افتراءات وزير سابق عن المغرب وفرنسا وإسبانيا وأمريكا في قضية الصحراء    شريط سينمائي يسلط الضوء على علاقات المملكة المغربية والولايات المتحدة منذ مستهل التاريخ الأمريكي    الشرادي يكتب : عندما تنتصر إرادة العرش والشعب دفاعا عن حوزة الوطن وسيادته        بالصور: تفاصيل احتفاء أسرة الأمن الوطني بأبنائها المتفوقين دراسيا ورياضيا وفنيا    حكيمي ممثل المغرب في جائزة الأفضل    حالة ان.تحار جديدة باقليم الحسيمة.. شاب يضع حد لحياته شنقا    بمناسبة عيد الاستقلال.. توزيع حافلات للنقل المدرسي بإقليم الحسيمة    العراقي محمد السالم يعود لجمهوره المغربي بحفل كبير في مراكش    إنقاذ سائح وزوجته الألمانية بعد محاصرتهما بالثلوج في أزيلال        مصرع 4 أشخاص في حادث سير مروع    المغنية هند السداسي تثير الجدل بإعلان طلاقها عبر "إنستغرام"    مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب    تصعيد الأطباء يشل الحركة في المستشفى الحسني والمراكز الصحية بالإقليم        الحزب الحاكم في السنغال يستعد للفوز    بريطانيا تفرض عقوبات جديدة ضد إيران    الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة        دراسة: البحر الأبيض المتوسط خسر 70 % من مياهه قبل 5.5 ملايين سنة    رابطة ترفع شكاية ضد "ولد الشينوية" بتهمة الاتجار بالبشر    هذه هي المنتخبات التي ضمنت رسميا التأهل إلى "كان المغرب" 2025    أجواء غير مستقرة بالمغرب.. أمطار وزخات رعدية وثلوج ابتداءً من اليوم الإثنين    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    فتح باب الترشح لجائزة "كتارا للرواية العربية" في دورتها الحادية عشرة    انطلاق مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية وسط أجواء احتفالية تحت شعار " الألعاب الشعبية الدولية تواصل عبر الثقافات وتعايش بين الحضارات"    الداخلية الإسبانية تبرز دور فريق الوقاية المدنية المغربي في جهود الإغاثة في فالنسيا    محامي حسين الشحات: الصلح مع محمد الشيبي سيتم قريبا بعد عودته من المغرب    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    المغرب يرسل أسطولا إضافيا يضم 12 شاحنة لدعم جهود تنظيف قنوات الصرف الصحي في فالنسيا    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى ستذعن قطر، وهل ستذعن قطر؟
نشر في هسبريس يوم 19 - 06 - 2017

تدخل أزمة الخليج الكبرى أسبوعها الثالث بلا حلحلة جدية تلوح في الأفق، ومع تلاطم الأمواج في المياه الإقليمية القطرية جراء التمارين الحربية التي أجرتها البحرية الأمريكية مع صنوتها في قطر، ما زالت أمواج الخلاف القطري السعودي تتلاطم في الخليج العربي؛ بل هي تمتد عبر المحيطات في اتجاه كل العالم، لكي تصبح قضية دولية بامتياز.
مع مرور الأيام، اتضح أن محور السعودية وتوابعها استخدم كل أوراقه الإستراتيجية منذ اليوم الأول، بينما حافظت قطر على أوراقها الرابحة، ولَم تستعمل سوى البعض منها، اعتمادا على منهج التدرج في التعاطي مع الصراع بحكمة وحنكة كبيرتين.
مجموعة من المؤشرات تؤكد أن دولة قطر استطاعت تجاوز امتصاص الصدمة والدخول إلى الخط المستقيم في مواجهتها مع السعودية بفرض وجهة نظرها القائمة، على اعتبار أن ما قام به الحلف السعودي هو تدخل في الشأن الداخلي لقطر من الناحية السياسية، وجور وظلم ذوي القربى في حق الجار والشقيق من الناحية الدينية والأخلاقية.
كان المحور السعودي يراهن على إمكانات التجاوب العربي والدولي مع إجراءاته، لما له من حظوة وتأثير على كثير من الدول، تماما كما كانت تعتمد على الجوكر الأمريكي في التصديق على إجراءاتها؛ ولكن وحده الرئيس الأمريكي من غرّد لصالح حلف السعودية، بينما فضّلت المؤسسات الأمريكية الرسمية المتمثلة في (البانتاغون) ووزارة الخارجية أن تظل داخل السرب الموالي لمبدأ المحافظة على الشراكة مع قطر واعتبارها حليفا وفاعلا سياسيا مهما في المنطقة.
وهكذا، بقدرة قادر، تحول الاحتفال بانحياز الرئيس الأمريكي إلى جانب الحلف السعودي إلى تبرير باهت للموقف الأمريكي الرسمي الذي فضّل الحياد، في انتظار لعب دور الوسيط الذي لن تسمح أمريكا لأحد غيرها بلعبه، سواء كانت الكويت أو تركيا أو فرنسا أو غيرها.
