يعرف شارع مولاي اسماعيل وسط مدينة خريبكة، والأزقة المجاورة له، حركية تجارية كبيرة في الفترات المسائية، نظرا لتواجد مجموعة من المركبات والمحلات التجارية، من جهة، وللانتشار الكبير للباعة الجائلين، من جهة ثانية، غير أن حلول شهر رمضان يشكل فرصة سنوية يستغلها عدد من شباب المدينة في ممارسة أنشطة تجارية موسميّة، من أجل تأمين مدخول يومي يعيلون به أنفسهم وأسرهم. وتنطلق التجارة خلال شهر رمضان بُعيد صلاة الظهر من كل يوم، لتبلغ ذروتها بين أذان صلاة العصر ومغرب الشمس؛ حيث يتحول شارع مولاي اسماعيل، المعروف بشارع "شوفوني"، إلى سوق كبير لبيع الخضر والفواكه، خاصة بالقرب من سوق السمك، مما يتسبب في إغلاق الشارع العام بشكل تام، ويصير التنقل عبر وسائل النقل بمختلف أصنافها وأحجامها أمرا مستحيلا. بعض الباعة عُرفوا منذ سنوات طويلة بمزاولة أنشطتهم التجارية المتمثلة في بيع الخضر والفواكه، وحوّلوا جانبا من شارع مولاي اسماعيل وزنقة مكناس إلى ملكية شبه خاصة طوال السنة، في الوقت الذي نجح فيه شبّان آخرون في اقتطاع جزء من شارع "شوفوني" واحتلاله بشكل مؤقت، لعلّهم يحوّلونه مستقبلا إلى ملك خاص، أو يستغلونه لأطول فترة ممكنة خلال شهر رمضان وما بعده. روائح كريهة منبعثة من مياه ومخلفات سوق السمك، وأخرى ناتجة عن تراكم الخضروات وعُصارة الفواكه قرب إحدى حاويات الأزبال، وروائح الفضلات التي تخلّفها الدواب المستعملة في جرّ عربات الباعة الجائلين، عوامل مثيرة لقلق وضجر واستياء السكان المجاورين، لكنها لا تشكّل أي إزعاج للباعة الواقفين وراء تدهور الأوضاع البيئية والصحية والجمالية لشارع مولاي اسماعيل. وعلى بُعد حوالي 50 مترا من شارع مولاي اسماعيل، وتحديدا عند تقاطع زنقتي الحمّام والمفاسيس، ظهر خلال شهر رمضان سوق جديد للخضر والفواكه وباقي المواد الغذائية، بعدما كان الفضاء إلى وقت قريب يضم عربات تُعدّ على رؤوس الأصابع، قبل أن يتزايد عدد الباعة الجائلين بشكل ملفت، في الآونة الأخيرة، إلى درجة لجوئهم إلى إغلاق الملتقى الطرقي كلّما سمحت الفرصة بذلك، خاصة بين صلاتي العصر والمغرب. "محمد. أ"، أحد السكان المجاورين للسوق العشوائي الجديد، أشار إلى أن أوضاع وسط المدينة أصبحت غير قابلة للوصف والتفسير، نظرا لتفشي التجارة العشوائية بشكل رهيب في الآونة الأخيرة، مع ما يرافقها من الكلام القبيح، والمشاجرات والاعتداءات اليومية، والأزبال والروائح الكريهة التي لا يحسّ بقسوتها وحدّتها وحجم ضررها غير السكان المجاورين. وأضاف المتحدث، ملتمسا عدم الإشارة إلى هويته خوفا من بطش واعتداءات تجار الخضر والفواكه، أن "مزاولة نشاط تجاري بمناسبة شهر رمضان، والرغبة في كسب شيء من المال لإعالة الأسر، مع تساهل السلطات المحلية والأمنية حيال الوضع، عوامل اتخذها الباعة الجائلون ذريعة لفرض قوانينهم بالقوة، وممارسة أنشطتهم التجارية بالشكل الذي يخدم مصالحهم". أما محمد حدّاد، بصفته فاعلا جمعويا وتاجرا وسط مدينة خريبكة، فقد أشار إلى أن "المارّ بالقرب من السوق العشوائي الجديد ينتابه الخوف نتيجة الأجواء التي صار عليها الشارع، نظرا لتضاعف أعداد الباعة الجائلين خلال شهر رمضان مقارنة مع الأشهر السابقة"، متسائلا عن "دور ومسؤولية السلطات التي ربّما صارت خائفة وعاجزة عن تصحيح الأوضاع"، بحسب تعبيره. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "المحلات التجارية المحاذية لبائعي الخضر والفواكه تمت محاصرتها بالعربات والصناديق الخشبية والحديدية؛ إذ يعمل الباعة الجائلون على إفراغ وشحن سلعهم بالقرب من المحلات والمركبات التجارية، خاصة عندما يتم إفراغ حمولة شاحنة كبيرة خاصة بالبطيخ وباقي أصناف الفواكه". ووصف حدّاد الوضع الذي يعرفه شارع مولاي اسماعيل وزنقتي الحمّام والمفاسيس بالحالة الاستثنائية في مدينة خريبكة، منذ دخول شهر رمضان، مؤكّدا أن المتضررين يعتزمون، في الأيام القليلة القادمة، إعداد تقرير مفصل حول الأوضاع، وإرفاقه بالصور التي تثبت حجم المشكل والمعاناة، محمّلا في ذلك المسؤولية لكل من السلطات الإقليمية والمحلية والمجالس المنتخبة.