أظهرت لقطات قديمة تم الكشف عنها أخيراً مدى وحشية الزعيم الليبي معمر القذافي التي اعتاد التعامل بها مع معارضيه، حيث جاء في شريط يرجع إلى العام 1984 كيفية تعامل النظام مع المعارض صادق حامد الشويهدي، الذي اتهم بالتآمر لاغتيال القذافي، ووصفته المحكمة بأنه "إرهابي من جماعة الإخوان المسلمين وعميل أميركي" ، ليتم إعدامه في ساحة ملعب كرة سلة وسط حضور الآلاف من طلبة المدارس، الذين أجبروا على مشاهدته وهو يتوسل إلى محتجزيه ليتم العفو عنه. وتظهر اللقطات التي تم اكتشافها مؤخرًا الشويهدي وحيدًا وسط الملعب وهو ينتحب ويعترف بانضمامه إلى "الكلاب الضالة"، وهو مصطلح خاص بالنظام لوصف المعارضين، وهي لقطات التقطت قبل أن ينفذ فيه حكم الإعدام، وكان بين الجمهور امرأة شابة تصرخ وهي ترفع قبضتها في حماسة مثيرة للغثيان وتدعو منفذ الحكم لشد شويهدي من قدميه أثناء شنقه، وقد أصبح منفذ الحكم بن عامر من المقربين لدى القذافي حتى هرب خارج البلاد مع أحداث هذا العام. وقال المراقب والباحث الحقوقي بيتر بوكارت، الذي كشف عن اللقطات، إن إبراهيم شقيق الشويهدي أعطاه أربعة أشرطه أخرى ليحافظ عليها للأجيال المقبلة. وعمل بوكارت مع تيم هيذرنغتون، وهو مصور حروب أميركي تم قتله في أبريل الماضي أثناء تغطيته لأحداث حصار مصراتة، وحصل بوكارت وتيم على مئات الصور والتسجيلات من مكاتب أمن الدولة التي أحرقها المتظاهرون، العديد منها يظهر فيها القذافي في شبابه في حالة استرخاء بعد الثورة في العام 1969 مع بطله الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وتظهر لقطات أخرى الملك السابق إدريس السنوسي أثناء وجوده في المغرب، بينما تظهر لقطات أخرى فترة الغضب العالمي ضد ليبيا والتي قال فيها الرئيس الأميركي رونالد ريغان على القذافي إنه "كلب الشرق الأوسط الضال"، والذي ابتعها باستهداف منزله ما تسبب في استشهاد ابنته بالتبني. وجاء إعدام الشويهدي بعد الهجوم الجريء على مجمع القذافي في باب العزيزية في طرابلس بدعم من الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وهو الهجوم الذي قتل خلاله ابن عم الشويهدي وتم القبض على ألف شخص أعدم منهم 12 شخصًا علنا أثناء عطلة شهر رمضان. وكان تدريب الشويهدي وزملائه قد تم في المغرب وتونس بقيادة زين العابدين بن علي، الذي أصبح فيما بعد رئيسًا لتونس، وقال أحد زملاء الشويهدي إنه ترك الحياة المريحة في الولاياتالمتحدة وجاء إلى ليبيا وهو يعلم أنه يخاطر بحياته. واستمرت انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا بشكل دائم حتى بدأ القذافي في رأب الصدع مع العالم الخارجي، حتى إنه قد أمر في العام 1996 بقتل 1200 سجين منهم الكثير من الإسلاميين، في مذبحة بشعة جرت في سجن أبو سليم في طرابلس. ولم يتم بعد محاسبة أي مسؤول ليبي من المسؤولين عن تنفيذ تلك الجرائم، وكانت الاحتجاجات التي قام بها المحامون الممثلون لأسر الضحايا الشرارة الأولى للانتفاضة في بنغازي. ويذكر أنه قد تم إصدار مذكرة اعتقال بحق معمر القذافي ونجله سيف الإسلام ومدير المخابرات عبد الله السنوسي من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية ارتكبت في بداية الاضطرابات خلال شهر فبراير. وأكد بوكارت أن هذا الفيلم لن تكون له صلة بقضية المحكمة الجنائية الدولية لأنه لا يغطي سوى فترة زمنية محدودة، مضيفًا أنه شعر بضرورة الحفاظ على هذا الجزء من التراث الصادم للشعب الليبي، وهو أيضًا جزء من تراث صديقه تيم هيذرنغتون لأنه كان المشروع الأخير الذي عمل به قبل مقتله على أيدي رجال القذافي.