قطر، بعد تحصين نفسها بجبهة أميرية داخلية منسجمة لم يخرج منها أي صوت نشاز، عززت وسط دفاعها عن أطروحتها بلاعبين محترفين من الطراز الرفيع: الأول إيراني أسهم في التخفيف من أثر الحصار الاقتصادي، وتقديم بدائل لوجيستية بحرا وجوًا؛ والثاني تركي قدم أوراق اعتماده كحام لدولة قطر منذ اليَوْم الأول، إذ لولا تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين تركيا وقطر، وتصديق البرلمان التركي عليها بمباركة أردوغان لكان هناك درع سعودي آخر بدباباته داخل الدوحة الآن، أمام حياد القوة الأمريكية الموجودة في قاعدة العديد.
ليبقى قلب الهجوم، الذي يقوم الآن بحركاته التسخينية على استديوهات القنوات الأمريكية، والذي يشغله الشيخ حمد رئيس وزرائها السابق ووزير خارجيتها، في انتظار التحرك داخل رقعة الخليج، والجميع يعرف ما يمتلكه الدبلوماسي القطري السابق من إمكانات وقدرات على استخدام خزان من المعلومات والأسرار الاستخباراتية، لصالح الطرح القطري.
فريق قطر الدبلوماسي، الذي أظهر أنه متمرس في التعاطي مع السياسة الدولية، استطاع إقناع الكثير من الجماهير العربية والدولية بأدائه السياسي، وبالتالي سهل عليه تمرير الكثير من أطروحاته الإستراتيجية المبنية على المظلومية ومقاومة الاستكبار السعودي، ودحض تهمة رعاية الإرهاب التي حاول البعض محاصرة قطر بها.
****
ظل التعادل سيد الميدان في ملعب مجلس التعاون الخليجي 3 في مقابل 3: السعودية والإمارات والبحرين في مقابل قطر والكويت وسلطنة عمان، ولَم يتم تسجيل أي اختراق في صف الدول الخليجية الرافضة للطرح السعودي.
في جهة الجمهور العربي، ظل الحال على حاله، حلف السعودية يتكون من مصر باعتبارها طرفا غير مؤثر؛ لأن لها سوابق خلافية مع قطر، وقد استغل نظامها هذه الأزمة لتمرير قرار التخلي عن الجزيرتين لصالح السعودية بأقل الخسائر الممكنة، ثم موريتانيا التي رفض أهلها قرار قطع العلاقة مع قطر، وجزء من ليبيا يتحكم فيه الجنرال حفتر المعروف بولائه لدولة الإمارات، وقطعة صغيرة من اليمن، ودولتان عربيتان بالاسم لا صوت لهما ولا صدى ولا قيمة.
في المقابل، وعملا بمقولة (من ليس معي فهو ضدي) احتفظت قطر بجمهورها، العراق والجزائر والسودان وتونس ولبنان وفلسطين كما استقطبت المغرب الذي لم يتماهَ مع فريق السعودية في المقاطعة، وفضّل الاحتفاظ لنفسه بخصوصية حركت عليه بعض المواجع المرتبطة بقضية الصحراء التي ظهرت فجأة على قناة العربية كموضوع في تناوله الكثير من الرسائل المشفرة إلى المغرب.
أما الجماهير الدولية، فالظاهر أنها فضّلت مسك العصا من الوسط والدعوة إلى الحوار بدل الحصار، وهذا الأسلوب في حد ذاته هو موقف من الأزمة، ورفض مبطن للتوجيهات والمطالب السعودية.
بالنسبة إلى المنظمات الدولية، اتضح أن الأمم المتحدة لم تعط لموضوع رعاية قطر للإرهاب الاهتمام اللازم. كما أن الجهات الموازية للمنتظم الدولي، سواء المرتبطة بمنظمات حقوق الإنسان أو غيرها، كلها اعتبرت الفعل السعودي ضربا من ضروب المس باستقلالية الدول وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير.
في خضم هذا التخبط السعودي الإماراتي البحريني، بدأت بوادر تدوير المواقف تطفو على سطح الصراع، بالشكل الذي جعل أفق التنازلات يبدأ من الحلف السعودي، في الوقت الذي كان منتظرا أن يبدأ من قطر.
يظهر هذا في تراجع السعودية عن تجويع الشعب القطري، وعرض وزير خارجيتها لخدماته من أجل إرسال الغداء والدواء إلى قطر، وكذلك فتح المجال أمام العائلات المرتبطة والمتداخلة للتواصل، بعدما كان الأمر في الأول منعا كليا لأي اتصال، تحت طائلة العقاب القانوني، كل هذا لنزع المبرر الإنساني الذي استخدمته قطر للنيل من إجراءات الحلف السعودي وتوابعه.
هذا فضلا عن التراجع الكبير في تسمية إواليات الخلاف مع قطر، فقد قدّم الحلف السعودي في أول الأمر شروطا أو أوامر إلى قطر لتطبيقها فورا، مع الوقت أضحت هذه الشروط مطالب يجب احترامها، لينتهي الأمر عند تقديم لائحة شكاوى إلى الراعي الرسمي الأمريكي للنظر فيها وتقديمها إلى قطر.
