سؤال طرحه عليّ أحد الأصدقاء وهو رجل تعليم متقاعد.. أجبته بأن منهجية صَوْغ هذا السؤال تقتضي منا أن نطرحه على أنفسنا، كلٌّ في مؤسسته المهنية التي ينتسب إليها، والجواب الذي نحصل عليه من ذواتنا كفيل بتبيين وجاهة السؤال أو تهافت منهجيته. قال لي: كيف ذلك؟ قلت له: أنت في مؤسستك التعليمية؛ هل المدير متخصص في كلّ المواد التي يدرّسها جميع الأساتذة بالمؤسسة؟ وأنا في مؤسستي؛ هل العميد متخصص في جميع العلوم المنوط تدريسها وتأطير بحوثها كلّ الشعب المؤثثة للكلية؟ بله الحديث عن فرق البحث ومختبراته ومراكزه.. ورئيس الجامعة هل تخصصه يغطي تخصصات جميع الكليات والمدارس والمعاهد التي هو مسؤول عنها؟ والوزير كذلك؟ ونفس السؤال نطرحه في جميع المؤسسات البانية لحضارة مملكتنا المغربية.. وعليه فإن اعترضنا على تعيين الوزير محمد حصاد، فلنعترض قبل كل شيء على تعيين جميع المسؤولين غير المتخصصين في جميع ما يسيّرونه داخل مؤسساتهم، ولعل هذا من قبيل العبث. سكت صديقي.. فزدته توضيحا: إن كل من تخرج من مؤسسات التعليم له الحق في تسيير التعليم، وكلنا يعلم أنه في جميع البلدان يتحمل الوزير مهمّة تطبيق برنامج مسطَّر الأهداف للفترة الزمنية المزمع أن يسيّر فيها المؤسسة التي يرأسها. ثم ينضاف للأحقية هذه ما للرجل من تجارب تسيير مختلف الإدارات المغربية التي يشكل التعليم فيها رافدا أساسيا من روافد التنمية فيها وفي مخرجاتها وبرامجها، وللتعليم شديد الصلة بجميعها؛ إذ هو أم الوزارات. ينضاف لهذا أيضا الاستناد إلى متخصصين بيداغوجيين يشكّلون عمود التّسيير معه في وزارته، ممثَّلين في كتاب الدولة المكلفين بتلك التخصصات. ولا ننس أنّ تضافر جهود مختلف المؤسسات والتخصصات -لتتكامل في بناء صرح التعليم مثلا- هو موضة العصر التي فرضها التقدم السريع لاستحالة إحاطة فرد ما بمتعدِّد العلوم والمعارف، حيث لم يعد بالإمكان التوافر على إنسان متخصص في علوم شتى، كما كان يُنعَت شخص ما قديما بأنه دائرة معارف عصره أو أنه مشارك في كل العلوم. إن مدّ الجسور بين التخصصات والعلوم -المنصوص عليه في ميثاق التربية والتكوين- هو الجدير بمسابقة عالم تكنولوجيا اليوم. وإن النقد البناء هو الذي ينصب على أداء الشخص المهني ومدى تحقيقه لما سطّر من برنامج حكومي مخصص للفترة الزمنية المحددة لمسؤوليته الوزارية. - جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس