شهد المغرب بعد حراك 20 فبراير انتشارا وتكريسا واسعا لخطاب سياسي شعبوي، كثر الحديث بشأنه بين استحسان البعض الذي يصفه بالخطاب الصادق القريب من الشعب، والبعيد عن حديث النخب الذي يفتقد للغة التواصل الشعبي، وبين انتقاد عدد من المحللين الذين يعتبرونه مجموعة أفكار سطحية، هوجاء وتفتقر للمنطق العلمي والواقعي؛ بل ويعتمد لغة سياسية تصل في أحيان كثيرة إلى السباب والشتم البذيء. هي ظاهرة لم تخل منها حتى الدول العظمى، فالولايات المتحدةالأمريكية عرفت وصول «دونالد ترامب» إلى كرسي الرئاسة، مستخدما خطابا شعبويا مكنه من استقطاب أغلبية الناخبين الأمريكيين للتصويت عليه. وحتى بريطانيا بدورها عرفت نجما للشعبوية يدعى «بوريس جونس»، وهو يشغل حاليا منصب وزير الخارجية، ساهم في حشد التأييد للتصويت على اتفاق "بريكست" الذي يقضي بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي البريطاني. ويأتي أصل "الشعبوية" من الترجمة الحرفية للفظة Populism المشتقة من الشعب (People)، وهي تعبّر عن أيديولوجيا أو فلسفة سياسية-اجتماعية تنحو تجاه تقديس الشعب واعتباره مستودع الحكمة، وتعتبر أن إجماعه على رأي يعني استحالة خطئه. وتقدّم "الشعبوية" نفسها كخطاب يتصدى لهيمنة "النخب"؛ حينما تستخدم مفردات تؤكد على انتمائها إلى الشعب وأنها لن تتجاوزه باعتباره مصدرا للإرادة الحرة واتخاذ القرار؛ كما كونها تواجه النخب التي تحتقر الجماهير. وعلى نقيض الشعبوية، يقبع الخطاب العلمي المبني على الحقائق والبيانات والأرقام، الذي يسعى إلى الاستدلال بناءً على مقدّمات منطقية سليمة وذات أساس موثوق، لكنه في الوقت ذاته لا يجد الاحتفاء ذاته والقبول لدى الجمهور. وبعد أن عاش المغاربة سياقا سياسيا مختلفا عن سنوات التسعينيات وعشرية الألفية الأولى، تميز بدعابات بنكيران، وضجيج العماري، ومشاكسات شباط وأحلام لشكر؛ عادت ظاهرة الشعبوية المغربية إلى التراجع بعد تنصيب حكومة العثماني التي ضمت أسماء لا يكاد صوتها الخافت يسمع لدى المواطن المغربي. ولتسليط الضوء على ظاهرة الشعبوية السياسية وإخضاعها للتدقيق والتشريح، ينظم مركز هسبريس للدراسات والإعلام يومه الجمعة 14 يوليوز، على الساعة السادسة مساء، ندوة في الموضوع، بمشاركة كل من الدكتور محمد جبرون، الباحث في التاريخ الإسلامي والأستاذ في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، والدكتور محمد الهاشمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أبو شعيب الدكالي بالجديدة، والدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين في أبوظبي. تجدر الإشارة إلى أن متابعة "ندوة هسبريس" ستكون متاحة بالصوت والصورة على موقع هسبريس الإلكتروني، كما سيتم نقل أطوار الموعد باعتماد "تقنيّة المباشر" على صفحة هسبريس بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والقناة الرسمية لجريدة هسبريس الإلكترونية ب"يوتيوب"، ابتداء من السادسة من مساء هذا اليوم.