في سياق آخر، ظهرت معطيات جديدة زادت من تهافت الطرح السعودي الإماراتي المصري، وقوت الموقف القطري، فقد تحدثت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية عن الأدوات التي تمتلكها قطر لمعاقبة دولة الإمارات من الجانب الاقتصادي، في حال عدم حصول اتفاق لحلحلة الخلاف القائم، مشيرة إلى عدم تأثر قطر بالحصار الاقتصادي المفروض عليها، لافتة إلى أن هناك الكثير من المنافذ والموانئ التي يمكن استغلالها في التجارة الخارجية لقطر. كما أن قطر قادرة على إيصال غازها إلى دول العالم عن طريق مضيق هرمز، أو عبر الموانئ العمانية بدون الاعتماد عن أنبوب الغاز الذي يمر من الإمارات.
وعليه، تقول الوكالة، إذا استمر الصراع في التصاعد، فإن السلاح الخطير لقطر هو قطع صادرات الغاز الطبيعي عن الإمارات من خلال خط أنابيب دولفين؛ وهو الأمر الذي سيلحق أضرارا كبيرة بدولة الإمارات.
في السياق نفسه، تلقت الإمارات ضربة مفاجئة أضعفت موقعها في الصراع، فقد كشفت صحيفة "يني شفق" اليومية التركية أن الإمارات أنفقت 3 مليارات دولار للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان والحكومة المنتخبة ديمقراطيًا في تركيا. كما أشارت إلى أن مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي، كشف أن بلدا مسلما أنفق 3 مليارات دولار للإطاحة بأردوغان والحكومة في تركيا، مع الإشارة إلى أن الدولة المسلمة المذكورة هي دولة الإمارات العربية المتحدة.
تدخل الإمارات بهذا الشكل في الشؤون الداخلية لتركيا لا يختلف كثيرا عن التدخل في شؤون حليفتها المباشرة في المنطقة التي هي قطر. والجميع يذكر طريقة معالجة قناة "سكاي نيوز" للانقلاب في تركيا وترحيبها الكبير به، في مقابل إدانة قناة "الجزيرة" للانقلاب ورفضها له.
وأمام حالة التخبط التي ميزت الصراع الخليجي، وفي عز الأزمة، تعلن قطر عن صفقة سلاح مع الولايات المتحدة بلغت 12 مليار دولار لشراء طائرات F15، مع التنصيص على أن قيمة الصفقة الحقيقية تصل الى 21 مليار دولار، وتشمل 72 طائرة، بتأكيد من شركة بوينغ المنتجة لها، واعتبارها صفقة مهمة جدا للحفاظ على خط إنتاج هذا النوع من الطائرات، وخلق 60 ألف فرصة عمل للشعب الأمريكي.
أمام هذه المعطيات، هل كانت النتائج المرجوة من مقاطعة قطر في مستوى تطلعات الدول المقاطعة؟
هل البدء بالشروط والعقوبات كان خطأ منهجيا وقصورا في التقدير؟
بماذا يمكن تفسير تهديد دولتي الإمارات والبحرين بسجن وتغريم كل من يتعاطف مع دولة قطر؟
هل البيان السعودي الإماراتي البحريني المتعلق بالحرص على الشعب القطري يمكن اعتباره صحوة ضمير متأخرة، أم هو مناورة سياسية مكشوفة؟
ماذا عن الشروط العشرة الصارمة والتعجيزية، التي وضعها الحلف السعودي منذ اليوم الأول؟
وهل تغيير وتلطيف المصطلحات، من شروط إلى مطالب إلى شكاوى، سيقتضي، ضرورة، تغييرا في حمولاتها؟
كيف نجحت الدبلوماسية القطرية في امتصاص كل هذا الكم من الصدمات؟
هل لعب دور الضحية كان تكتيكا سياسيا في محله، نجم عنه استدرار تعاطف كبير مع الشعب القطري؟
هل العزف على أوتار المنظمات الحقوقية الدولية كانت نتائجه محمودة؟
ماذا يحمل بيان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في طياته؟ وهل الرد السعودي الإماراتي البحريني كان مقنعا للمفوضية والمتتبعين؟
هل سقطت حركة حماس من محفظة الصراع الخليجي سهوا أم لغاية في نفس يعقوب؟
متى ستستخدم دولة قطر مخزونها الإستراتيجي المتمثل في التعامل بالمثل الاقتصادي؟
هل التخطيط الإستراتيجي القطري يذهب في اتجاه الخروج من مجلس التعاون الخليجي والالتحاق بمحور آخر ربما هو في طور التشكيل يشمل إيران وتركيا برعاية من روسيا؟
هل قطر على صواب؟
هل ستمتثل قطر للمطالب السعودية الإماراتية البحرينية؟
من المحاصِر والمحاصَر الآن في الخليج؟
متى ستذعن قطر؟
وهل ستذعن قطر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.