تستمر المنظمات الدولية في توجيه سهام انتقادها إلى وضعية حرية الصحافة والتعبير؛ ففي الوقت الذي ترى فيه الحكومة المغربية أن قانون الصحافة الجديد يعد خاليا من العقوبات التي تؤدي إلى الحبس وتشيد به، تعتبره المنظمات الدولية متجاوزا ويتضمن عدة خطوط حمراء. وفي هذا الإطار، طالبت "هيومان رايتس ووتش" بضرورة اعتماد تشريع يلغي تجريم التعبير السلمي، قائلة إن "القيود التي يفرضها القانون الجنائي تقوض الجوانب الإيجابية التي أتت بها القوانين الجديدة"، خاصة أن "القانون الجنائي المُعدل يحافظ بوجه خاص على عقوبة السجن للتعبير، الذي يمس بالنظام الملكي وشخص الملك والإسلام والوحدة الترابية للمغرب ؛ وهي الخطوط الحمراء التي تقيّد مناقشة بعض القضايا الرئيسية في المملكة بشكل نقدي". وقالت المنظمة الدولية، ضمن تقريرها الذي أطلقته اليوم تحت عنوان "الخطوط الحمراء ما زالت حمراء.. إصلاح قوانين التعبير في المغرب"، إنه "على السلطات المغربية إلغاء القوانين التي لا يمكن الدفاع عنها بموجب الاتفاقيات الدولية التي تؤكد على الحق في حرية التعبير". معتبرة أن هذه القوانين تشمل "أحكام القانون الجنائي التي تجرم القذف في حق مؤسسات الدولة، والإساءة إلى الإسلام. وبالنسبة إلى القيود على التعبير التي لها أساس بموجب القانون الدولي، مثل تلك المتعلقة بتمجيد الإرهاب والتحريض ضد الوحدة الترابية، على السلطات المغربية توضيح وتضييق تعريف الجريمة بحيث تلبي شرط الضرورة في مجتمع ديمقراطي، مثل حظر التحريض على العنف". وترى "هيومان رايتس ووتش" أن الإصلاح الأخير الذي أدخله المغرب على القوانين المتعلقة بحرية التعبير "حافظ على الخطوط الحمراء الشهيرة المفروضة على الخطاب النقدي، وعلى أحكام أخرى يمكن أن تُدخل الناس إلى السجن لمجرد التعبير السلمي عن الرأي". وتواصل قائلة ضمن تقريرها: "حافظ قانون الصحافة والنشر الجديد على معظم جرائم التعبير الموجودة في القانون السابق لعام 2002 بالصيغة نفسها أو مع تغيير طفيف، وألغي عقوبة السجن؛ لكنه حافظ على الغرامات وتوقيف المطبوعات بأمر من المحكمة"، مردفة: "على النقيض من ذلك، يحافظ القانون الجنائي، بالإضافة إلى الأحكام الجديدة التي تعاقب بالسجن أو الغرامة على جرائم الخطوط الحمراء، على عقوبة السجن لمجموعة من جرائم التعبير الأخرى. تشمل هذه الجرائم القذف في حق مؤسسات الدولة، وإهانة موظفين عموميين أثناء أدائهم لعملهم، والإشادة بالإرهاب، والتحريض على الكراهية أو التمييز، وتحقير المقررات القضائية بنية المساس بسلطة أو استقلال القضاء. العديد من هذه الجرائم صيغت بشكل فضفاض، مما يزيد من خطر استخدامها من قبل القضاة لقمع حرية التعبير". وفي هذا الإطار، طالبت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، ب"سحب عقوبة السجن من قانون ثم إدراجها في قانون آخر ليس إصلاحا مقنعا. على المغرب إلغاء عقوبة السجن للتعبير السلمي من جميع القوانين". وقالت المتحدثة ضمن التقرير: "تُقدم الحكومة المغربية قانون الصحافة الجديد على أنه خبر عظيم، لكن ما لم يُعدّل البرلمان القانون الجنائي بما يحمي المغاربة من عقوبة السجن بسبب التعبير السلمي والأفضل هو إلغاء تجريم أفعال التعبير التي لا ينبغي أن تكون مجرّمة أصلا لن يستحق قانون الصحافة المغربي أن يكون خبرا في الصفحة الأولى".