وفقا لمنظمة دار الحرية الأمريكية Freedom House organisation المختصة في دراسة العمليات الديمقراطية في مختلفة دول العالم، يعرف المغرب منحنى ديمقراطي تنازلي يعبر عنه تقرير هذه المنظمة الصادر سنة 2016، الذي يمنح المغرب تقييم 12/5 بالنسبة للعملية الانتخابية، وتقييم 12/3 لوظائف الحكومة وهذا ما يعتبر تقييما جد متدني، حيث يورد التقرير أنه بالرغم من أن تثبيت المسئولين المنتخبين في الحكومة يتم على النحو الواجب، فإن سلطاتهم في صياغة البرامج والسياسات العامة تبقى مقيدة بشكل كبير بالية المجلس الوزري الذي يرأسه الملك، وكذا بسلطات مستشاري الملك، الذين يصفهم التقرير بأنهم يسيطرون على معظم أذرع السلطة، وهذا ما نعتبر أمرا طبيعيا كما سنأتي على تبيان ذلك. أما على مستوى الحريات المدنية، فقد حصل المغرب على تقييم 60/26، يشمل كل من حرية التعبير والمعتقد بتقييم وصل إلى 16/8، في حين حصلت حرية تكوين الجمعيات على تقييم 12/5، الخ. هذه التقييمات تعبر، دون أدنى شك، عن طبيعة العملية الديمقراطية بالمغرب، التي، بالرغم من التطور الحاصل، فإنها لا زالت تعاني مجموعة من المشاكل سواء تلك المرتبطة بالبناء أو بالممارسة الديمقراطية. كما أن طبيعة هذه المشاكل، تجيز التساؤل المشروع حول شروط الديمقراطية ببلادنا. فإذا كانت التعددية الحزبية، والانتخابات الدورية، إلى غير ذلك، من الشروط الاساسية للعملية الديمقراطية، فإنها تبقى شروطا هشة، خاصة إذا ما علمنا أنه بالرغم من وجود تعددية حزبية، وهنا الحديث عن ما يفوق ثلاثون(30) حزبا سياسيا، فإنها تعددية حزبية عاجزة وغير فاعلة، إذا لم تكن في الحقيقة فاشلة، ذلك أن غالبية هذه الأحزاب تفتقد للرؤية الواضحة لتدبير الملفات المهمة، التي تأتي في مقدمتها قضايا التعليم، الصحة، كما أنها عاجزة عن تدبير الملفات الاحتجاجية بالريف، بل وحتى القضايا الوطنية التي تأتي في مقدمتها قضية الصحراء، وهذا ما يجعل من الطبيعي، نتيجة للوضعية الحزبية الفاشلة والعاجزة، أن يتدخل جلالته ومستشاريه في مختلف القضايا، بل وحتى السيطرة على مختلف أذرع السلطة. ولعل أكبر دليل على هذا العجز هي البرامج الحزبية التي تُطرح مع كل المحطات الانتخابية، والتي تكاد تكون متشابهة، بل ومتطابقة إذ أنها تتناول جميعها نفس المواضيع، وتضع نفس الخطوات لمعالجتها. من هذا المنطلق، سيكون على الدولة مراجعة سياستها الحزبية، بل وغالبية هذه الأحزاب، إذ لا يعقل أن تستفيد هذه الأخيرة من الدعم العمومي، الذي هو من أموال دافعي الضرائب، في حين أنها على أرض الواقع (أي هذه الأحزاب) غير فاعلة وعاجزة حتى عن تأطير المواطنين سياسيا، بل وغائبة إلى حين موعد الانتخابات حيث أنها تعمل على خلاف المعمول به الدول الديمقراطية، بتنظيم المؤدبات الغذائية إلى غير ذلك من ممارسات التي تعبر عن مستوى دنيء للعملية الديمقراطية ببلادنا. وهذا ما يفرض ضرورة مراجعة الدولة لسياساتها الحزبية. كذلك من بين الشروط التي تؤسس للديمقراطية نجد نسبة الأمية. فالرغم من أن هذه النسبة متفشية إلى حد ما في المجتمع المغربي، فإنه على الأقل سيكون من الضروري وضع شروط علمية لولوج ممثلي الأمة إلى البرلمان، إذ لا يعقل أن يضحى شخص أمي، لا دراية له بالعمل البرلماني،ممثلا لفئة لمثقفة من المواطنين. من هذا المنطلق سيكون من المفيد، لسلامة العملية الديمقراطية ببلادنا، فرض شروط معنية على المتقدمين للانتخابات سواء الجماعية منها أو التشريعية. كذلك من بين أهم شروط العملية الديمقراطية، نجد مبدأ المحاسبة. وهنا سيكون من الضروري إثارة قضية محمد أوزين وزير الشباب والرياضة السابق، الذي يعتبر مسئولا على مهزلة ملعب كرة القدم بالرباط، الذي تم إعفائه بعد ذلك، في حين يجب أن يحاسب، إذا لا يعقل أن لا يتم ذلك، علما أن دستور 2011 يربط المسؤولية بالمحاسبة. وهذا ما يدخل في صميم العملية الديمقراطية، إذا أن هذه الأخيرة حسب بعض الباحثين (عبد الله السويجي في مقال له بعنوان شروط الديمقراطية- 2011-) هي ضد الفساد والمفسدين، وضد الجهل والجاهلين، وضد العصبية والمتعصبين، وضد الاحتكار والمحتكرين، وضد الاستبداد والمستبدين، وضد النفاق والمنافقين، وضد السرقة والسارقين، وضد الفقر والغدر وسوء النية واستصغار الآخرين، وضد الاستغلال والمستغلين. فهي تحاسب كل هؤلاء وتخضعهم لأحكام القانون. *باحث في العلوم السياسية بكلية الحقوق سطات. [email protected]