في أحد المسالك الوعرة قرب مدينة الرشيدية، توقفت عدسة كاميرا المخرج المغربي عز العرب العلوي لرصد معاناة حراس المعتقل السري "تازمامارت"، الواقع في إحدى المناطق القروية المجاورة. "دوار البوم"، الذي يستعد لدخول القاعات السينمائية، يصور المعاناة النفسية لحراس تازمامارت، المعروف ب"غواتانامو" المغرب. ويعتبر العلوي أن حراس ذلك المكان السري ذاقوا بدورهم معاناة حقيقية، قبل أن يشبههم بالمعتقلين، لاسيما أنهم قضوا سنوات طويلة هناك. الفيلم، الذي حظي بدعم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوضح مخرجه أنه "يندرج ضمن الإستراتيجية الإخراجية التي تمنح الأولوية للقضايا الإنسانية والذاكرة الوطنية"، مؤكدا أن "دوار البوم" استمرارية لفيلمه "أندرومان.. من دم وفحم"، الذي سلط من خلال الضوء على المهمش والمسكوت عنه، والذي استقاه أيضا من واقع عايشه إبان طفولته. وترتكز قصة الفيلم على البطل "سعيد"، وهو رجل بسيط لم ينل حظه من التمدرس، يقضي حياته في التناوب مع حراس السجن الآخرين على بوابة المعتقل، كما يساعده فقيه الدوار على دفن الموتى.. يحب سعيد عمله بحماس ويدافع عنه ويؤكد على وطنيته بحراسة من يعتقد أنهم يشكلون خطرا على أمن الوطن، غير أن قناعته ستصطدم بمأساة الفقيه، ليدرك في الأخير أن "دوار البوم" ما هو في حقيقة الأمر إلا سجن كبير يحتجز الجميع حراسا ومعتقلين. وأدى دور البطولة في الفيلم الممثل المغربي الشاب أمين الناجي، إلى جانب الممثلة نعيمة المشرقي، بالإضافة إلى ثلة من الممثلين المغاربة، كمحمد الزين وجمال العبابسي وحسن بديدا وكمال كاظيمي. تجدر الإشارة إلى كون الفنانة ثريا جبران، وزيرة الثقافة السابقة، كانت من أهم الوجوه السينمائية التي أبدت موافقتها على المشاركة في مشروع الفيلم، إلا أنها تراجعت عن أداء الدور الذي كانت ستشخص فيه أم أحد سجناء المعتقل السري، وهو ما كان سيعيدها إلى ساحة الممارسة الدرامية والسينمائية المغربية بعد اعتزالها ممارسة السياسة.