كشفت معطيات ميدانية وجود أزيد من تسعة آبار مياه مقامة وسط شوارع ليساسفة بمنطقة الحي الحسني في الدارالبيضاء، تم بناؤها على شكل غرف تحت الطرقات الإسفلتية بعمق يصل إلى ثلاثة أمتار وعرضها ثلاثة أمتار وطولها أربعة أمتار، أقامها رجل الأعمال التهامي الجامعي وسط شوارع أحياء قصبة الأمين 1 و2 وجوهرة وحي معراج، وجهزها بمحركات ضخ المياه مرتبطة بشبكة كهرباء مؤسسات تعليمية عمومية، من ضمنها مؤسسة خالد بن الوليد، وبعضها مرتبط بالإنارة العمومية، بشكل أثار حفيظة نشطاء جمعويين ومسؤولين محليين ومنتخبين. قام الجامعي بحفر مجموعة من الآبار بمنطقة قصبة الأمين، الذي يعتبر واحدا من أكبر المشاريع العقارية بمنطقة الحي الحسني، مستغلا كونه هو المجزئ وصاحب المشروع والمشرف على تتبع عمليات بنائه. وأكدت مصادر متطابقة أن الغاية الأولى من حفر هذه الآبار هي توفير حاجيات أوراش البناء من الماء. وأضافت المصادر ذاتها، في تصريحات موثقة، أن الجامعي أقدم على مد قنوات بلاستيكية على عمق مترين من سطح الأرض على الأقل، وعلى امتداد طول يتراوح ما بين 300 و1200 متر وأكثر، لتزويد الحمامات التي يمتلكها بحاجياتها من مياه الاستحمام، في غياب تام لمصالح الملحقة الإدارية بليساسفة العليا والمصالح الخارجية لعمالة الحي الحسني، ومصالح مقاطعة الحي الحسني ومجلس المدينة، الوصي على حماية المياه الجوفية لمدينة الدارالبيضاء. وربطت هسبريس الاتصال بمسؤول سابق بمنطقة الحي الحسني، الذي قال إنه وقف شخصيا على أشغال حفر ومد قنوات بلاستيكية من الآبار التسعة صوب حمامات جوهرة والأمين وقصبة الأمين ومقهى قصبة الأمين، المقامة والمبنية من طرف الجامعي فوق مساحة خضراء بمدخل إقامة القصبة 1، مضيفا أن كافة هذه الآبار تؤمن حاجيات هذه المنشآت التجارية من الماء بشكل يخالف المقتضيات القانونية المعمول بها في مجال استغلال المياه الجوفية. رئيس مقاطعة الحي الحسني، أحمد جودار، عبّر بدوره عن استهجانه من موضوع ربط بئر للمياه الجوفية بحمام جوهرة الذي يوجد في ملكية التهامي الجامعي، مؤكدا أنه سيكلف مسؤولين تقنيين بالوقوف على كافة الخروقات المتعلقة بالاستغلال غير القانوني للمياه الجوفية من طرف الجامعي، وسيقوم بإعداد تقرير في الموضوع وبعثه إلى المسؤولين بمجلس المدينة، الجهة الوصية على مثل هذه الخروقات. واعتبر نشطاء جمعويون في مجال حماية البيئة ومحاربة هدر المال العام أن تعمد رجل الأعمال المنتمي لعائلة آل الجامعي الثرية، العاملة في مجالات البناء وتسويق العقارات والسكن الاقتصادي والنسيج، لهذه الخروقات يرقى إلى مستوى جرائم بيئية وأخلاقية يعاقب عليها القانون المغربي، وتستدعي تدخلا عاجلا من طرف السلطات المحلية والمركزية والقضائية من أجل فتح تحقيق في هذه النازلة. رشيد فاسح، رئيس جمعية "بيّزاج" البيئية، قال في تصريح لهسبريس إن "ما أقدم عليه الجامعي على صعيد استغلال آبار جوفية بدون ترخيص ومقامة وسط الشوارع التي تمر فوقها السيارات والشاحنات، أي أن الأمر يتعلق بطرق عمومية، يعد سابقة لم يسمع بها أي مغربي من قبل"، وهو ما أكده بدوره المحامي والناشط الجمعوي محمد المسكاوي، رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، الذي أكد أن "الأمر لا يمكن أن يستوعبه عقل". وعبر المسكاوي، بمجرد اطلاعه على المعطيات الميدانية التي حصلت عليها هسبريس، عن استهجانه لتصرفات صادرة عن رجل أعمال ينتمي لمجموعة اقتصادية يفترض أنها مجموعة مواطنة وتسعى للحفاظ على الصالح العام.