بالمنطقة الجبلية اشتوكة آيت باها، تقع جماعة أوكنز، التابعة إداريا لقيادة تنالت، دائرة آيت باها، والتي يغلب على أشكالها التضاريسية الطابع الجبلي بنسبة 99 في المائة، ويبلغ عدد القاطنين بنفوذها حوالي 4670 نسمة، وفقا لنتائج الإحصاء العام للسكّان والسكنى لسنة 2014، ويتوزعون على 104 مداشر. يعاني قطاع الصحة على مستوى الجماعة الترابية أوكنز من نقص حادّ على مستوى التجهيزات الصحية، وكذا الأطر الطبية والتمريضية، إذ تضطرّ الساكنة إلى الاستعانة بخدمات مركز صحي جماعي وحيد، يتواجد بمركز الجماعة، وتفصله أكثر من 35 كيلومترا عن أبعد دوار. كما أن معاناة الساكنة تتفاقم مع عدم تواجد أي صيدلية، والتوفر على سيّارة إسعاف وحيدة، بحيث تتزامن رحلة نقل مريض نحو المدن القريبة مع لحظات احتضار مرضى آخرين، في انتظار رحلة العودة. بعد الساكنة عن الولوج إلى الخدمات الصحية اللائقة ينضاف إلى معاناتها مع قسوة ووعورة التضاريس، إذ أورد الفاعل الجمعوي لحسن بنضاوش، ضمن تصريح لهسبريس، أن تعيين طبيب وتوسيع المركز الصحي الوحيد، وتحسين الخدمة الصحية، يُعدّ مطلبا اجتماعيا مُلحّا للساكنة منذ مدّة، بالنظر إلى تكبّدها أعباء إضافية من أجل التنقل إلى المراكز الحضرية القريبة من أجل الفحص أو الاستشفاء. ومن أجل التخفيف من معاناة القاطنين ببعض المناطق في جماعة أوكنز، جرى إحداث قاعتين بكل من دوار "أكرض أولم" و"أساي" البعيدين؛ لضمان تنفيذ تدخّلات تمريضية كتلقيح الأطفال، بعد أن يقصدهما ممرض على الأقل مرّة كل أسبوع، وفق تصريحات متطابقة لساكنة هذه المناطق؛ فيما تبقى عدد من القبائل، كآيت عين وآيت صواب، دون أي مبادرة من هذا النوع، ما يفرض التنقل إلى مراكز تنالت أو آيت موسى من أجل الاستفادة من الخدمة الصحية. واقع التعليم ليس أحسن حالا، إذ أورد خالد أُشاطر، رئيس الجماعة الترابية لأوكنز، أن جلّ المؤسسات التعليمية تدهورت بنياتها، مع استمرار البناء المُفكّك دون تعويضه بالبناء الصلب، زيادة على مشاكل النقل المدرسي، لاسيما لتلاميذ المستوى الإعدادي، وزاد: "الجماعة تتوفّر على سيارة واحدة للنقل المدرسي، يستفيد منها أزيد من 110 من التلاميذ، ما يضاعف من معاناة هؤلاء وأسرهم في الوصول إلى إعدادية تنالت". واقع مرير كشفه رئيس الجماعة الترابية أوكنز، يتجلّى في شروع بعض الوحدات المدرسية الفرعية في توقيف خدماتها، بفعل قلة عدد التلاميذ المتمدرسين، ما يضطرهم إلى التنقل إلى فرعيات بعيدة، كما حصل في مناطق "لزال وإغيراد"؛ وهي ظروف صعبة "ساهمت فيها المصالح المعنية بالقطاع، مُساهمة بذلك في استفحال الهدر المدرسي، والهجرة نحو المدن"، وفق تعبيره. وفي الإطار نفسه أورد خالد أُشاطر أن أزيد من 12 تلميذا وتلميذة في سن التمدرس بمناطق مثل توودانت وتيروكت لا يلتحقون بصفوف الدراسة بشكل قطعي، نظرا لبعدهم عن فرعية "أنزكارن"، وزاد: "الجماعة عمدت إلى بناء قاعة للدراسة، ولم يجرِ تعيين أي مدرّس بها أو تجهيزها، تحت ذرائع اتباع الخريطة المدرسية". وفي سياق متصل، قال جامع الحبيب، أب تلميذ بالمنطقة، إن عددا من المؤسسات التعليمية لا تستفيد من الإطعام المدرسي، وإن توفّر، وزاد: "كمية ونوعية وجودة المواد تدعو إلى الاستغراب والاشمئزاز"، موضحا أن "من بين مشاكل هذه القطاع أن الأبناء المتمدرسين تُجابههم مشاكل التضاريس والمناخ، في الفترات المطيرة على الخصوص، والبعد عن الوحدات الفرعية والمركزية، بالإضافة إلى مشاكل ذات صلة بالاستفادة من برنامج التحويلات المالية المشروطة "تيسير"، إذ تتساوى قيمة تلك التعويضات مع مصاريف التنقل إلى مراكز البريد". أمام مُعيقات التمدرس بهذه المناطق، والطبيعة التضاريسية وتشتت التجمعات السكانية، يرى خالد أشاطر أنه لتجاوز هذه الأوضاع المقلقة التي يُعاني منها هذا القطاع الاجتماعي الحيوي، "لا بدّ من التفكير في إحداث مدرسة جماعاتية بمفهومها الحقيقي، تتوفّر فيها شروط استقرار الأطر الإدارية والتربوية، بالإضافة إلى ضمان جودة إقامة المتمدرسات والمتمدرسين وإيوائهم"، وزاد: "الجماعة مستعدّة لتوفير الوعاء العقاري، ورفعنا عدة ملتمسات إلى الجهات المعنية دون جدوى". المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية باشتوكة آيت باها، عبد الهادي بوناكي، أوضح ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن من المرتقب توسيع الحجرات الدراسية بالوحدة المركزية الواحة بمركز أوكنز، في انتظار عقد شراكات مع جهات أخرى، كالمجلس الجماعي والإقليمي والجهوي، لاقتناء ثلاث سيّارات للنقل المدرسي، لضمان نقل التلاميذ والتلميذات من وإلى مقرات سكناهم بشكل يومي، وزاد: "الهدف من ذلك هو توفير ظروف حسنة للتمدرس، ومواجهة تناقص أعداد التلاميذ بالوحدات الفرعية". وأضاف المسؤول عن الشأن التربوي بإقليم اشتوكة آيت باها أن من المحتمل، في حدود الإمكانيات المُتاحة، استفادة تلميذات وتلاميذ عدد من المؤسسات التعليمية القريبة، في انتظار تعميم التجربة على باقي الوحدات المركزية، كأولبن. وبخصوص برنامج "تيسير"، أوضح المتحدّث أن المديرية الإقليمية ينحصر دورها في حصر أعداد التلاميذ المستفيدين في الجماعات المستهدفة ببرنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتصحيح بعض الأخطاء في لوائح المستفيدين. أما المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، خالد الريفي، فاكتفى في اتصال أجرته معه هسبريس بأن مندوبيته تنظم بين الفينة والأخرى حملات طبية متنقلة إلى هذه المناطق، من أجل مواجهة النقص الحاصل في بعض الخدمات الصحية، المرتبطة بالبعد وغياب الطبيب، دون أن يُحدّد أي إجراءات يحتمل اتخاذها لتعيين طبيب والتحديات المطروحة على قطاع الصحة بهذه المنطقة.