أوصت لجنة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة بالسماح للمرأة بممارسة مهنة التوثيق التقليدي، أي أن تعطى للمرأة إمكانية أن تكون عدلا؛ وذلك تماشيا مع روح الفصل ال19 من الدستور المغربي، الذي ينص على أنه "يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء". إلا أن السيد وزير العدل صرح، بتاريخ 25 يوليوز الجاري، في برنامج تلفزيوني بث على المباشر بالقناة الأولى، بأن هنالك إشكالية بخصوص توثيق المرأة لعقود الزواج والطلاق وأنهم بصدد البحث عن مخرج لمعالجة الإشكالية. ولا أدري لماذا يراد للمرأة أن تكون نصف عدل أو أقل من نصف عدل إذا أقصيناها من توثيق الزواج والطلاق، وما هو الإشكال الدستوري أو القانوني أو الشرعي الذي يمكن اعتباره عائقا لممارسة المرأة لمهنة العدالة كاملة. ولن أقف عند المرأة المغربية التي شغلت منصب مستشارة للملك أو عند المرأة الوزيرة أو السفيرة أو عميدة الكلية أو الأستاذة الجامعية أو ربان الطائرة أو المهندسة أو الطبيبة أو المحامية أو غيرها؛ ولكنني أريد الوقوف عند المرأة الموثقة التي تشرف التوثيق، وعند المرأة القاضية التي تشرف القضاء في المغرب. إن الموثقة المغربية تبرم جميع العقود المسماة؛ ومنها البيع والشراء والرهن والهبة وغيرها من العقود. فكيف لها كعدل أن لا تبرم عقود الزواج والطلاق؟ كما أن القاضية المغربية تقضي في الجنايات وفي الجنحي والتلبسي والإداري والتجاري والمدني والشرعي إلخ. وحينما نتحدث عن الشرعي، فإننا لا نقصد هنا دعاوى الكفالة أو النفقة أو غيرها؛ بل نقصد دعاوى التطليق، التي تبتّ فيها المرأة منذ سنين. فكيف للمرأة أن تكون قاضية تبتّ في دعاوى التطليق، ولا يسمح لها أن تكون عدلا يوثق عقود الزواج والطلاق يؤذن بها ويخاطب عليها قاضي التوثيق في جميع الأحوال؟. وبدل الكلام عن تحصيل الحاصل باعتبار أن المغرب سائر في طريق المناصفة، فإنه كان بودنا أن نعرف هل ستشهد المرأة بجانب المرأة أم بجانب الرجل أم بجانب أيّ منهما أم سنتجه إلى العدل الفرد كما هو الحال في التوثيق العصري؟.