في خضم الجدل الدائر بشأن ملف سعيد شعو، النائب البرلماني السابق المقيم بهولندا الذي تتهمه السلطات المغربية بالوقوف وراء "تأجيج الاحتجاجات بالريف"، نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، المتخصصة في الشؤون الإفريقية، نسخة من مذكرة بحث دولي صادرة في حقه سنة 2015 بتهمة التهريب الدولي للمخدرات، إلى جانب معطيات مثيرة حول "تخطيطه لمشروع يجعل المناطق الشمالية في المملكة مستقلة عن الدولة المغربية". المذكرة الدولية حاملة لتاريخ 19 ماي 2015، صادرة عن قاضي التحقيق المكلف بالغرفة الرابعة في محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، تتهم شعو ب"تكوين عصابة إجرامية والارتشاء والاتجار الدولي بالمخدرات"، وتدعو كل أفراد القوات العمومية إلى "توقيفه وإيداعه سجن الدارالبيضاء إلى أن يصدر ما يغير هذا الأمر". وبعد غيابه عن الواجهة طيلة السنوات الأخيرة الماضية، برز اسم شعو من جديد في ارتباط مع حراك الريف، المنطقة التي رأى بها النور سنة 1967، غير أن اتصاله بهذا الحراك القائم منذ ما يناهز ثمانية أشهر لم تسلط عليه الأضواء إلا عند بروز توتر في العلاقة بين الدبلوماسية المغربية، التي طالبت بتسليمه للرباط، ونظيرتها الهولندية، التي انتقدت طلب المغرب ووصفته ب"غير المجدي" بعد أشهر من التفاوض. وتناول المصدر الصحافي الفرنسي معطيات حول أنشطة شعو في هولندا، مبرزة أن المبحوث عنه من لدن السلطات المغربية هاجر إلى هولندا في الثمانينيات من القرن الماضي وجمع ثورة مهمة من أنشطة الاتجار بالمخدرات، وافتتح إلى جانب ريفيين آخرين عددا من المقاهي المخصصة لتدخين أنواع الحشيش بمدينة روزندال الهولندية، قبل أن يعود إلى المغرب سنة 2000 للاستثمار في السياحة ودخول غمار السياسة. وبعد فشله في إنهاء ولايته البرلمانية التي فاز بها سنة 2007 عن حزب العهد، بسبب مذكرة اعتقال صدرت في حقه، سيقوم إلى جانب صديقه نجيب زعيمي المستقر بالناظور، إلى حدود سنة 2010، بعدد من عمليات تهريب المخدرات بين المغرب وأوروبا، كتلة الواحدة منها تقدر بين 3 آلاف و3 آلاف و200 كيلوغرام. وفي سنة 2010 سيعود شعو إلى الاستقرار بصفة نهائية في هولندا بعد أن "حجزت سلطات مدينة الناظور شحنة مخدرات تزن 7.5 أطنان كانت معدة للتهريب إلى أوروبا من طرف الرجلين"، وهي العملية التي أدت إلى اعتقال شخصين، فيما نجح شعو في الوصول إلى هولندا مستغلا عدم وجود اتفاقية قضائية بين المغرب وسلطات الأراضي المنخفضة لتسليم حاملي الجنسية الهولندية المطلوبين قضائيا في المملكة. وأفادت المجلة الفرنسية بأن شعو سيتبع نهجا راديكاليا بعد ذلك؛ بحيث سيؤسس سنة 2014 "حركة 18 شتنبر" للمطالبة ب"استقلال الريف"، وسيجمع من حوله عددا من النشطاء الريفيين المقيمين بمختلف الدول الأوروبية، "واعدا إياهم بإحداث حكومة ريفية في المنفى" و"جمعية تأسيسية تضم ممثلي مختلف قبائل الشمال المغربي"، وفق المجلة الفرنسية. وبهدف تحقيق هذه الأهداف، أوردت "جون أفريك" أن شعو يمول قناة تلفزيونية تسمى "أنوال تيفي" وموقعا إلكترونيا للقيام بالدعاية لمشروعه "الذي يهدف إلى مضاعفة الواقفين وراءه عبر التقرب من عدد من الصحافيين والنشطاء الجمعويين في أوروبا". وبعد حادث الوفاة المأساوي ل "سماك الحسيمة" محسن فكري، في 28 أكتوبر من العام الماضي، داخلة آلة ضغط خاصة بشاحنة للنفايات، "سيدخل شعو على الخط باقتراحه، على عدد من نشاط الحراك، التمويل اللوجستيكي لهذا الأخير، وهو ما أكده عدد من الموقوفين على خلفية احتجاجات الحسيمة خلال جلسات التحقيق معهم"، يورد المصدر نفسه. وسبق لوزارة الخارجية أن أصدرت بيانا رسميا، السبت الماضي، أفادت فيه بأن "المهرب المذكور صدرت في حقه مذكرتا بحث دوليتان، إثر تبليغ عنه من طرف العدالة المغربية، بسبب تكوين عصابة إجرامية منذ سنة 2010، والاتجار الدولي بالمخدرات منذ سنة 2015"، مشيرة إلى أنه "تم إرسال معلومات دقيقة إلى السلطات الهولندية تفيد بتورط المهرب المذكور في تمويل وتقديم الدعم اللوجستيكي لعدد من الأوساط شمال المملكة". وزاد البلاغ أن "المغرب، الذي كان دائما متعاونا في مجال مكافحة المخدرات، وبطلب ملح من الاتحاد الأوروبي وهولندا، لن يسمح بأن يحظى مهرب مخدرات بوضعية خاصة تسمح له بإعادة خلق ظروف ملائمة لأنشطته الإجرامية"، مبرزا أن "المغرب أوضح للسلطات الهولندية ضرورة اتخاذ تدابير ملموسة وعاجلة ضد هذا المهرب الذي يرتزق من الاضطرابات". إلا أن ردا مشتركا لوزارتي الخارجية والعدل الهولنديتين، وصف بغير المتوقع، سجّل أن "هولندا مصممة، الآن وفي المستقبل، على التعاون بفاعلية مع المغرب في إطار الاتفاقات الدولية وفي إطار احترام دولة القانون"، وأضاف أن "البيان المغربي غير مفهوم وغير مجد".