في تقريرها السنوي حول حرية الصحافة، رسمت منظمة مراسلون بلا حدود صورة قاتمة عن الإكراهات التي تواجه العمل الإعلامي بمختلف مناطق العالم، معلنة أن سنة 2016 كانت الأسوأ من نوعها بالنسبة إلى الصحافيين والمؤسسات الإعلامية. ومن أصل 180 دولة التي شملها التصنيف، احتل المغرب الرتبة 133، محافظا بذلك على ترتيبه الذي حققه في تقرير السنة الماضية، مقابل تراجع الجزائر إلى المرتبة 134، فيما احتلت تونس المرتبة 97، مسجلة موقعا مريحا بالمقارنة مع دول المغرب العربي، في حين جاءت ليبيا في المرتبة 163. وكشفت المنظمة ذائعة الصيت، في ندوة صحافية عقدتها اليوم الأربعاء بتونس لتقديم نتائج التقرير، "استمرار معاناة الإعلاميين أمام العديد من الخطوط الحمراء المفروضة من دول لا تبدو مستعدة لفسح المجال أمام الصحافة المستقلة للقيام بدورها المتمثل في مراقبة الأنظمة الحاكمة في شمال إفريقيا". وأبرز التقرير أن "المغرب أظهر عداء كبيرا تجاه الصحفيين الأجانب؛ حيث أقدمت السلطات المغربية على طرد خمسة إعلاميين أوروبيين خلال 2016"، مشيرا إلى أن السنة ذاتها "كانت صعبة على الصحافة الجزائرية بشكل خاص؛ حيث توفي محمد تاملت في السجن بعد اعتقاله بسبب نشر معلومات على جريدته الإلكترونية. كما تأكد خلال هذا العام مدى رغبة الحكومة الجزائرية في تكميم الصحافة بعد اعتقال إعلاميين اثنين ومدون إلى جانب تدخل السلطات لإلغاء عملية بيع أسهم صحيفة الخبر". أما تونس وإن واصلت تربعها على صدارة تصنيف منطقة المغرب العربي؛ "حيث تُعتبر الدولة الوحيدة التي نجحت حتى الآن في انتقالها الديمقراطي"، إلا أنها "لا تزال تشهد مناخاً يحول دون ترسيخ حرية الصحافة؛ وذلك بسبب استمرار الرقابة الذاتية من جهة، وتضارب المصالح داخل المؤسسات الإعلامية من جهة أخرى". وأبرز المصدر ذاته أن ليبيا "تعيش على وقع فرار الصحافيين من حالة الفوضى التي تعصف بالبلاد (حيث هرب أكثر من 50 إلى المنفى منذ عام 2011)؛ إذ لا يزال عدد الانتهاكات في تزايد مطَّرد وسط إفلات تام من العقاب في سياق حرب لا تتردد أطرافها المتناحرة في استهداف الأصوات الحرة". وعلى الصعيد العالمي، بينت معطيات التقرير استمرار احتلال الدول الاسكندنافية المراتب الأولى في احترام حرية الصحافة، وجاءت النرويج على رأس لائحة الدول التي شملها التقرير، تلتها السويد، وفنلندا، والدانمارك، مقابل احتلال كوريا الشمالية، وإريتريا، وسوريا، والصين، وفيتنام، والسودان، الرتب الأخيرة في التصنيف. ونبهت "مراسلون بلا حدود" إلى خطر "ارتفاع عدد البلدان حيث تعتبر حالة حرية الصحافة خطيرة للغاية، كما يتضح مدى المساوئ والويلات التي تؤدي إلى تقويض حرية الإعلام في مختلف أنحاء العالم"، مضيفة أن "خريطة حرية الصحافة في العالم تزداد ضبابية عاماً بعد عام؛ إذ لم يسبق للمؤشر الذي تقيِّمه مراسلون بلا حدود أن بلغ أبداً مثل هذه المستويات العالية، وهو ما يعني أن حرية الصحافة لم تكن قط مهددة على النحو الذي هي عليه اليوم". وشهد عام 2017، بحسب نتائج التقرير، انضمام ثلاث دول جديدة إلى أسفل الترتيب، و"يتعلق الأمر بكل من بوروندي (المرتبة 160، -4) ومصر (161، -2) والبحرين (164، -2)"، وبذلك أضحت "القائمة السوداء" تشمل ما لا يقل عن 21 دولة يعتبر فيها وضع الصحافة "خطيراً للغاية". أما "القائمة الحمراء" فقد أصبحت تضم 51 بلدا، مقابل 49 في العام الماضي، والوضع تفاقم في نحو ثلثي البلدان التي شملتها الدراسة.