أجمع أساتذة جامعيون وقضاة ومحامون على أهمية إعادة النظر في بعض الفصول المرتبطة بالاعتقال الاحتياطي والمسطرة الجنائية؛ لأن ذلك يشكل أهم إجراءات التحقيق وأخطرها، لكونه يتعلق بتدبير ماس بالحرية، مؤكدين على قصور النصوص القانونية في كثير من الأحيان بشكل ينعكس سلبا على الممارسة القضائية في تعاطيها مع تدبير الاعتقال الاحتياطي. وأكد المتدخلون في ندوة وطنية نظمت، مساء الأربعاء بعاصمة النخيل حول موضوع "الاعتقال الاحتياطي وضمانات المحاكمة العادلة"، على وجوب تمتيع المتهم بضمانات المحاكمة العادلة، وعلى رأسها مبدأ البراءة الذي يستلزم تفسير الشك لصالح المتهم. مولاي إسماعيل احتيتيش، مستشار مكلف بالتحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش، قال إن "إشكالية الاعتقال الاحتياطي تتمتع براهنيتها، وينبغي التصدي لها من خلال وضع حلول قانونية تستحضر التجربة الواقعية لقاضي التحقيق، لأن الإشكال متشعب ومتعدد الأطراف، لذا لا بد لصانع القوانين أن يقرأ كتاب الخبرة الميدانية". وشدد عمر بنيطو، محام بهيئة المحامين بمراكش، على أن كل معالجة سليمة لإشكال الاعتقال الاحتياطي باعتباره وثيق الصلة بالبعد الحقوقي لدولة القانون، لذا على الجهات الوصية أن تعتمد المقاربة التشاركية لإنتاج سياسة جنائية منسجمة مع السياسات العمومية للتقليص من نسبة الجريمة بكافة أنواعها. وأوضح حسن زرداني، أستاذ بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض، أن موضوع الندوة يأتي في سياق التحولات الكبرى، التي أخذها المشرع الدستوري على عاتقه، منذ 2011؛ لأنه يرتبط بضمانات المحاكمة العادلة"، مشيرا إلى أن نسبة المعتقلين احتياطيا مرتفعة بالمؤسسات السجينة؛ وهو ما يجعله مكلف اقتصاديا واجتماعيا، كتنقل العائلات وفراقها". ولفت الأستاذ نفسه الانتباه إلى الجانب الحقوقي في التعامل مع كل متهم، خاصة في ظل استحضار بعض الحالات التي قد تقضي ضمن الاعتقال الاحتياطي سنة كاملة، موردا أن "مثل هذه الفئة يجب عليها أن تتقدم للمطالبة بالتعويض عن الخطأ القضائي"، مطالبا بسن قانون ينزل مقتضيات الدستور على أرض الواقع، لتجاوز حالة الفراغ القانوني، في هذا الموضوع. يذكر أن هذه الندوة، التي نظمتها كل من محكمة الاستئناف وهيئة المحامين بمراكش والمرصد الدولي للأبحاث الجنائية والحكامة الأمنية، دعت الجميع إلى الإسهام والمشاركة في النقاش الذي سيفتح من جديد حول تعديل القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية. وأكدت الندوة على ضرورة مراجعة مسطرة تسليم الملتمسات المتعلقة بتعديل التشريع إلى البرلمان، مطالبة بضرورة فصل بين مسطرة التنفيذ على الإدارات العمومية وتلك المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية باعتماد إجراءات خاصة.