كشف محمد الزعري، المدير العام إنجاز البرامج- لمؤسسة زكورة، التي يرأسها جمال بلحرش، أن المنظمة تمكنت خلال عشرين سنة على تأسيسها، من إنشاء 419 مدرسة بالعالم القروي، استفاد منها ما يفوق 22 ألف تلميذ، مشيرا إلى أن الأطفال الذين يواكبون برامجها يحققون نتائج ايجابية تصل إلى 100%. وتحدث الزعري في حواره مع هسبريس، عن كون مؤسسة زكورة تتلقى 97 % من الدعم الذي تمول به برامجها من القطاع الخاص ومن المنظمات الدولية. كما عرج المسؤول نفسه، عن تصور المؤسسة لمحاربة الهدر المدرسي الذي يؤرق بال وزارة التربية الوطنية، وكذا عن الخطوات التي يمكن اتباعها لإخراج قطاع التعليم من الوضعية الكارثية التي يعيشها. كيف يمكنكم تقييم عمل مؤسسة زكورة منذ تأسيسها إلى اليوم؟ أولا، مؤسسة زكورة، تأسست سنة 1997 وهي تتمتع بصفة المنفعة العامة، وهدفها غير ربحي، تساهم في التنمية من خلال محاور أساسية تشتغل عليها، وهي الجانب التربوي، جانب تكوين الشباب ومصاحبتهم لايجاد فرص العمل، والمساهمة في ضمان استقلالية النساء من خلال برامج تكوينية ومصاحبتهن لإنشاء برامج خاصة. المؤسسة حققت مجموعة من المنجزات والتجارب الرائدة على المستوى الوطني إن لم نقل على المستوى الدولي خلال هذه المدة، حيث حققنا في برنامج التربية غير النظامية نتائج ايجابية جدا على المستوى الكمي، فهناك 419 مدرسة للتربية غير النظامية تم إنشاؤها لفائدة تمدرس ما يفوق 22 ألف طفل. وأحيطكم علما هنا، أن الأطفال الذين يرافقون هذا البرنامج يتمكنون من تحقيق نتائج جد مشرفة تتراوح بين 95% و100%، كما أعطى هذا البرنامج نتائج ملموسة والتي تظهر من خلال نسبة نجاح الأطفال في امتحانات نيل شهادة الابتدائي إذ هي نسب جد جيدة تصل إلى 97% وأحيانا 100% بحسب الجهة. وتوج هذا البرنامج، في ثلاث سنوات بإنجاز المدرسة الرقمية، إذ أن المؤسسة فكرت في إدراج المواد الرقمية كوسائل ديداكتيكية لتسهيل وثيرة تعلم الأطفال المستفيدين، وحاليا لنا توجه استراتيجي يتمثل في خلق عدد أكبر من هذه المدارس بالعالم القروي. المقاربة الثانية التي اشتغلنا عليها خلال هذه المدة، هي التنمية المندمجة للدوار، ذلك أن المؤسسة اعتمدت على مقاربة مندمجة عبر إقحام مجموعة من البرامج في مشروع واحد، تتمثل في التربية غير النظامية، محو الأمية، التحسيس الصحي، الإعداد الحرفي داخل بناية نسميها "دار الدوار" مع خلق جمعية إن لم تكن موجودة. وقد حققنا من خلالها ما يفوق 94 برنامجا على الصعيد الوطني وخلقت صدى طيبا ونتائج ايجابية. أما البرنامج الثالث، فهو "برنامج أنير"، الذي يعني بالأمازيغية الشعاع، هذا المشروع يستهدف الأطفال من خلال التعليم الأولي، ومن خلال التربية الواليدية التي تهم الآباء والأمهات وكذا الساكنة المحلية والجمعية. كما تمكنا من خلال برامجنا من مقاربة أكثر من 144 ألف مستفيد خلال هذه المدة، كما ساهمت المؤسسة في تشغيل آلاف العاطلين، حيث كنا نعمل على تكوينهم ومنحهم فرص عمل. أطلقتم مؤخرا حملة "مدرسة الأبطال".. ما فلسفتها؟ "مدرسة الأبطال" هي مقاربة جديدة قامت بها المؤسسة من أجل تعبئة موارد مالية تخول لنا خلق مدارس جديدة للتربية الأولية، وذلك عبر سفراء الذين يمكن أن يكونوا عبارة عن شركات تعبئ العاملين للمساهمة بالقدر المالي الممكن من أجل تحصيل مبلغ 30 مليون سنتيم، الذي يمكن من إنشاء مدرسة بالعالم القروي ويوفر تعليما للأطفال على مدى سنتين. كما يمكن أن يكون السفير شخصا ذاتيا يقوم بنفس الأمر، عبر تعبئة أصدقائه وأفراد أسرته لجمع المبلغ المذكور لإنشاء مدرسة بالعالم القروي. كيف حققتم هذه النتائج؟ أقصد الموارد المالية المؤسسة اعتمدت طوال هذه المدة على اعتماد مقاربة تتمثل في تعبئة مجموعة من الشركاء، إذ أنه على المستوى الوطني، تستفيد من دعم القطاع الخاص، ثم شركاء أجانب من منظمات دولية قامت بتمويل برامجنا تأتي في مرتبة ثانية، ثم القطاع العام حيث تم الاستفادة من بعض المنح وإن تبقى ضئيلة مقارنة مع باقي الشركاء. وإذا أردنا أن نتحدث بلغة الأرقام، فإن مساهمة القطاع الخاص والشركاء الأجانب بلغت نسبة 97 في المائة، بينما لم يتجاوز القطاع العام نسبة 3 في المائة. طيب، كيف تواجهون مشكلة الهدر المدرسي الذي عجزت الوزارة الوصية على وضع حد له؟ من خلال تجربتنا بالعالم القروي، والتي حققنا فيها نتائج ايجابية جدا، يتبين أنه لمحاربة الهدر المدرسي، وجب وضع عامل الثقة في الساكنة والتواصل الدائم معهم، ذلك أن الثقة والتواصل عاملين مهمين. نحن نقوم منذ بداية المشروع بتأسيس علاقة ثقة وتواصل ووضوح مع الساكنة، كما نعمل على إشراكهم وإشراك المستفيدين والآباء والأمهات، إذ أنهم يختارون مقر المدرسة، توقيت الدراسة، العطل الأسبوعية والسنوية، الحاجيات، كما نعقد اجتماعات شهرية للتبع، ونجعلهم شريكا محوريا في الدوار، ناهيك عن كون المنشط التربوي فهو من ساكنة المنطقة، ما يمكن من كسر حواجز التواصل معهم لكونه شخصا ليس بالغريب عنهم. هذه الأمور تخول الجاذبية لبرامجنا وفعاليتها، وبالتالي يستمر الأطفال طيلة فترتها ونحقق نسب جد جيدة في محاربة الهدر المدرسي التي لا تتعدى 5 في المائة وهي نسبة متحكم فيها. تعتمدون في مقاربتكم على اللغة الأم، هل تعتقدون أنها ناجعة في العملية التربوية؟ نحن داخل المؤسسة، وفي إطار مقاربتنا البيداغوجية لم نأت بشيء جديد، نحن استفدنا من تجارب لخبراء مغاربة وأجانب، وهي مقاربة يتأكد فيها استعمال اللغة الأم سواء دارجة أو أمازيغية، ريفية، تشلحيت أو تمازيغت، في ممر لغوي يخول للطفل الارتياح في عملية التواصل والتفاهم بينه وبين المنشط والأستاذ خاصة في الجانب النفسي. فاعتماد هذه المقاربة تجنبهم الوقوع في شرخ خاصة إن كان يتحدث اللغة الأمازيغية ويصطدم بلغة لم يسمع بها مسبقا في المنزل، وبالتالي نحن نمهد له في ممر لغوي الذي نعتبره فترة انتقالية لا أقل ولا أكثر، يمر فيها الطفل بسلاسة وتدرج إلى تعلم اللغة العربية الفصحى والفرنسية، وهذا ثابت علميا وبيداغوجيا من طرف الخبراء الذين أكدوا بكون اللغة الأم تساهم في التعلم في فترة انتقالية وتمكن من اللغة العربية. وبالتالي، أؤكد هنا على أن أطفالنا ينجحون في تعلم اللغة العربية الفصحى منذ السنة الأولى، ويجتازون امتحان نيل شهادة التربية غير النظامية ويتمكنوا من الإجابة باللغة العربية الفصحى على أسئلة الامتحان وينجحون بنتائج جد مرضية. اليوم وضعية التعليم جد متدهورة، والكل ينادي بإصلاح القطاع. من خلال تجربتكم، ما الوصفة السحرية التي تقدمونها لإنقاذه؟ لا يمكن الحديث عن وصفة سحرية كما قلتم، بقدر ما هي إجراءات يجب اتباعها من أجل انقاذ الوضع الكارثي الذي بات عليه القطاع بشهادة الجميع. من خلال تجربتنا يمكن أن نتحدث هنا على أربعة نقط أساسية، تتمثل في أجرأة البرامج والاستراتيجيات والتصورات، إذ لا يجب أن تبقى حبرا على ورق، فعلينا الانتقال الى الأجرأة والعمل بأهداف واضحة وبتعبئة لكل الفاعلين، ذلك أنه لا يجب أن نمر من الميثاق الوطني ونحدد أهدافه دون أن تتم أجرأتها. كما تعلمون، وضع برنامج استعجالي لم نحقق فيه نتائج كبيرة، والآن هناك استراتيجية جديدة، لذلك أعتقد أنه يجب أجرأتها من أجل هذه الأهداف. كما أنه لا يجب أن نكتفي بالأجرأة فقط، وإنما يجب تتبع البرامج والوقوف كل سنة على تقديم الحصيلة الخاصة بها. فمثلا تم وضع استراتيجية 2015-2030، وقد مرت عليها ثلاث سنوات، الآن يجب أن نجلس للطاولة ونتدارس ما تم انجازه وما فشلنا فيه، مكامن الضعف والقوة، لأن التتبع يخول لنا الوقوف على مدى التقدم في تنزيل البرنامج. ينضاف إلى ذلك، من وجهة نظري، تكوين العنصر البشري، يجب أن تكون هناك تكوينات بطرق جديدة ومدهم بتقنيات وقدرات جديدة، وبالتالي لا يكفي وضع مشاريع طموحة دون تكوين العنصر البشري وتأهيله، وهذا لا يعني أننا نمدها بتقنيات تربوية وتقنية بيداغوجية فقط وإنما تغيير تمثلات بعض العقليات وتغيير عقلية المقاومة، لأن الوقت لا يسمح لنا العمل بنفس منطق وعقلية أمس، اليوم هناك حاجيات للساكنة على مستوى التربوي والتعليمي تتطلب منا العمل أكثر. وضمن هذه الإجراءات، أعتقد أنه حان الوقت لإعادة النظر في دور المجتمع المدني، وذلك عبر وضع الثقة فيه ومنحه امكانيات الاشتغال، لأن الدولة لا يمكنها القيام بكل شيء وهذا بشهادات وزراء تعاقبوا على ووزاة التربية الوطنية. هناك حاجيات تراكمت منذ الاستقلال إلى الآن، والدولة لا يمكنها لوحدها تجاوز ذلك، وبالتالي اليوم من المفروض على المجتمع المدني أن يلعب دوره المناسب، وعلى الجهات الوصية أن تثق فيه وتمنحه دورا واضحا وتعمل على دعمه وتمويله، فهناك فعاليات جمعوية يمكن أن تخلق الفارق بحكم خبرتها وتخصصها والنتائج التي راكمتها، وبالتالي فإنه بتمويل الجمعيات والثقة فيها أعتقد أنه يمكن تسريع وثيرة الرفع من جودة التعليم بشكل ايجابي يرضي الجميع. الآن، بعد 20 سنة لمؤسستكم، ما هي تصوراتكم المستقبلية؟ بالنسبة لاستراتيجية مؤسسة زكورة، نحن رسمنا توجها استراتيجيا 2017-2020، ولنا خارطة طريق واضحة ترتكز على محور الاستمرار في الشق التربوي من خلال البرامج التربوية الأولية والتربية الواليدية، الدعم التربوي، التربية غير النظامية خاصة الرقمية، وكذلك الإعدادية الرقمية وسنواصل هذا العمل لأن هناك حاجيات كبيرة في السلك الإعدادي. كما لنا برامج ضمن محور التشغيل، سنواصل العمل عليها وتطويرها، وهي برامج تهم التكوين ومصاحبة الشباب لضمان فرص شغل قارة وجيدة لهم، إلى جانب محور المقاولة الاجتماعية خاصة بالعالم القروي، نأخذ فيها بعين الاعتبار مقاربة النوع، والواقع المحلي مع الشركاء المحليين لخلق برامج تراعي الخصوصية المحلية للعالم القروي. هناك أيضا محور تقوية القدرات سواء الخاصة بالمجتمع المدني والمؤسسات والمنظمات التي تشتغل في القطاع التنموي والتربوي. نحن داخل زكورة، لنا أهداف دقيقة ونتائج منتظرة تحاول المؤسسة تعبئة شركاء وممولين لتحقيق نتائجها والمساهمة في التنمية المحلية على مستوى جميع جهات المملكة والعمل من جهتنا ومن خلال دورنا التربوي على تنمية بلادنا.