رجّح تقرير حديث صادر عن البنك الدولي تحسن معدل النمو الاقتصادي العالمي ببلوغه عتبة 2.7 في المائة سنة 2017، مبرزا أن انتعاش الصناعات التحويلية والتجارة وتحسن ثقة الأسواق واستقرار أسعار السلع الأولية كلها عوامل ستدفع في اتجاه استئناف النمو في بلدان الأسواق الصاعدة والاقتصاديات النامية المصدرة للسلع الأولية. التقرير، الذي يحمل عنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية"، يتوقع في مقابل ذلك أن ينخفض معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2.1 في المائة في العام الجاري، مرجعا الأمر إلى "التأثير السلبي الناجم عن خفض إنتاج البلدان الأعضاء بمنظمة "أوبك" على البلدان المصدرة للنفط"، الذي اعتبره المصدر ذاته "يفوق بدرجة بسيطة تحسن الظروف في البلدان المستوردة للنفط"، قبل أن يعود ويشدد على أن "النمو سيعود لتحقيق نسبة 2.9 في المائة سنة 2018، بافتراض تراجع حدة التوترات الجيوسياسية وزيادة أسعار النفط". وعلى الصعيد الإقليمي دائما، سجّل التقرير ذاته أن المغرب سيسجل انتعاشا في معدل نمو الاقتصاد، منتقلا من 1.1 سنة 2016 إلى 3.8 في العام الجاري، فيما يرتقب أن ينخفض المعدل ذاته في السنتين المقبلتين ليصل إلى 3.7 سنة 2018 و3.6 سنة 2019. وزادت توقعات خبراء البنك الدولي أن المملكة العربية السعودية، وهي أكبر اقتصاد في المنطقة، "يرتقب أن ينخفض معدل نمو اقتصادها إلى 0.6 في المائة من جراء تخفيضات الإنتاج قبل أن يتعافى إلى 2 في المائة سنة 2018. وهو الحال نفسه بالنسبة إلى إيران، التي "سيتراجع معدل نموها الاقتصادي إلى 4 في المائة قبل أن يتعافى قليلا إلى 4.1 في المائة سنة 2018، حيث تؤثر الطاقة الفائضة المحدودة في إنتاج النفط وصعوبة الحصول على التمويل سلبا على النمو في البلاد". وفي مصر، من المتوقع أن "يتراجع النمو الاقتصادي في السنة المالية الحالية، قبل أن يتحسَّن باطراد في الأمد المتوسط، بفضل تنفيذ إصلاحات لمناخ أنشطة الأعمال وتحسُّن قدرة الاقتصاد على المنافسة". وعلى الصعيد العالمي يتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في الاقتصادات المتقدمة إلى 1.9 في المائة سنة 2017؛ "وهو ما يعود بالنفع على الشركاء التجاريين لهذه البلدان" يسجل التقرير، مضيفا أن "ظروف التمويل العالمية لا تزال مواتيةً في ظل استقرار أسعار السلع الأولية". وفي ظل هذا التحسن للظروف العالمية، "من المتوقع أن ينتعش معدل النمو في بلدان الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية مُجتمعةً إلى 4.1 في المائة هذا العام مقابل 3.5 في المائة سجلت سنة 2016". وتشير المعطيات الواردة في تقرير البنك الدولي إلى أن معدل النمو في أكبر اقتصادات الأسواق الصاعدة السبع في العالم "سيزداد ويتخطى متوسطه في الأمد الطويل في عام 2018، وستكون لانتعاش النشاط في هذه البلدان آثار إيجابية ملموسة على النمو في الاقتصادات الصاعدة الأخرى والبلدان النامية وعلى مستوى العالم". في مقابل هذا الأمر، نبّه المصدر ذاته إلى ما اعتبره "مخاطر كبيرة تُلقِي بظلالها على هذه الآفاق؛ فقد تؤدي القيود التجارية الجديدة إلى خروج التعافي الجيد للتجارة العالمية عن مساره الحالي، ويمكن أن تُؤدِّي حالة عدم اليقين بشأن السياسات إلى إضعاف الثقة والاستثمار"، مضيفا أنه "وسط التدنِّي الشديد لتقلُّبات الأسواق المالية قد تُؤدِّي إعادة تقييم مفاجئة للأسواق للمخاطر المتصلة بالسياسات أو لوتيرة عودة السياسات النقدية في الاقتصادات المتقدمة إلى طبيعتها إلى وقوع اضطرابات مالية". ويرى التقرير أن استمرار ضعف معدلات نمو الإنتاجية والاستثمارات قد يؤدي، على الأمد الأطول، "إلى انحسار آفاق النمو على المدى الطويل في بلدان الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي تعد من العوامل الأساسية لجهود الحد من الفقر".