في زمن تعدد وسائط التكنولوجيا تقترب القراءة من الإنسان وفي الوقت ذاته تبتعد... يتحول الشغف بالقراءة إلى موضة وعناوين استهلاكية عن "مائة عام من العزلة" لغبرئيل غارسيا ماركيز، وعن "فوضى الحواس" للجزائرية أحلام مستغانمي وعن "الخميائي" لباولو كويلو... تطول اللائحة... ينضاف إليها إقبال المغاربة والعرب على محركات البحث والتواصل الاجتماعي... ونجد أنفسنا أمام أنواع من القراءات ومن المتابعات ومن الكتبة والكتاب... نقدم في هسبريس عشرة أسرار للقراءة... القراءة: حب القراءة قوة، القراءة قيم، القراءة قوة.. توقد الفكر ومصدر للحب. في نظر ميغيل سيرفانتيس "من يقرأ كثيرا ويتمشى كثيرا يرى كثيرا ويعرف كثيرا". يعني المشي هنا السفر.. السفر من خلال الإطلاع على أحوال الآخرين ومحاورتهم والتعرف إليهم عن قرب وقراءة أفكارهم وما يكتبون لتكتسب إنسانية تتعدى الجغرافية. ففعل القراءة كفعل الحب وكفعل الحلم لا يتحمل فعل الأمر... القراءة حب بإحساس ومتعة دون قيد أو شرط.. هي عوالم من الحلم وعوالم من الحب. القراءة: ما هو الكتاب الجيد؟ "الكتاب الجيد هو الذي يفتح من خلال توقع ما ويغلق بمتعة ما"... الكتاب الجيد ليس فقط عدد الصفحات ولكن هو ما تطلع عليه من تجارب الآخرين.. هو محاولة لفهم النفسيات وهو القدرة على الاستجابة لمتطلبات الآخرين. في كثير من الأحوال القراءة ثروة لا غنى عنها.. ثروة رجل حقيقية حددت مسار حياته كما حددت مسار الكاتب رالف والدو إميرسون. فالكتابة كما يصفها فولتير هي "تشكيل الصوت". القراءة: فن الكلمات في نظر مانويل غايول فرننديز "الأدب هو فن الكلمات".. فالريشة هي لغة الروح.. فالأدب حسب كافكا هو رحلة استكشاف للحقيقة. حقيقة أنفسنا من خلال ما نقرأ من تجارب الآخرين وسيرهم لنكتشف حقيقة أنفسنا.. الحقيقة المرة عن جهلنا.. عن غطرستنا.. عن التباهي الذي يخفي خوفنا وجزعنا وضعفنا وهشاشة إيماننا أمام المال والثروة والسلطة. فالقراءة تهدينا أجراسا للحرية لنكون نحن بطريقة أخرى ولنكون شيئا ذا قيمة.. بدون القراءة الإنسان لا شيء. القراءة: الطريق نحو الحكمة يقول مثل عربي: "إن الكتب والأيام تقود الإنسان نحو الحكمة".. الحكمة التي نبحث عنها من خلال تجارب الآخرين نجدها في أحزمة الأوراق التي تغني تجاربنا.. تسمو بعواطفنا.. تدفع بنا لفهم كيف تمكن الآخرون من حسم قراراتهم والقناعة والاقتناع بما قاموا به. فالكتاب هو الصديق الذي لا يخيب أملك.. تعود إليه بلا ملل دون أن تشعر بالإحراج أو الضيق.. يسافر معك في المسافات البعيدة وفي الليالي الباردة والقائظة.. ينظر إليك دون أن يزعجك.. عالمك الوحيد إليه موصول بالقراءة. القراءة والحديقة يشبه شيشرون القراءة والمكتبة بالحديقة التي لا تنضب.. كلما دخلتها وجدت ما تبحث عنه في معاني الحياة.. فلا ينقصك أي شيء. فمنزل بلا كتب هو جسد بلا روح. فكتاب مفتوح هو عقل يتكلم. فأن يهديك شخص ما كتابا هو هدية رائعة.. لأن الكثيرين يقرؤون فقط من أجل متعة التفكير والتأمل. بدون القراءة ماذا نملك؟ ماذا نملك بدون المكتبات؟ لا ماض ولا حاضر.. هكذا طرح الكاتب راي براد بوري. تعلمي للقراءة أحسن ما حدث لي.. بعد سبعين عاما أتذكر بوضوح سحر ترجمة الكلمات إلى صور. هكذا عبر ماريو فرغاس يوسا الحائز على جائزة نوبل للآداب. فالمكتبات هي التي تربط الحاضر بالماضي وهي السفر عبر بوابة الحياة.. في القراءة نتعلم شغف الحروف والمعاني وسحر الكلمات عبر ترجمة معاني الواقع. ماذا سنكون عليه بدون القراءة؟ يتردد هذا السؤال عاليا ويتسع مداه إلى ما لا نهاية.. ماذا سنكون عليه بدون فعل القراءة؟ بدون القراءة سنكون أقل تمردا.. أقل التزاما.. أكثر قبحا.. مفتقدين لروح النقد.. بل نكون موجودين فقط.. فالأمم الحكيمة هي التي تبحث عن الأفكار الجديدة والجيدة.. أفكار بعمقها.. بأسئلتها الحرجة وبلغتها الشفافة. فالمكتبات هي الوحيدة التي يجب أن تظل أبوابها مفتوحة. ففي أمكنة قصية من الكتب هناك جمل رائعة تحمل معاني الوجود. القراءة ضد بؤس الحياة في أغلب الأحيان نحمل معنا لشهور طويلة كتبا متأبطين بها.. لا تفارقنا ونسارع الزمن حتى نصل إلى النهايات.. أن ندمن على القراءة ونختار الكتب الجيدة فهذا اختيار لمنفى أخلاقي يبعدنا وينأى بنا ويحمينا من كل بؤس الحياة. فالعالم مليء بالكتب الجميلة التي لا أحد قرأها بتعبير صاحب "اسم الوردة" امبرتو ايكو. القراءة وإشعال النار يصف فيكتور هيوغو تعلم فعل القراءة مثل إشعال النار.. فكل مقطع مكتوب هو شرارة. شرارة لعقل متنور.. لعقل يطرح الأسئلة بدقة ويسائل بتناه.. هذا ما يعلمنا إياه فعل القراءة. فجزء من الحب للحياة هو ما رسخه حب القراءة والكتب. وبتعبير مارسيل بروست: "بأصدقائنا الكتب نقضي أجمل الأمسيات". فما نبحث عنه من خلال فعل القراءة ليس فقط المتعة ولكن أيضا تعلم منطق الأشياء. القراءة وفعل التحرر يربط الكاتب الأمريكي فريديك دوغلاس فعل التحرر بفعل القراءة.. حينما نقرأ نكون أحرارا على الدوام. حينها نخلق صورنا الخاصة يعيش الكتاب بدواخلنا دون أن ينتهي.. نعيد اكتشاف أنفسنا فينا فيما نقرأ. وحينما نقرأ أكثر نتحرر قليلا من سلطة التقليد. فالقراءة فن.. في جزئها الأكبر هي فن العودة إلى إيجاد الحياة داخل الكتب وفهمها بشكل جيد بفضل الكتب.