على منصّة واحدة، اجتمعت التعابير اللسانية المغربية، الأمازيغية والعربية والحسانية، ليل أمس، وصدحت حناجر الفنانات والفنانين المغاربة الذين أحيوا السهرة قبل الختامية من مهرجان فاس للموسيقى العريقة، الذي يُسدل عليه الستار اليوم السبت. الفنانة الأمازيغية فاطمة تبعمرانت، التي افتتحت السهرة الفنية، سافرت، رفقة مجموعتها الموسيقية، بجمهور منصة "باب الماكينة"، على إيقاعات الرباب ولوطار وغيرها من الآلات الموسيقية الأمازيغية، إلى عوالم التراث الموسيقي الأمازيغي. وتواصلت السهرة بصعود فنانة شابة من الريف، أدّت أغاني عصرية تتغنّى بجمال الحياة والطبيعة، على إيقاعات وأنغام الآلات الموسيقية العصرية والتقليدية؛ قبل أنْ تردّد أسوار باب الماكينة الأنغام الحسّانية؛ حيث أدّت فنانة من الجنوب أغانٍ من التراث الفني الصحراوي. منصة باب الماكينة لم تكن فضاء التقت فيه مختلف التعابير اللسانية المغربية، بل كانت، أيضا، فضاء للتعايش الديني؛ حيث شاركت في الحفل الفنانة المغربية ريموند البيضاوية، وهي مغربية من ديانة يهودية، أدّت أغان تفاعل معها الجمهور. واستهلت ريموند البيضاوية، التي انطلقت مسيرتها الفنية في ستينات القرن الماضي، وكانت منذ تلك اللحظة رمزا للمرأة البيضاوية، كما وصفتها مقدمة حفل باب الماكينة، وهي من أصول يهودية أمازيغية، (استهلت) مشاركتها في مهرجان فاس للموسيقى العريقة بأداء أغنية للمطرب عبد الهادي بلخياط. من اللحظات القوية التي شهدها حفل أمس، الذي صدحت فيه أصوات نسائية مغربية، صعود الفنانة شريفة، المتحدرة من الأطلس، إلى المنصة؛ حيث صفق لها الجمهور بحرارة، وتفاعل مع الأغاني التي رددتها على الإيقاعات الأطلسية المعروفة. وموازاة مع الحفل المنظم في "باب الماكينة"، شهدت منصة باب بوجلود حضورا لافتا للجمهور؛ حيث غصَّة الساحة بالآلاف من الجماهير التي حضرت لمتابعة حفل مجموعة "فناير"، التي تمكنت من شدّ انتباه الجماهير إلى غاية نهاية الحفل. المجموعة الشابة، التي تؤدي فن الراب، غنّت عددا من أغانيها المعروفة، مثل "يد الحنا"، وأدى الإقبال الكبير للجمهور على حفلها إلى حدوث فوض في البوابة الخلفية للمنصة التي عرفت تدافعا ومشادات بين الجمهور وأفراد الحراسة الخاصة. جدير بالذكر أنّ فعاليات الدورة الثالثة والعشرين من مهرجان فاس للموسيقى العريقة، التي نظمت هذه السنة تحت شعار "الماء والمقدس"، سيُسدل عليها الستار مساء اليوم السبت، بحفل تُحييه المطربة اللبنانية ماجدة الرومي بمنصة "باب الماكينة".