بعدما ظل بعيدا عن الأضواء أسابيع طويلة، عاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة السابق، إلى إثارة الجدل، بسبب لقائه الأخير مع فؤاد عالي الهمة، المستشار الملكي، بفيلا زعيم "المصباح" بحي الليمون بالرباط. وخرج الهمة بتصريح يتهم فيه بنكيران بالسماح بنشر البهتان والسكوت عن الحقيقة، وهو تصريح غير مسبوق يزيد من متاعب بنكيران السياسية شهورا قليلة بعد إعفائه من مهمة تشكيل ثاني حكومة في ظل دستور 2011. وشهدت العلاقة بين بنكيران ومستشاري الملك مدا وجزرا طيلة الولاية الحكومية السابقة، دفعته في أحايين كثيرة إلى الخروج عن صمته والتعبير عن "حسن العلاقة التي تجمع الطرفين" و"الاحترام المتبادل الذي تنبني على أساسه". وفيما يرى مراقبون ان خرجة الهمة وضعت المسمار الأخير في نعش الحياة السياسية لبنكيران، بعد الضربة الموجعة التي تلقاها بإعفائه من رئاسة الحكومة، اعتبر أمين السعيد، باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة الرباط، أن تصريحات الهمة "ستزيد من تأزيم العلاقة بين بنكيران والمحيط الملكي". وزاد السعيد، تعليقا على "غضبة" عالي الهمة، أنه بالعودة إلى تصريح المستشار الملكي يتبين أن هناك "دحضا لفكرة استنجاد المؤسسة الملكية برئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران" وفق تعبيره. وأكد الهمة بالحرف ّأنه إذا كان بنكيران يريد استمرار الأوهام بالسكوت عن الحقيقة، والسماح بانتشار البهتان، فأنا أرفض أن يكون ذلك باسمي. فأنا هو المبعوث المفترض؛ وأنا أنفي نفيا قاطعا ما راج من أخبار، وأؤكد أننا لم نتطرق لأي موضوع يخص هذه الأحداث". وبدا جليا أن الهمة انزعج من سماح بنكيران بترويج رواية كون القصر في حاجة إلى زعيم "البيجيدي" للمساهمة في إخماد نار الاحتجاج بإقليم الريف، وهي الرواية نفسها التي شرع في الترويج لها قياديون بالحزب الإسلامي عندما عقدوا مقارنات بين المرحلة الحالية وسياق انتخاب الحكومة السابقة، التي رأت النور في سياق احتجاجات الربيع العربي وحركة 20 فبراير. ودفع صمت بنكيران وعدم نفيه أو تأكيده لما يروج إعلاميا، الهمة بكل ثقله الاعتباري كمستشار ملكي وعضو في الديوان المكي، إلى الخروج بتصريح غير مسبوق من أجل وضع النقط فوق الحروف، ووضع حد لما تردد بشأن "بنكيران المنقذ" للبلاد من رياح الاحتجاجات، في خضم استمرار "حراك الريف". وسبق للمستشار الملكي أن أفاد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن زيارته لبنكيران جاءت في إطار شخصيّ وليس بصفته مبعوثا من القصر الملكي، وأضاف أن "كل ما في الأمر أنني أردت الاطمئنان على أحواله، خاصة أنه كان متعبا بعض الشيء، ولأنه أيضا كثيرا ما يسأل عني ويلومني لعدم زيارته أو الاتصال به".