لن يصير شيء كما هو عليه في السياسة الفرنسية بعد الانتخابات الرئاسية يوم غد الأحد. فبعيدا عن الأحزاب التقليدية يلوح في الأفق نظام جديد سيدشنه أحد ثلاثة مرشحين من خارج نظام الثنائية الحزبية. وتتحدى كل من مارين لوبان وايمانويل ماكرون وجان لوك ميلونشون (من اليمين المتطرف والوسط، واليسار المتطرف) على الترتيب، كل على طريقته، النظام السائد منذ عقود في فرنسا. ويثق كل منهم في أنه سيصبح أول رئيس يصل إلى قصر الإليزيه دون دعم الحزبين الكبيرين اللذين حكما الجمهورية الخامسة: الحزب "الاشتراكي" و"الجمهوريين" المحافظ. ولكن في حال فوز المرشح المنسوب إلى اليمين، فرانسوا فيون، فستظل السلطة في أياد "معروفة". وتتوقع استطلاعات الرأي حاليا سيناريو أقرب إلى التعادل الفني، مع تصدر ماكرون ولوبان لها خلال الأشهر الماضية. وبذلك أصبح الفارق ضئيلا في الاستطلاعات بين الابن الضال عن الاشتراكية وبطلة اليمين المتطرف. وقبل يومين من الجولة الأولى، صار الفارق في الاستطلاعات بين المرشحين الأعلى تأييدا في استطلاعات الرأي وفيون وميلونشون بين 3 و4%، وهي نسبة أعلى بقليل من هامش الخطأ، وبالتالي فإن فرصة فوز أي منهم ممكنة في المرحلة النهائية. وبغض النظر عن النتيجة، فإن هذه الانتخابات ستكون خالدة في الذاكرة لأنها شاهدة على انهيار الاشتراكيين والمحافظين، والذين قد لا تحقق أصواتهم بشكل مشترك ثلث الأصوات. في حالة الجمهوريين، رغم أن حظوظ فيون لازالت قائمة، فإن سقوطهم يبدو في جميع الأحوال مرتبطا بقضايا الفساد التي اتهم فيها مرشحهم باختلاس أموال عامة. وحين أجرى يمين الوسط الانتخابات التمهيدية في نونبر، كان هناك اتفاق عام على أن مرشحهم ضمن وضع قدم ونصف في قصر الإليزيه. ولكن فضيحة الوظائف الوهمية التي يشتبه أن فيون منحها لزوجته وابنيه الاثنين، والتي كشفتها مجلة "لو كارنار انشاين" المحلية، قلبت الطاولة على المحافظين الذين يخشون الآن من خسارة الانتخابات التي كانوا يعتقدون قبل ستة أشهر أنهم سيفوزون بها. ولازال المشهد أيضا في صفوف الاشتراكيين أكثر غموضا، إذ ترجح استطلاعات الرأي عدم وصول مرشحهم بينو هامون، وزير التعليم السابق، إلى جولة الإعادة، حتى إنه قد يحصل على أقل من 10% من الأصوات. وأثار قرار الرئيس الحالي فرنسوا هولاند عدم الترشح لولاية جديدة ضجة داخل الحزب الذي أجرى انتخابات تمهيدية عظّمت دور الجناح المتمرد والمتمثل في هامون، وعاقبت رئيس الوزراء السابق المعتدل مانويل فالس. وما زاد الطين بله على الاشتراكيين بزوغ نجم وزير الاقتصاد السابق ماركون بشكل منفرد، ليواجهوا مشكلة حقيقية في هذه الانتخابات، يمكن أن تتفاقم في الانتخابات التشريعية في يونيو المقبل. وستؤدي هذه الانتخابات في الواقع إلى ميلاد مشهد سياسي جديد في البلاد، قد يتضمن مولد برلمان مفتت، رغم أن نظام الانتخاب على جولتين يكرس الثنائية الحزبية.