أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة «أزطا» عزمهما مقاضاة الهيئات السياسية التي تتأسس مرجعيتها على البعد الواحد للمغاربة وتقصي باقي الهويات. وأن ذلك لن يتم أمام القضاء الوطني بل أمام اللجنة الأممية لمناهضة التمييز استنادا للإمكانية التي يتيحها في هذا الإطار الفصل 14 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز. وجاء هذا الإعلان خلال ندوة صحفية مشتركة نظمتها الهيئتان الثلاثاء الماضي بالرباط حول التوصيات والملاحظات الصادرة عن اللجنة الأممية لمناهضة التمييز، أياما قليلة على قبول المغرب بهذا الفصل الذي يسمح للأشخاص والمجموعات برفع شكاوي التمييز مباشرة إلى اللجنة الأممية لمناهضة التمييز العرقي. كما أعلنتا أنهما ستقومان بحركة تعبوية وسط هيئات المجتمع المدني العاملة في مجال الحقوق اللغوية والثقافية للترافع من أجل إعمال التوصيات والملاحظات التي أصدرتها اللجنة الأممية لمناهضة التمييز العنصري. هذا، وعزت الهيئتان التركيز على حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية في تقريرهما الموازي الذي تم تقديمه أمام اللجنة الأممية للتدليل على وجود أحزاب مؤسسة وبمرجعية دينية وعرقية دون غيرهما من الأحزاب السياسية، إلى كون الحزبين يعتمدان في قانونهما الأساسي على مرجعية دينية وعرقية وعلى البعد الواحد للهوية، حيث يبقى البعد الوطني بالنسبة لهاتين الهيئتين السياسيتين هو الهوية العربية مع إضافة عنصر الإسلام، الأمر الذي يجعلهما في خانة الهيئات التي تناهض وتدعو إلى إقصاء الأمازيغية، بل وفي تناقض تام مع المادة الرابعة من الاتفاقية الدولية التي تدعو الدول الأطراف على شجب وعدم السماح للتنظيمات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل إثني واحد. «علما أن قانون الأحزاب 43/04 يلزم في أحد مقتضياته الدولة بالسهر على منع تأسيس الأحزاب على أساس ديني أو عرقي، وهذا النص لم يتم تفعيله»، على حد قول أحمد أرحموش عضو المكتب التنفيذي للشبكة الأمازيغية. وبخصوص مسألة الإثنية التي أعلن المغرب في تقريره رفضه اعتمادها في مقاربة مسألة الأمازيغية وتقديم معطيات إحصائية حول التركيبة العرقية للساكنة، على اعتبار أن المغاربة بمختلف أصولهم «عرب وأمازيغ، مسلمين ومسيحيين ويهود، بيض وسود» هم شعب واحد يتمتعون بنفس الحقوق ويتحملون نفس الواجبات، قال الكبير الميلودي عضو شبكة «أزطا»، إن اللجنة الأممية ساقت نموذج دولة البرازيل التي كانت تقدم في السابق نفس المبررات، والتي وضعت مؤخرا إحصائيات حول التركيبة الإثنية لسكانها، للتأكيد أن ذلك لم يمس باستقرارها ووحدتها. واعتبرت اللجنة أن المبررات التي يقدمها المغرب للامتناع عن تقديم الإحصاءات والبيانات الخاصة بالإثنيات ووضعهم الاقتصادي والاجتماعي، عبر نفيه وجود إثنيات والتأكيد أن الشعب المغربي واحد وموحد ويتميز بالتعدد اللغوي والثقافي وبالتالي فتوصية الإدلاء بالإحصائيات غير ذي معنى في حالة المغرب، تبين أن الدولة المغربية غير ملمة بالاتفاقية وخاصة الفصل الأول الذي يعرف الاتفاقية من خلال مفهوم التمييز. وأضاف الميلودي أن بعض المتدخلين من الخبراء أكدوا أن الالتزام بالاتفاقية والاعتراف بوجود مكونات مختلفة لن يسئ إلى المغرب ولن يهدد وحدته الوطنية بل أن الاعتراف بوجودها هو الضامن لوحدة البلد وليس العكس. وأبرز أرحموش أن التقرير الموازي الذي تقدمت به الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والشبكة الأمازيغية لم يستعمل كلمة الإثنية على اعتبار أن الأمازيغ لايعتبرون من الإثنيات، لكن هذا الأمر لا يمنع خبراء اللجنة الأممية من استعماله، يشير المتحدث. وفي المقابل أكد المتحدث، أن اللجنة الأممية عبرت عن ارتياحها للمجهودات التي بذلها المغرب على المستوى التشريعي عبر إقراره عدد من القوانين التي تمنع أو تجرم التمييز كمدونة الشغل، والقانون المنظم للمؤسسات السجنية الذي يمنع، في فصله 51، التمييز بين السجناء على أساس العرق أو اللون أو الجنسية أو اللغة أو الانتماء الأسري، وقانون المسطرة الجنائية الذي ينص في فصله 721 على عدم قبول الطلب في الدعوى إذا كان مؤسسا على معطيات ذات صبغة عنصرية. كما أشادت بالتقدم الذي تم إحرازه عبر إقرار مدونة الأسرة التي تضمن مزيدا من المساواة بين الرجل والمرأة والتي سمحت للمرأة بنقل جنسيتها للأطفال من زوج أجنبي، وكذا القانون المتعلق بالأحزاب السياسية الذي يمنع تأسيس المنظمات الحزبية على أسس عرقية، وقانون الصحافة الذي يعاقب على الدعوة للتمييز العرقي والكراهية أو العنف العنصري. هذا وأوصت اللجنة المغرب بالنهوض والعمل على حماية الثقافة واللغة الأمازيغيتين وبالاعتراف بالأمازيغية كلغة رسمية، وانتقدت الممارسات التمييزية التي يقع ضحيتها بعض الأمازيغ الذين لايفهمون ولايتقنون العربية وخاصة عند ولوجهم المصالح والقطاعات العمومية. كما أوصت، في إطار انتقادها لمنع الأسماء الأمازيغية، بالإدلاء بتوضيحات حول المقصود بالاسم المغربي كشرط لقبول تسجيله في الحالة المدنية ضمانا للحق في اختيار الاسم. أما فيما يتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، فقد أوصت اللجنة بوضع إطار قانوني ومساطير خاصة بهذه الفئة وذلك لضمان حقوقهم. كما أكدت على تقوية وتدقيق القانون الذي يضمن حقوق المهاجرين الغير متوفرين على وثائق الإقامة، وحمايتهم .