(الأوباش، الناضور، الحسيمة، تطوان، القصر الكبير، الأوباش، العاطلين اللي عايشين بالتهريب وبالسرقة، واستعملوا فمراكش كما هو الشأن عند جميع المشاغبين ، استعملوا الدراري الصغار هوما الاولين زيدوهوم فالمظاهرات) … هكذا تكلم المغفور له الحسن الثاني في خطابه الشهير يوم 22 يناير سنة 1984 ، كان غاضبا ومتجهما وكانت قسمات وجهه حادة ورهيبة ، ولكنه رغم ذلك لم يسقط في التعميم بل استطاع ان يحدد بدقة من هم الأوباش الذين يقصدهم بالضبط ، وهم بعض الأشخاص العاطلين الذين يشتغلون بالتهريب والسرقة في مدن الناضور ، الحسيمة ، تطوان ،القصر الكبير، إضافة إلى مراكش . ولكن لماذا يصر سكان الريف على الوقوف عند ويل للمصلين ؟ لماذا يصرون على الوقوف عند جملة (الأوباش ، الناضور ، الحسيمة ، تطوان ،القصر الكبير) ولا يتجاوزونها إلى ما يليها من الكلمات التي تحدد بالضبط والتفصيل من هم الأوباش ؟ لماذا يصرون على القول إن هذا الخطاب كان موجها إليهم خصيصا والحقيقة أنه كان موجها كذلك إلى سكان مراكش وإلى المغاربة بصفة عامة ؟ لماذا يصرون على التباكي والظهور بمظهر الضحية الوحيدة لسنوات القمع والرصاص ؟ لماذا يتجاهلون أن جميع المناطق المغربية نالت نصيبها من القمع وانتهاكات حقوق الانسان ؟ مثلا احداث الدارالبيضاء 23 مارس1965 و20 يونيو 1981 ؟ هل فعلا كان سكان مدن الناظور ، الحسيمة ، تطوان ،القصر الكبير كلهم عاطلين يعيشون على التهريب والسرقة حتى يشعروا أن هذا الخطاب موجه إليهم جميعا بدون استثناء ؟ أليس هذا النوع من الأشخاص المهربين واللصوص مجرد أقلية قليلة يمكن أن تتواجد كذلك في جميع المناطق المغربية ؟ لماذا يصرون على أنهم الضحية الوحيدة للتهميش في المغرب ؟ ألا توجد مناطق أخرى في المغرب تعاني من التهميش والفقر أكثر من مناطقهم؟ إن كل من يدعي أن الحسن الثاني وجه الخطاب المذكور خصيصا إلى سكان الريف ، وأنه وصفهم جميعا بالأوباش إنما يتعمد تغليط الرأي العام ،وكل من يصر على اجترار وتحريف مثل هذه الوقائع التاريخية المرتبطة بسنوات القمع والرصاص ،لا يريد سوى استغلال سذاجة المتظاهرين والمحتجين من أجل فتح الجراح وتأجيج مشاعر الكراهية بين الشعب المغربي وقيادته ، لقد انتهى عهد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، انتهى عهد إطلاق الرصاص على المتظاهرين رغم أنهم في بعض الأحيان يحملون السلاح ويستعملونه ضد رجال الأمن ، والسلاح كما هو معرف في الفصل 303 من القانون الجنائي لا يقتصر على الأسلحة النارية والمتفجرات ، ولكنه يعني كذلك كل الأجهزة والأدوات أو الأشياء الواخزة أو الراضة أو القاطعة أو الخانقة . يجب على جميع المتظاهرين الذين يقذفون رجال الأمن بالحجارة ،أن يعرفوا أنهم يرتكبون جناية حمل واستعمال السلاح من أجل العنف والإيذاء ضد موظفين عموميين أثناء قيامهم بوظائفهم طبقا للفصول 263-267 وخاصة الفصل 267 من القانون الجنائي ، وعقوبتها تتراوح بين الحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاثين سنة حسب خطورة الجراح والإصابات وقد تصل إلى الإعدام إذا ترتب عن العنف موت مع توفر نية إحداثه ، نحن نساند جميع المغاربة في جميع المناطق المغربية الذين يطالبون بنصيبهم من التنمية ، ولكننا كذلك نرفض استعمال العنف في المظاهرات والاحتجاجات سواء كان ماديا او معنويا ، وبقدر ما نرفض استعمال العنف من طرف رجال الأمن ضد المتظاهرين السلميين ، نرفض كذلك إهانة موظفي الأمن الوطني بالعنف المادي والمعنوي . وفي الختام نستنتج أن مفهوم الأوباش في قاموس الحسن الثاني ليس لصيقا باللصوص والمهربين من سكان الريف وحدهم دون غيرهم ،ولكنه لا يختلف كثيرا عن مفهوم هذه الكلمة في معجم المعاني الجامع وهو سفلة الناس ، وطبعا لا يخلو منهم أي مجتمع فوق هذه الكرة الأرضية ، الله يهديهم ويصلح أحوالهم.