من يسعى إلى الاستيلاء على نادي الصحافة.. الفكرة الجميلة التي سعى ثلة من خيرة الصحافيين المغاربة إلى إخراجها إلى أرض الواقع في فترة سياسية خاصة جدا عرفت بداية الانفراج والنقاش، وكان لتأثير القلم والصوت والصورة دور كبير في إغناء هذا الفترة الحاسمة في تاريخ المغرب السياسي والإعلامي. نادي الصحافة لم يكن فكرة فقط... كانت قفزة إعلامية حقيقية... وأسمح لنفسي بأن أصفها بلحظة رومانسية في مجال عرف عنه إعمال العقل والتعبير بكل حرية... من سوء حظ هاته الفكرة أنها لم تأت في عصر مواقع التواصل الاجتماعي هذا، وإلا كانت قد أخذت حقها من الانتشار والتأثير.. من يعرف من جيل اليوم حكاية نادي الصحافة؟ لا أحد.. وهذا خطأنا جميعا نحن الذين عشنا لحظات التأسيس ونحن نتلمس خطواتنا الأولى في هذه المهنة، إلى جانب شخصيات حقيقية أفنت عمرها في إغناء هاته المهنة وما زالت إلى اليوم تعد في خانة المؤسسين الحقيقيين للعمل الصحفي ككل؛ حتى وإن توارى بعضها بفعل عوامل متعددة إلى الوراء وآخرون ما زالوا يكابدون ويناضلون في سبيل البقاء. لم يكن نادي الصحافة فكرة للاسترزاق وللظهور، ولا طريقا للوصول إلى أهداف معينة.. أراده الصحافيون مكانا لهم للتعبير في مختلف القضايا التي تهم المغرب في مختلف المجالات.. كنا نحلم بأن يكون كنادي الصحافة عند تجارب دول وازى التطور الديمقراطي فيها المجال الإعلامي كذلك.. نحن مطالبون اليوم بأن نعيد إلى هذه الفكرة التي بدأت قوية ثم دخلت عالم النسيان إلى الطريق الصحيح.. نحن كلنا مسؤولون عن وضعيته الحالية بدون استثناء. . وهي وضعية سريالية غير مفهومة، خصوصا عند فئة مجتمعية تعتبر نفسها مؤثرة في الرأي العام ومدافعة عن مغرب متعدد بكل ما في الكلمة من معنى سياسي وفكري وثقافي.. أستسمح أساتذتي الإعلاميين الكبار إن نحن فشلنا في الحفاظ على شرارة فكرة بدأت نبيلة وذات مصداقية عالية، ولن أسمح إن بدا للبعض أنه يمكن الالتفاف على الفكرة الجميلة، بعيدا عن روح الديمقراطية التي اعتبرت دعامتها الحقيقية... ليس بتلك الطريقة... هناك أساليب أخرى لإعادة الحياة إلى نادي الصحافة لعل أهمها المصداقية والشفافية... لا يمكن أن نعطي الدروس للمجتمع كافة بدون استثناء، ونخطئ نحن في أول درس في الإملاء الديمقراطي.. نادي الصحافة بالمغرب ربما فكرة جاءت قبل وقتها، ربما أصحابها والذين أسهموا في تأسيسه جاؤوا قبل وقتهم كذلك؛ لكنها فكرة دخلت السياق السياسي والإعلامي لبلد كان يستعد لدخول مرحلة جديدة في تاريخه المعاصر.. نادي الصحافة كفكرة وكعمل يجب أن يعود إلى الواجهة في سياق قانوني واضح، وللجيل الجديد من أهل المهنة أن يكون له دور في إعادة الحياة إليه.. أما الركوب على تاريخ الآخرين فسقطته ستكون بلا شك مؤلمة ومدوية..