يشكل الاحتفال، اليوم الأحد، بالذكرى ال61 لتأسيس القوات المسلحة الملكية، مناسبة للشعب المغربي قاطبة لاستحضار المهنية العالية لهذه القوات ومدى تضحياتها وبسالتها وسهرها في الدفاع عن حياض الوطن ووحدته الترابية، وكذا إشعاع أدوارها الاجتماعية، تحت قيادة قائدها الأعلى ورئيس أركانها العامة الملك محمد السادس. ومنذ تأسيسها في 14 ماي 1956 على يد الملك الراحل محمد الخامس، الذي أرسى الدعائم الأولى لإحداث جيش مهني بعد حصول المملكة على استقلالها، ومرورا بعصرنتها وتعزيز ترسانتها العسكرية من طرف الملك الراحل الحسن الثاني، باتت القوات المسلحة الملكية، بقيادة الملك محمد السادس، الذي عمل على تطوير قدراتها المختلفة بشكل نوعي، سدا منيعا لا تقوى الطموحات الخارجية، بمختلف تلويناتها، على مجرد الاقتراب منه. وقد أكد الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، يوم 14 ماي 2016، في "الأمر اليومي" للقوات المسلحة الملكية، وذلك بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسها، "إن فخرنا واعتزازنا بكم اليوم ليزداد توهجا ونحن نسترجع المحطات المشرقة التي رصعت سجل قواتنا المسلحة الملكية الحافل بالمنجزات والتضحيات، وكذلك لما نلمسه فيكم من إصرار وعزيمة وتفاعل إيجابي من أجل الدفاع عن مكتسبات الوطن وسيادته، صادقين في عهدكم على الطاعة والولاء لقائدكم الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، مؤازرين بالتلاحم القوي الذي يجمع أفراد الشعب المغربي حول مقدسات الوطن العليا، وعلى رأسها قضية وحدتنا الترابية". وفي ظرفية دولية بالغة التعقيد تواجه فيها الجيوش بالمنطقة مخاطر وجودية تشمل حلها أو استنزافها كمدخل لتحطيم الدول والسيطرة عليها، تبذل مختلف مكونات القوات المسلحة الملكية جهودا مضنية لحماية السيادة الوطنية والحفاظ على المؤسسات الشرعية والدفاع عن الوحدة الترابية، وتصل الليل بالنهار وبلا كلل للإضطلاع بهذه المهام بمهنية عالية واستنادا إلى عقيدة عسكرية حصيفة. ومن دون شك فإن القوات المسلحة الملكية، التي أخذت على عاتقها مهمة الدفاع على مقومات الأمة ومقدساتها وسيادتها الوطنية وهويتها الحضارية، وفاء منها لشعار "الله، الوطن، الملك"، بمثابة حاجز رئيسي يحول دون تمدد سرطان الإرهاب والتطرف والتهريب بمختلف أنواعه بمنطقة الساحل والصحراء. وعرفانا بهذه الجهود، يسترجع الشعب المغربي هذه الذكرى، التي تحفل بالمهام والمسؤوليات التاريخية الكبيرة التي أحدثت لأجلها القوات المسلحة الملكية، سواء في الدفاع عن الوطن والمساهمة في بناء المغرب الحديث في مرحلة ما بعد الاستقلال، أو المهام الإنسانية وعمليات حفظ السلام في عدة مناطق من العالم. فقد بذلت القوات المسلحة الملكية، من خلال تضحياتها التي لا تحصى، الغالي والنفيس دفاعا عن الوطن، وردت كيد المخططات الجهنمية الموجهة لزعزعة استقرار المملكة والإضرار بوحدتها الترابية إلى صدور من استسهل إطلاقها دون التفكير في عواقبها الوخيمة. وظلت القوات المسلحة الملكية، التي كلف الملك الراحل محمد الخامس ولي عهده آنذاك الملك الراحل الحسن الثاني بتشكيل نواتها الأولى، أحد أهم المؤسسات التي واكبت بناء الدولة المغربية الحديثة، وشكلت درعا واقيا لها ضد كل عدوان خارجي، وأداة وقاية وأمن وإغاثة عند وقوع الكوارث الطبيعية، كما ساهمت برجالها ومعداتها بشكل فعال في عدة مشاريع تنموية بمختلف ربوع المملكة. وقد خص الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، ثم الملك محمد السادس، القوات المسلحة الملكية بعناية خاصة شملت تكوين الضباط وضباط الصف والجنود في مختلف المدارس والمعاهد العسكرية الوطنية والأجنبية، وتزويد مختلف وحدات هذه القوات البرية والبحرية والجوية بالأسلحة العصرية وإصلاح أنظمتها وتطوير قيادتها. وسواء خلال زلزال أكادير سنة 1960 وعملية تافيلالت سنة 1957 وزلزال الحسيمة وضواحيها في فبراير 2004 وفيضانات بعض المناطق بالمملكة في السنوات الأخيرة، أبانت القوات المسلحة الملكية عن قدرة لوجستية وتنظيمية كبيرة ساعدت على تقديم كل أنواع الإغاثة والدعم للمنكوبين في الوقت المناسب. وأقامت القوات المسلحة الملكية عدة مستشفيات ميدانية عسكرية في مناطق نائية بالمملكة، في إطار المهام الإنسانية التي تضطلع بها في عدد من جهات المغرب، بهدف توفير خدمات طبية للقرب للمواطنين والرفع من وتيرة استفادة الفئات الهشة من خدمات طبية ذات جودة وتسهيل الولوج للعلاجات وتقديم الدعم للسكان الذين يعانون من قساوة الطقس ووعورة التضاريس. وعلى المستوى الدولي، دأبت القوات المسلحة الملكية على المساهمة في إرساء السلام والاستقرار بدول عدة، وقد سلط الهجوم الجبان الذي استهدف دورية لتجريدة القوات المسلحة الملكية ببعثة الأممالمتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى (مينوسكا)،مؤخرا، على التضحيات التي تبذلها هذه القوات الباسلة حفاظا على الاستقرار بالدول الشقيقة والصديقة.