لَمْ يَسْلم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من عدوى الحراك الداخلي الذي تعرفه عدد من الأحزاب المغربية في الآونة الأخيرة؛ فقد التأم عشرة أعضاء من المكتب السياسي لحزب "الوردة"، يوم الأحد الماضي بمدينة الدارالبيضاء، وأصدروا بلاغا مشتركا عبّروا فيه عن عدم رضاهم عن الوضعية الحالية للحزب. الأعضاء الموقعون على البلاغ، وهم محمد الدرويش وعبد الكبير طبيح وسفيان خيرات وكمال الديساوي وعبد الوهاب بلفقيه ووفاء حجي وحسناء أبو زيد ومحمد العلمي وعبد الله لعروجي ومصطفى المتوكل، عبّروا عن "الشعور بالقلق والخيبة تجاه مسلسل التراجع السياسي والتمثيلي لحزبنا". وعرفتْ نتائج حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تراجُعا في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 07 أكتوبر الماضي، إذ لم يظفر سوى ب20 مقعدا؛ بينما كان يتوفّر، في الولاية الحكومية السابقة على 39 مقعدا. إدريس لشكر، الكاتب الأوّل لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، رفض التعليق على موقف أعضاء اللجنة التنفيذية العشرة، واكتفى بالقول في اتصال مع هسبريس: "لا تعليق. شوف التعاليق عبر مواقع كل الاتحاديين والاتحاديات من طنجة إلى الكويرة". من جهة ثانية، انتقد أعضاء اللجنة التنفيذية الغاضبون المنهجية التي اعتمدتْها قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للتحضير للمؤتمر العاشر للحزب، المزمع انعقاده ما بين 19 و21 ماي المقبل، معتبرين أنها "لا تستجيب لتطلعات الاتحاديين والاتحاديات في جعل المؤتمر محطة لتقويم الاختلالات العميقة التي تعيق انبعاث الفكرة والأداة الحزبيتين الكفيلتين بردم الهوة التي تفصل الحزب عن المجتمع". الموقّعون على البلاغ أكّدوا أنّ الاجتماع الذي دعوا إليه "هو لقاء أخوي لا يحل محل الأجهزة الحزبية محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا"؛ بينما قال محمد الدرويش، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، وأحد الموقعين على البلاغ، إنّ الاجتماع تمّ "بمبادرة فردية أصبحت قناعة جماعية بفعل التقييم الموضوعي للمرحلة الفاصلة بين المؤتمر الوطني التاسع للحزب وبين المؤتمر الوطني المقبل". وجوابا عن سؤال حوْل ما إنْ كانَ أعضاء اللجنة التنفيذية العشرة المجتمعين بالدارالبيضاء يطمحون إلى تنصيب قيادة جديدة لحزب "الوردة"، قال الدرويش: "نحن لا تجمعنا علاقات شخصية وذاتية، بل المشترك بيننا هو وحدة الحزب وتقويته"، لافتا إلى أنّ المجتمعين قاموا بتقييم أوّلي لوضعيات الحزب خلال المرحلة الراهنة، انطلاقا من البرنامج التنظيمي وإعادة هيكلة الحزب على جميع المستويات، وكذا الاستعدادات للمؤتمر الوطني العاشر للحزب. رفاقُ لشكر العشرة ناقشوا مستقبل حزب الاتحاد الاشتراكي، والوضعية التي أضحى يعرفها الحزب في علاقته بالمجتمع، وكذا أزمة المنظومة السياسية والاجتماعية في المغرب، حسب ما أفاد به الدرويش، مُبرزا أنهم اتفقوا على أن "نعمل جميعا كل من موقعه الحزبي والمجتمعي على تقوية تواجدنا في المجتمع والعمل على فتح نقاش جاد ومسؤول مع كل الطاقات الاجتماعية والحزبية". وفي هذا الإطار، اعتبر أعضاء المكتب التنفيذي العشرة، في بلاغهم المشترك، أنَّ "إعادة بناء أداة حزبية فعالة ووازنة هو وحده الكفيل بإعادة النظر في النموذج التنظيمي المبني على التسيير الفردي والذي كان من بين نتائجه إبعاد ونفور العديد من المناضلات والمناضلين، وتحجيم حضور الحزب في مختلف المستويات التمثيلية والتدبيرية وتبخيس صورته لدى المجتمع". وذهب الدرويش إلى القول إنَّ الدعوة إلى اجتماع يوم الأحد جاء باعتبار "أنّ اللحظة الحالية هي المناسبة، خصوصا إذا علمنا أن الحزب قد أنهى كل الاستحقاقات التنظيمية والتمثيلية، وهو الآن يستعد للمؤتمر العاشر"، وأرف، متسائلا: "متى تريدون منا أن نعبر عن موقفنا، خصوصا إذا علمنا أن الجو العام للاشتغال لم يكن مناسبا للديمقراطية الفضلى التي نرجوها، وهذا ليس عيبا في تنظيم حزبي تعرض لضغط الزمن والظروف العامة". واعتبر المتحدث ذاته أنَّ "الوقت ملائم لتصحيح كل الأخطاء وتصويبها وتقوية الأداة الحزبية، حتى نتمكن من الإعداد الجيد للمؤتمر واستعادة المبادرة حقيقةً وفعلا يجسده الواقع التنظيمي والامتدادات الشعبية"، مضيفا: "لا يمكن أن نتحدث عن نضالات مع القوات الشعبية في غير مواقعهم وحمل همومهم والدفاع عن مشاكلهم وقضاياهم". وذهبتْ بعض القراءات إلى أنَّ اجتماع الأعضاء العشرة باللجنة التنفيذية لحزب الاتحاد الاشتراكي مردّه الخيبة التي أصيب بها الاتحاديون بسبب ضعف وزن الحقائب التي حصل عليها الحزب في حكومة سعد الدين العثماني، إذ أسندت إليه ثلاث كتابات للدولة فقط، دونَ أيِّ حقيبة وزارية. من جانه، نفى الدرويش هذه القراءة، معتبرا أنّ المبادرة لا علاقة مباشرة لها بحضور الحزب في الحكومة؛ غير أنه لم يُخف أنّ الطموحات داخل الحزب كانت أكبر ممّا تحقق، قائلا: "الاتحاديات والاتحاديون كانوا يطمحون إلى الحصول على نتائج أفضل من ذلك تبوِّئهم موقعا أفضل يسمح بخدمة والدفاع حقيقة وفعلا عن قضايا الطبقات الشعبية". وحوْل ما إنْ كانت مبادرة الدعوة إلى اجتماع لمناقشة الأوضاع الداخلية للحزب، في هذا التوقيت بالضبط على بُعد شهر وبضعة أيام من المؤتمر العاشر لحزب "الوردة"، تُعتبر تحضيرا لمرحلة ما بعد إدريس لشكر؛ اعتبر الدرويش هذا الطرح "مجانبا للصواب"، موضحا "مبادرتنا هاته هي مساهمة من بعض أعضاء المكتب السياسي للاتحاد تنضاف إلى مساهمات وأفكار واقتراحات مجموعة من المناضلين والمناضلات باختلاف مواقعهم ومسؤولياتهم الحزبية والمجتمعية. أما المخول الوحيد للتقرير في ما بعد هاته المرحلة كاتبا أول وأعضاء المجلس الوطني ومقرراتٍ وتوجهاتٍ واختياراتٍ فهو المؤتمر".