أثار تقديم المغرب لتقريره الخاص ضمن الجولة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان بجنيف حفيظة نشطاء مغاربة مدافعين عن القضية الأمازيغية، إذ نددوا بمضامين العرض الذي قدمه وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، متهمين إياه ب"اللجوء إلى توظيف رؤاه العرقية والدينية". الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية عبرت في بلاغ توصلت به هسبريس عن "استنكارها مضامين العرض المقدم من طرف رئيس الوفد المغربي، "وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان"، والوفد المرافق له في القضايا ذات الصلة بالحقوق اللغوية والثقافية والأمازيغية"، مستنكرة الردود التي تقدم بها رئيس الوفد المغربي، "البعيدة كل البعد عن مبادئ وكونية حقوق الإنسان والمقتضيات الدستورية الجديدة". "إن المغرب كأي بلد من بلدان العالم العربي والإسلامي يعود إلى بعض المبادئ الدينية"، من أبرز العبارات التي أثارت حفيظة النشطاء في الفدرالية، الذين اعتبروا أن الرميد "لجأ إلى توظيف رؤاه العرقية والدينية، وهو ما يشكل مساسا بما تمليه عليه المؤسسة التي يمثلها، ذات الصلة بالتزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان". واتهمت الهيئة الأمازيغية ذاتها الحكومة بما وصفته ب"التنكر لالتزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، ومنها ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع الالتزامات الدولية، من خلال اقتراح مشاريع ونصوص مغيرة للتشريعات التي لا تتوافق والاتفاقيات الدولية"، إلى جانب "تغييب مقتضيات الدستور المغربي، والمتمثلة في تنصيصه على كون الأمازيغية لغة رسمية للدولة، وانتماء المغرب إلى فضاء مغاربي وإفريقي". مقابل ذلك، استعرضت الفدرالية بعض التوصيات التي تقدمت بها عشر دول أعضاء في مجلس حقوق الإنسان الأممي إلى المغرب في الشأن الأمازيغية، من بينها دعوة هنغاريا المملكةَ إلى "حماية حق الشعوب الأصلية بالمغرب"، والنمسا التي دعت الرباط إلى ضرورة "تعزيز أوضاع الأمازيغ وتقديم الإجراءات التكميلية من أجل استخدام الأمازيغية في مجال الإدارة والقضاء". ودعت كل من دول المكسيك والبنغلاديش والهندوراس على التوالي إلى "وضع المغرب الإجراءات التشريعية والسياسية من أجل حماية سكان الأمازيغ على كل المستويات، وضمان المشاركة في الحياة الثقافية"، و"بذل المجهود من أجل النهوض باللغة الأمازيغية وبالإرث الثقافي الأمازيغي وحمايته"، وأيضا "تعزيز الاعتراف الدستوري بلغة الأمازيغ". كما توصل المغرب، وفق وثيقة الفدرالية، بتوصيات أخرى تهم "اعتماد اللغة الأمازيغية وحماية ثقافتها"، و"تنمية حماية اللغة الأمازيغية"، وكذا "حماية الحقوق الاقتصادية والثقافية"، و"تفعيل مجمل اللغات والثقافات المغربية"، إلى جانب "الإسراع في النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، من دول البروندي وسيراليون وفيتنام وغينيا ودجيبوتي. أحمد أرحموش، رئيس الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية، قال إن الوزير مصطفى الرميد "وقع في منزلق خطير حين نفى المرجعيات الكونية والالتزامات الدولية التي انخرط فيها المغرب بجانب دول العالم ليتحدث فقط عن المرجعية الدينية..التي يمكن أن يتحدث عنها إن كان في قمة إسلامية وليس أمميّة كمجلس حقوق الإنسان"، مضيفا أن الأمر "ينافي انخراط المغرب كدولة، مثلها الوزير رئيسا للوفد، في المصادقة على المرجعية الشاملة لحقوق الإنسان". واعتبر المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الرميد "ارتجل تصريحه في الموعد الأممي، والذي يبدو أنه من مخيلته الخاصة ولا يعبر عن الفضاء الأممي الذي كان متواجدا فيه بمعية الوفد المغربي الذي مثل القطاعات المعنية بحقوق الإنسان"، مضيفا أن تصريحات الوزير الإسلامي "لم تمر دون تسجيل ردود فعل عنيفة من قبيل عدد من الدول"، وزاد: "ونحن بدورنا أعلنا احتجاجنا الشديد عليها".