في إطار مبادئها الدستورية، دولة كندا تقدم الحماية لمن يطلبها، غير أن للحكومات المتعاقبة على تسيير هذا البلد، مواقف قد تكون متساهلة أو متشددة في دخول لاجئين إلى البلد. يخضع نظام اللاجئين في كندا إلى إدارة وزارة المواطنة والهجرة الكندية ولجنة الهجرة ، ومنذ 2013، رفضت كندا 224 ملفا لطلب الإقامة الدائمة قدمها أشخاص استفادوا من وضع اللجوء من قبل. وقد قامت حكومة ستيفن هاربر بتعديل قوانين الحصول على الجنسية من أجل تقليص حالات الغش الواردة في معطيات ملفات الراغبين في الإقامة الدائمة. إن نظام اللجوء إلى كندا يعترف بفئتين من اللاجئين: الفئة الأولى تضم مجموع الأشخاص الذين كانت الحكومة الكندية قد كفلتهم قبل وصولهم إلى كندا. ويطلق على هؤلاء لقب لاجئين (أعيد توطينهم) وهم ربما كانوا يعيشون في وضع انتظاري طارئ بأحد مخيمات اللاجئين الدولية، أو أنه كان لهم الحظ بأن يكونوا قد اختيروا لإعادة توطينهم في كندا. وهؤلاء الأشخاص يحصلون على وضع المقيم الدائم أو الإقامة الدائمة (وضع المهاجر الواصل) حين وصولهم إلى كندا. الفئة الثانية تضم الأشخاص الذين نجحوا في الهرب من بلدهم أو من وضعهم. إذ فور وصولهم إلى كندا (برا أو بحرا أو جوا) يقدمون طلب اللجوء حسب الإجراء المعمول به بالنسبة للاجئين القادمين إلى كندا. وفي حال كانت وثائق الهوية قانونية يمكنهم أن يقيموا في المجتمع بانتظار دعوتهم للاستماع لقضاياهم، وهو ما يشكل المرحلة الأولى لتحديد وضع اللاجئ. كما يمكن أن يتعرضوا لعقوبة سجنية في حال كانت وثائقهم غير كاملة أو مثيرة للشك. وفي جميع الحالات، يتوجب عليهم انتظار تقرير في ما إذا كانوا فعلا لاجئين. وبعدها من الممكن أن يتحولوا إلى مقيمين دائمين. وكما جاء في اتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين، تم تعريف اللاجئ بأنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو محل إقامته العادية وهو في حالة عدم التمكن أو لا يرغب العودة لهذا البلد وهو يخشى بحق أن يتعرض للاضطهاد بسبب عرقه ودينه ومعتقداته السياسية وجنسيته أو لانتمائه لمجموعة اجتماعية معينة. غير أنه هناك قرارات للحكومة وللمحاكم الفيدرالية تحيد عن هذا التعريف بسبب القوانين المحلية، وهذا تجلى في حالة لاجىء من أصل كولومبي كانت موضوع قرار أخير للمحكمة الفدرالية فيما يخص موضوع فقدان وضعية لاجىء. إنه السيد "برموديز" الذي عاد إلى كولومبيا مرتين من أجل الإلتقاء والزواج بخطيبته والذي استعمل جواز سفره الكولومبي مرورا بالمكسيك. ارتأت المحكمة أنه يتعين على الحكومة سحب وضعه وإقامته الدائمة. السيد "برموديز" الذي يعيش بكندا منذ أزيد من عشر سنوات ولديه ثلاث أطفال ولدوا بالبلد يحدق به خطر الطرد منذ قرار صادر بحقه في شهر أبريل 2016. الجمعية الكندية للمحامين في قضايا اللاجئين طالبت حينها الحكومة بالتعديل الفوري للقانون بشكل فوري. كما أن النائبة "جيني كوين » ذكرت حالة لاجىء فر من نظام صدام حسين للمجيء إلى كندا، والذي عاد للبلد لحضور عزاء أحد الأقارب. " لم يكن تحت أي تهديد، إلا أنه فقد إقامته الدائمة. أضافت السيدة النائبة حالة لاجىء آخر عاد مرتين لبلده الأصلي مرة للزواج ومرة لفقدان أحد أفراد عائلته، قامت على إثرها الحكومة الكندية بسحب طلبه للحصول على الإقامة الدائمة ووضعه كلاجىء، وهو اليوم ملزم بأن يلتقي بزوجته في بلد ثالث" تضيف النائبة متذمرة. يمكن أن نقول إذن على ضوء هذه الحالات أنه رغم ما تقدمه كندا من خدمات و إعادة التوطين في كندا إلا أن اللاجىء ما يزال يعاني من عدم الإستقرار للأسف، وهذا يعني إعادة النظر في الكثير من الأمور والمسؤوليات لا سيما ما يقع على عاتق لدجنة الهجرة. * دكتورة في سوسيولوجيا الهجرة