حسم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، مسألة التمديد له لولاية ثالثة خلال المؤتمر المقبل المزمع عقده شهر دجنبر المقبل، إذ لم يُبد أي اعتراض على ذلك رغم أن القانون الأساسي للحزب لا يسمح، في وقت ظل قادة "البيجيدي" يرددون دائماً أن حزبهم من الأحزاب الأكثر ديمقراطية ويحترم قوانينه الداخلية. فالمرحلة الحالية، حسب قواعد الحزب "المتمردة" على سعد الدين العثماني، تعتبر عودة بنكيران إلى الواجهة السياسية أكثر ملحاحية بعد الخسائر التي لحقت به على مستوى المواقف السياسية عقب إعفائه من تشكيل الحكومة. وتنص المادة ال16 من النظام الأساسي للحزب على أنه "لا يمكن لعضو أن يتولى إحدى المسؤوليات الآتية لأكثر من ولايتين متتاليتين كاملتين: الأمين العام، رئيس المجلس الوطني، الكاتب الجهوي، الكاتب الإقليمي، الكاتب المحلي"، ورغم ذلك فإن بنكيران مهد الطريق بعد اجتماع للأمانة العامة للحزب، خصص للاستعداد للمؤتمر المقبل، للظفر بولاية ثالثة عندما قال وهو يُبرر دينياً خرقه للقانون: "الله تعالى حتى في الأمور المحرمة ربط بعض الأمور بالاضطرار"، مضيفاً: "إذا لم يضطر له الإخوان، أما أنا فلا أطلب من أي أحد في الكرة الأرضيّة أو أي أخ أو أخت أي شيء، باستثناء الرحمة والاستغفار من الله". PJD و"الزعامات الخالدة" اضطر حزب العدالة والتنمية إلى عقد مؤتمر استثنائي أواخر ماي 2016، أي أشهرا قليلة على الانتخابات التشريعية الماضية، للتمديد لزعيمه لعام إضافي بعد انتهاء ولايته، ليتولى رئاسة الحكومة في حالة تصدر حزبه الانتخابات، وهو ما حصل، قبل أن يفشل في ذلك، ويعين الملك محمد السادس سعد الدين العثماني مكانه. عبد الرحيم العلام، المحلل السياسي والمتتبع للشأن الحزبي، قال إن بنكيران حاول وهو يبرر الدوافع التي قد تجعله يعود إلى كرسي الأمانة العامة، ربط استمراره بالظرفية الصعبة التي يعيشها الحزب، دون أن يعبر عن رغبته بشكل واضح في ولاية ثالثة، "حتى لا يُقال يوم ما إنه انقلب على الأعراف والقوانين، مراهنا على التمسك به من طرف قواعد الحزب". وأوضح العلام في تصريح لهسبريس أن الأصوات المطالبة باستمرار بنكيران على رأس الحزب "تؤمن بأنه لا يوجد بينها من يستطيع مواجهة ما يسمى "التحكم"، خصوصا بعد "الضعف الذي أبداه العثماني في تسيير الحكومة في الأشهر الماضية"، مشيرا إلى أنه بدون بنكيران على رأس الحزب "سيكون موقع البيجيدي في الحكومة ضعيفاً، وسيواصل تنازلاته، وربما يتلاشى ليقع له كما وقع لحزب الاستقلال، وحزب الاتحاد الاشتراكي". وأورد العلام أن ما وصل إليه العدالة والتنمية اليوم يعود بالأساس إلى "الأخطاء التي ارتكبها سالفاً عندما قام بشخصنة التنظيم في مراحل مهمة من تاريخه، حتى أصبح بنكيران هو قوته الضاربة، خصوصا في السنوات الخمس الماضية". وما زاد ذلك، حسب المتحدث ذاته، "هو ضعف شخصية العثماني حتى عندما كان أمينا عاماً للحزب أو رئيساً حالياً للحكومة". من جهته، يرى المحلل السياسي رشيد لزرق أن تشبث بنكيران بولاية ثالثة "يعكس عقليته المتسلطة والتحكم في دواليب الحزب، وهو ما من شأنه أن تكون له تداعيات على مؤسسة رئاسة الحكومة، لأن الخلخلة التي يعرفها الحزب ستجد صداها في التحالفات الحكومية أيضا". وتوقع لزرق أن يشهد المؤتمر الوطني الثامن للحزب الحاكم صراعا بين جناح العثماني، المستفيد من كعكة الحقائب الحكومية من جهة، وبين جناح بنكيران، الرافض لعزل الأمين العام من جهة ثانية، ما يجعل مستقبله يدخل في مرحلة مفصلية قد تؤدي إلى تقزيم دوره في المشهد السياسي، ولكن ليس الانشقاق كما وقع لبعض الأحزاب. وزاد بأن مقارنة "البيجيدي" بالاتحاد الاشتراكي "أمر خاطئ"، لأن الأخير كان بمثابة جبهة تضم "الاشتراكيين والقوميين والحداثيين والديمقراطيين، أما العدالة والتنمية فجوهره ديني يعتمد على جناحه الدعوي المتمثل في شيوخ حركة التوحيد والإصلاح التي تُحدد مستقبله"، حسب تعبيره.