مُوازاة مع العروض الفنية التي تقدمها الفرق الموسيقية المغربية والأجنبية المشاركة في الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان الموسيقى العريقة بفاس، يحتضن قلبُ العاصمة العلمية ليال صوفية تُحييها فرق تمثل مختلف الطرق الصوفية الموجودة في المغرب. وتتميّز السهرات التي تُحييها الفرق الصوفية المشاركة في مهرجان فاس بطابعها الغارق في الروحانية. كما تُضفي عليها عراقة مبنى دار التازي في قلب المدينة العتيقة وكذا الأجواء التي تُحْيى فيها السهرات، حيث يجلس الجمهور بالطريقة التقليدية على الزرابي، روحانية. سهرات "الليالي الصوفية" هي المِسْك الذي تُختَتم به أيام مهرجان فاس للموسيقى الروحية. وتشارك فيها هذه السنة كل من الطريقة الوزانية، والطريقة التيجانية، والطريقة الحسانية، والطريقة الحراقية، والطريقة العيساوية، والطريقة الحمدوشية، والطريقة النقشبندية، والحضرة الزيلاشية. ليل أمسٍ خلقتْ فرقة طريقة عيساوة، برئاسة عبد الله اليعقوبي ومشاركة الطريقة الشاذلية، أجواءً من "الجذبة" في صفوف الجمهور وسط دار التازي، منذ انطلاق الحفل على الساعة الحادية عشرة والنصف وإلى ما بعد الساعة الواحدة صباحا. ما أن انطلقتْ أصوات المزامير والدفوف والطبول، التي ترافق أنغامُها الأمداح التي يردّدها أفراد الفرقة، حتى قامت سيّدة محجبة كانت جالسة وسط الجمهور، وشرعت في التمايل مع الإيقاعات العيساوية، وظلّت ترقص مدّة طويلة بدون تعب. واستطاعت الفرقة العيساوية أن تجذب جمهورا كبيرا إلى الحفل الذي أحيتْه بدار التازي، وظلّ أغلب الجمهور واقفا يتابع الحفل إلى نهايته، فيما كان الجالسون يتزاحمون فيما بينهم أمام المنصّة، وكلما ارتفعت الإيقاعات يقومون للرقص جماعة. وتُعتبر الطريقة العيساوية، التي تنتمي إليها فرقة عبد الله اليعقوبي، من بين أشهر الطرق الصوفية في المغرب. وتعتمد الفرقُ المنتسبة إليها على ترديد الأمداح النبوية، والصلاة والسلام على الرسول، مع استعمال آلات موسيقية تقليدية، كالدف والطبل والمزامير. وتتميّز الحفلات التي تحييها فرق الطريقة العيساوية بطقوس خاصة، ومنها حمْلُ علمين كبيرين، أحمر وأخضر، واستهلال حفلاتها بالدعاء، كما تتميز بوجود عنصر في الفرقة يرتدي زيّا متميّزا، ومهمته القيام بحركاتٍ أمام الجمهور لتحميسه وجعله ينخرط في "الجذبة" التي تحدثها الفرقة. وسيكونُ جمهور مهرجان الموسيقى العريقة بفاس، مساء اليوم الخميس، على موعد مع حفل تحييه الطريقة الحمدوشية ضمن فقرة ليال صوفية بدار التازي وسط المدينة العتيقة لفاس؛ بينما ستحيي فرقة النقشبندية سهرة يوم الجمعة، وتُختتم السهرات بعرض لفرقة الحضرة الزيلاشية يوم السبت.