيد، وأن يتوجه بالشكر لجلالة الملك الذي كان سبباً في معانقتهم للحرية وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية".