حملت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، المعروفة اختصارا ب«أزطا»، الأحزاب والدولة مسؤولية استمرار تهميش الأمازيغية في الفضاء العام، مشيرة إلى أن وزارة الداخلية لم تكلف نفسها أي عناء لاعتماد مقاربة العدالة اللغوية في مشاوراتها مع الأحزاب بمناسبة وضع الترسانة القانونية والأخلاقية للانتخابات الجماعية الأخيرة. واتهمت الشبكة، في تقرير أولي عن حصيلة الحملة الترافعية التي نظمتها بمناسبة محطة 12 يونيو الانتخابية، الأحزاب بالتعامل مع ملف الأمازيغية «ليس كملف للالتزامات بل كملف للدعاية الانتخابية والاستهلاك الإعلامي الضيق»، مضيفة أن الأسلوب الذي اعتمد في مجمل البرامج والحملات الانتخابية يعكس بوضوح أن الأحزاب ما زالت مستمرة في التعاطي مع الأمازيغية بمنطق الإقصاء المتعمد. وقالت «أزطا»، في تقريرها، إن هاجس الواجهة والاستهلاك الإعلامي، هو المتحكم بالأساس في توظيف الأمازيغية من طرف بعض الأحزاب التي اكتفت فقط بترجمة اسمها إلى اللغة الأمازيغية، فيما وظفها البعض الآخر في ترجمة أسمائها بشكل يعكس هامشية الأمازيغية في تصوراتها وقناعاتها (حالة الأصالة والمعاصرة، التجمع الوطني للأحرار). وذكر التقرير، الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، أنه مقارنة مع حصيلة الحملة التي نظمها النسيج الجمعوي الأمازيغي (291 جمعية) بمناسبة الانتخابات التشريعية ل 7 شتنبر 2007، سجل تراجع ملحوظ في تجاوب بعض الأحزاب مع مطالب المذكرة الجديدة التي كانت قد أودعت لدى الأحزاب المشاركة والمقاطعة للانتخابات في أوائل شهر ماي الماضي. وبلغة الأرقام، فإن أربعة أحزاب تراجعت عما سبق أن أعلنته في الانتخابات التشريعية السابقة، وأن جميع الأحزاب همشت نحو 98 في المائة من مطالب الشبكة المفصلة في المذكرة، بما فيها إشكالية منع الأسماء الأمازيغية ونزع الأراضي، والتهجير والاستيلاء على مياه القبائل. تراجع وتهميش يعزوهما أحمد أرحموش، عضو المكتب التنفيذي ل«أزطا»، إلى «الجوانب الإيديولوجية والاختيارات السياسية للأحزاب التي تعتقد أن أي امتداد للفكر والحقوق الأمازيغية سيهدد وجودها المادي والسياسي، المبني على ثنائية الدين الواحد واللغة الواحدة، دون نسيان عقلية العبث والتسيب التي تسود أسلوب تدبير بعض المؤسسات الحزبية وبالأخص قياداتها التي أحيانا نشك في توازنها العقلي». وتلخصت مطالب مذكرة «أزطا» في ما أسمته برفع الحظر العملي عن الأمازيغ في تسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية، وإعادة الاعتبار للأعلام الأمازيغية، عبر تسمية المؤسسات والأماكن المحلية بأسمائهم، وكذا الحد من استعمال المصطلحات التمييزية ضد الأمازيغية والأمازيغ. كما طالبت الشبكة التي كونت لجنة مختصة لمتابعة مستويات تفاعل الأحزاب مع هذه المطالب بدءا بمحطة إعداد الأحزاب لبرامجها الانتخابية، وصولا إلى الحملة الانتخابية والبرامج المعتمدة فيها وأدوات التواصل المعتمدة مع الناخبين، باعتماد سياسة تنموية مستدامة تستند إلى مبدأ التمييز الإيجابي لفائدة المناطق المهمشة اقتصاديا واجتماعيا عبر التراجع عن سياسة نزع الأراضي والمساس بالحق في الملكية الجماعية للأراضي والترحيل القسري وإغراق هذه المناطق بالمحميات والحيوانات المدمرة للبيئة ومصادر عيش المواطنين. من جهة أخرى، سجل التقرير، الذي استند إلى متابعة يومية لمجمل ما أنتجه 18 حزبا، غياب أية رؤية أو استراتيجية لديها في موضوع الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية ومعاناتها في مجال الإدارة والقضاء والإعلام والتعليم، حيث لا يتجاوز مجال التعامل بالنسبة إلى جزء قليل منها ( 5 أحزاب) موضوع أبعاد الهوية الوطنية والتهرب من تناول المعيقات الواقعية والموضوعية لرفع الحيف والإقصاء عن مقومات الهوية الأمازيغية. إلى ذلك، أعلنت الشبكة عن عزمها مواصلة النضال وبأدوات جديدة قد تتجاوز المجال الحزبي الضيق لإعطاء نفس جديد لملف الأمازيغية، وقال أرحموش في تصريح ل«المساء»: «جميع الاحتمالات قائمة، وسوف نتخذ القرارات المطلوبة في الشهور القادمة، بعد استنفادنا لوسائل التشاور والتنسيق بين مختلف الفعاليات الديمقراطية المستقلة المعنية بمستقبل الديمقراطية والعدالة اللغوية بالمغرب».