قبل نحو أسبوعين، كانت أنثى الفيل الأفريقي روبرتا عبارة عن مجموعة من العظام يكسوها الجلد وكانت تستطيع بالكاد الوقوف على أقدامها بعد أن فقدت ألفي كيلوغرام من وزنها. وقد انتشرت صور الفيلة الهزيلة في حديقة الحيوان الرئيسية بفنزويلا حول العالم واعتبر ذلك وصمة عار للحكام الاشتراكيين في البلاد. وفي الوقت الذي ظهر فيه الرئيس نيكولاس مادورو على شاشات التلفاز ليلقي باللوم على تقدم السن في تلك الحالة المأساوية التي لحقت بهذا المخلوق، بدا أن روبرتا بدأت تكتسب بعض الوزن القليل مجددا، ويفترض أن ذلك جاء بعد أن تمت تغذيتها بشكل سريع. وبعيدا عن أبواب حديقة حيوان "كاريكيواو زوو"، لا تزال الأزمة في فنزويلا حادة. ومما يبعث على الدهشة أن البلد الذي يوجد فيه أكبر احتياطي نفطي في العالم، غارق في الفقر وبات على شفا الانهيار، بعد 18 عاما من الحكم الاشتراكي. وأدى التضخم وسوء الإدارة إلى الوصول بفنزويلا إلى حافة الهاوية. ولا يتم إنتاج سوى القليل جدا هناك بعيدا عن النفط، ولا يوجد أي أموال لاستيراد الأغذية، كما أن السكان يعانون أيضا من نقص التغذية. وتعتبر الرحلة إلى حديقة الحيوان التي تتسع مساحتها إلى 630 هكتارا محنة في حد ذاتها، حيث يمر الزوار من خلال بعض من أكثر المناطق حرمانا وسط أماكن متهدمة وخطيرة في كراكاس قبل الوصول إلى الدرب المهجور. ولا يوجد مكتب للتذاكر واللافتات جميعها يعلوها الصدأ وتتناثر القمامة حول مواقف السيارات الفارغة التي تكسوها الأحراش. وبالداخل، يوجد هناك اثنتان من الجاموس تستلقيان فى حالة من الضعف تحت أشعة الشمس، في حين أن مئات من النسور السوداء تقف على غصون الأشجار وتبدو عليها علامات تدل على الظروف الصعبة . وهناك عدد قليل من القرود النحيلة والمشاكسة تهيم على وجوهها، أما حيوان البيسون المتسخ فهو يستطيع بالكاد أن يقف على قدميه. ولكن محل الاهتمام الحزين هي أنثى الفيل روبرتا، التي أصبحت ضعيفة للغاية حتى أنه تعين عليها أن تعتمد على خرطومها في دعم نفسها. وكانت باريس جاكسون، ابنة أسطورة موسيقى البوب الأمريكي الراحل مايكل جاسون، من بين أولئك الذين يقيمون في الخارج وطالبت بمساعدة تلك الفيلة. وغردت جاكسون قائلة: "هذا أمر غير إنساني ومثير للغضب". وهناك شاب يدعى جييرمو يرتدي قميصا أصفر اللون ويعرف نفسه على أنه حارس روبرتا. ويسير جييرمو على نفس الخط الذي تنتهجه الحكومة في رفض أن يكون الإهمال وسوء التغذية هما سبب الحالة المتردية لروبرتا. ويقول جييرمو: "إنها مجرد محاولة لجعل روبرتا أداة سياسية"، وعزا النقص الشديد في وزن تلك الفيلة إلى " إعتلال في الكبد". وهناك قلة من الأشخاص يهتمون بالوضع. فعندما أرجع الأطباء البيطريون الحالة السيئة التي لحقت بروبرتا إلى نقص التغذية ومرض يتسبب في الإسهال الشديد، ذهب عشرات من المواطنين إلى حديقة الحيوان ومعهم بعض الأغذية. لكن تم رفض تلك العروض لأنه بمجرد قبولها فإن ذلك سيكون اعترافا بأنه ليست هناك أطعمة كافية للحيوانات. ويتناول الفيل الواحد 40 كيلوغراما من الطعام يوميا. وقال الرئيس مادورو، الذي يحكم البلاد بقبضة حديدية متزايدة ، خلال واحدة من مرات ظهوره المنتظمة في التلفزيون ليوم الأحد: "فيلتنا الغالية روبيرتا في سن متقدمة". وشدد مادورو على أن تقارير سوء التغذية هي مجرد تضليل من جانب خصوم الحكومة لزعزعة معنويات الشعب الفنزويلي. وتبلغ روبرتا من العمر 47 عاما، ولكن الفيلة يمكن أن يعيش إلى 80 عاما. ويخضع نقاد الحكومة لقمع أكبر من أي وقت مضى في فنزويلا. ووصف عالم الأحياء أليكس فيرجسون، وهو أستاذ بجامعة كاراكاس، الوضع بأنه "حالة واضحة من سوء التغذية". ويقول إنه بقدر ما هو محزن ، فإن ذلك الأمر يعكس ما يحدث في فنزويلا ككل. والآن تعاني فنزويلا التي كانت أغنى بلد في أمريكا الجنوبية، من الجوع. ويقول فيرجسون إن حوالى أربعة آلاف طفل يموتون هنا من سوء التغذية كل عام. ويضيف فيرجسون عن الوضع في فنزويلا الحديثة: "إنك لا تعرف ما إذا كان عليك أن تضحك أو تبكي، فهي تتميز بسمات الكوميديا التراجيدية ". *د.ب.أ