مدينة الدارالبيضاء، اليوم الأحد، ليست على غرار باقي الأيام، فمباراة "الديربي" التي تجمع فريقي الوداد والرجاء البيضاويين، يقسمان العاصمة الاقتصادية إلى نصفين. ألوان حمراء وخضراء هنا وهناك. أغاني الفريقين وشعاراتهما تصدح في كل مكان، و"كلاكسون" السيارات والدراجات نارية كسّر هدوء المدينة المعتاد صبيحة كل أحد، والأمن ينتشر في جميع الطرقات والشوارع، كأن الأمر يتعلق بحالة "حظر للتجوال". استنفار أمني على طول شوارع "الجيش الملكي" و"أنفا" و"لالة الياقوت" وغيرها، تنتشر مختلف التعزيزات الأمنية إلى جانب القوات العمومية؛ وذلك لتأمين مباراة القمة ال124، التي تجمع بين فريقي المدينة. وعلى طول هذه الشوارع، كانت عناصر فرقة الدراجين التابعة لولاية أمن الدارالبيضاء تجوب الشوارع ذهابا وإيابا، وأعينها مفتوحة ومتيقظة على كل من قد يرغب في إفساد الفرجة البيضاوية والقيام بأعمال شغب قبل انطلاق المباراة زوال اليوم. وحسب مصادر أمنية، فإن مصالح ولاية أمن الدارالبيضاء خصصت لتأمين هذه المباراة ما يزيد عن 3500 أمني، حيث التحقت بمصالحها عناصر من باقي المدن المجاورة، بغية تعزيز الحضور الأمني الكافي وفي سبيل ضمان مرور المباراة في أجواء جيدة بعيدا عن أجواء الشغب التي شهدتها مباريات سابقة.. السوق السوداء بالرغم من التحذيرات التي وجهتها سلطات ولاية جهة الدارالبيضاءسطات إلى الجماهير البيضاوية الراغبة في ولوج المركب الرياضي محمد الخامس الواقع في قلب المدينة لمتابعة أطوار المباراة، فإن مئات الجماهير حضرت بجوار الملعب دون توفرها على تذاكر الولوج. وانتشر على طول الشوارع والأزقة المؤدية إلى المركب المذكور عشرات من البيضاويين الذين يحملون تذاكر الولوج إلى الملعب، حيث يقومون بإعادة بيعها؛ وهو ما يجعل السوق السوداء تنشط بشكل كبير. ووجد عدد من مشجعي فريقي الرجاء البيضاوي والوداد البيضاوي، خاصة القادمين من مدن أخرى، أنفسهم أمام أمر الواقع، لا سيما بعدما علقت يافطة بالقرب من الملعب تؤكد نفاد التذاكر، حيث اضطروا لشراء هذه التذاكر في السوق السوداء. وحسب المعطيات التي استقتها هسبريس من العديد من الشباب الراغبين في متابعة المباراة، فإن أثمنة بيع التذاكر متفاوتة؛ فقد أكد أحد مشجعي الفريق الأحمر أنه قام باقتناء التذكرة ب80 درهما، مشيرا إلى أن "حبي للوداد البيضاوي دفعني إلى اقتنائها بهذا الثمن". ولم يلق عدد من الجماهير بالا لتحذيرات السلطات، التي كانت قد حذّرت من التذاكر المزورة، حيث أكدت أنها "قد تعرض الشخص الذي تضبط بحوزته لإمكانية المتابعة القضائية بتهمة التزوير واستعماله"، مشيرة إلى أن العدد الأقصى لكل مشتر تم تحديده في 3 تذاكر مع إدلائه ببطاقة التعريف الوطنية. امتحان المنظمين تعتبر المباراة، التي تجرى عصر اليوم الأحد، امتحانا كبيرا لشركة "الدارالبيضاء للتنشيط والتظاهرات"، التي تتولى الإشراف على تنظيم عملية الولوج إلى المركب الرياضي محمد الخامس، حيث ستكون ملزمة بضمان سير الولوج، وأن تتم العملية على أحسن ما يرام. محمد الجواهري، رئيس شركة "الدارالبيضاء للتنشيط والتظاهرات" المفوض لها من لدن مجلس المدينة بتدبير هذا المرفق، أكد أن "جميع الإجراءات وكل التدابير اللازمة قد اتخذت من لدن الطاقم التابع للشركة من أجل ضمان مرور المباراة في إطار جيد". وأضاف الجواهري، في اتصال هاتفي بجريدة هسبريس، أن "أبواب الولوج إلى المركب الرياضي محمد الخامس فتحت منذ ساعات الصباح، وذلك لتسهيل ولوج الجماهير"، داعيا في الوقت نفسه "أنصار فريقي الرجاء والوداد إلى التعاون مع المنظمين واحترام مناطق الجلوس الموجودة في التذاكر لتمر المباراة في احتفالية كبرى". من جهته، أكد كريم الكلايبي، عضو مجلس مدينة الدارالبيضاء، أن "مباراة الديربي هي احتفالية نتمنى نجاحها لما لها من انعكاس إيجابي على الرياضة المغربية بشكل عام وصورة المغرب خارجيا"؛ غير أنه عبّر عن استغرابه لطريقة تنظيم هذه المباراة من لدن الشركة المذكورة، مشيرا إلى أن "الشركة أخبرتنا بأن التنظيم سيكون في المستوى؛ لكن نرى العكس، مع العلم أنني شخصيا كنت قد لفت انتباهها إلى هذه المباراة". وأضاف المستشار المنتمي إلى صفوف حزب الأصالة والمعاصرة أن "الطرق التي حصل بها المشجعون البيضاويون على التذاكر لم تحترم أدميتهم"، ناهيك عن أن "الشركة كانت قد وعدت بفتح شبابيك كثيرة لتسهيل ذلك؛ غير أن معاينتنا لذلك في الأيام الماضية أظهرت العكس، حيث كانت الشبابيك المفتوحة في وجوههم معدودة"، يضيف المستشار الجماعي، الذي لفت إلى أن "منتخبي المدينة سيتابعون ذلك، ولن يتسامحوا مع الأخطاء التي تقع". كل شيء يباع في "الديربي" خلال مباراة "الديربي"، تنشط حركية البيع والشراء بالقرب من فضاء المركب الرياضي محمد الخامس. أصحاب المأكولات الخفيفة يتقاطرون منذ الساعات الأولى للصباح، من أجل تقديم وجبات لفائدة الجماهير التي ستلج المركب منذ الصبيحة وتظل إلى مساء اليوم، إذ يجد المشجعون أنفسهم مضطرين لإدخال مأكولات تقيهم الجوع داخله. ولا يقتصر الأمر على أصحاب المأكولات، إذ إن بائعي قبعات وأقمصة تحمل ألوان الفريقين وأسماء لاعبي الوداد والرجاء بدورهم يتقاطرون بالقرب من المركب؛ وهو ما يجعل الجماهير تتهافت على اقتناء تلك المنتوجات والإكسسوارات قبل الولوج إلى الملعب.