أدى أمير المؤمنين الملك محمد السادس، اليوم، صلاة الجمعة بمسجد باب السلام بالدار البيضاء. واستهلت خطبتا الجمعة بالتذكير بأن من آثار تدارس القرآن، في شهر رمضان، المسارعة إلى الخيرات والتنافس في الأعمال الصالحات، وفعل الطاعات، وترك المحرمات، وقد بين الله ثوابها وجزاءها، حيث قال سبحانه وتعالى: " فاستبقوا الخيرات" ، وقال عز وجل: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين". وأشار الخطيب إلى أن الله وصف عباده المومنين الخاشعين الوجلين بأنهم يسارعون في الخيرات، ويتسابقون إليها طمعا في مرضاته، وخوفا من عقابه. وسجل أن المبادرة إلى أعمال البر درجة عالية من درجات المقربين عند ربهم، في الدنيا والآخرة، وديدن أولياء الله العارفين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين أدوا الفرائض وأردفوها بنوافل العبادات والطاعات، لينالوا محبة الله ورضوانه وقربه كما جاء في الحديث القدسي "من عادى لي وليا فقد أذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يقترب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه". وذكر بأن ولاية الله لا تنال إلا بأداء الفرائض أولا، ثم النوافل ثانيا، ولحكمة بالغة جعل الله تعالى لكل فريضة من فرائض الإسلام الخمس نافلة من جنسها، لتكمل نقصها، وترفع درجة صاحبها إلى مصاف العارفين، وأولياء الله المقربين، الذين لا ترد لهم دعوة، ولا يخيب لهم رجاء. وأبرز الخطيب أن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة تحث المومنين على الجد والاجتهاد في الطاعات، حيث كان النبي يشحذ همم أصحابه، ويشعل في نفوسهم جذوة التنافس في الخيرات، ويبين لهم أن الصحة معرضة للسقم، وأن القوة يعقبها الوهن، وأن الشباب يطارده الهرم، وأن الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت". وأشار إلى أن وجوه المسابقة في الخيرات في شريعة الإسلام متعددة، لكن أعظمها أجرا ما عاد نفعه على عباد الله كالإنفاق في سبيل الله، ولذلك حث القرآن الكريم عليه في كثير من الآيات، وبين الجزاء العظيم للمنفقين في سبيل الله بمضاعفة الحسنات. وذكر الخطيب بأن الرسول سن، في شهر رمضان المبارك، زيادة الاجتهاد في العشر الأواخر، مشيرا إلى أنه في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره، حيث تصف رضي الله عنها هذا الاجتهاد بقولها "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله" . وأشار إلى أنه كان من هديه صلى الله عليه وسلم إحياء تلك العشر بقيام الليل إتماما لقيام رمضان الذي بشر فاعله بالمغفرة والرضوان حيث قال "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". وأبرز الخطيب أن الاجتهاد في هذه العشر، هو اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بقوله تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"، مشيرا إلى أن الاجتهاد فيها قد يصادف ليلة القدر، التي وصفها الحق سبحانه بأنها خير من ألف شهر.