أجمع خبراء وأساتذة جامعيون وطلبة ماستر ودكتوراه في تخصصات متنوعة على كون الرأسمال الترابي آلية من آليات التنمية، وأن سوء تدبيره يؤدي إلى السقوط في أزمات، نظرا للعلاقة الجدلية التي تربط المجالين، ولما للمحلي من أهمية في قيادة التغيير، وإشباع حاجيات المواطنين المحليين، ومن ثم يتوجب على المجالس الجماعية الاعتماد في التدبير العمومي على نتائج البحوث العلمية، للإجابة عن الأوضاع الجماعية الراهنة. ولتأسيس صورة واضحة، ركزت مداخلات عدة على تعريف مفهوم الرأسمال الترابي، باعتباره يشكل مجموع المعطيات التي يتوفر عليها المجال الترابي للجماعة، سواء كانت مادية أو غير مادية، بالمجال القروي أو الحضري، بالمنطقة الجبلية أو السهلية أو الصحراوية، لذا تحتاج استدامة الموارد الترابية والمائية الاعتماد على مناهج وبحوث علمية، حسب خلاصات عدة باحثين. وفي سبيل بناء مقاربة علمية، تناولت مجموعة من البحوث تعريفا للرأسمال الترابي أفقيا (بين الماضي والحاضر) وعموديا (بين الداخل والخارج)، مشيرة إلى مجموع مميزاته كاعتماده على تثمين الموارد الخاصة بالخير الترابي، والتشخيص التشاركي وتركيزه على المقاربة الأفقية للتنمية، وتعبئة مختلف مكونات الحقل التنموي. جاء ذلك خلال ندوة علمية اختتمت أشغالها اليوم الأحد، بمدينة سبعة رجال نظمت من لدن كل من مركز تكامل للدراسات والأبحاث ولمجلس الجماعي لمدينة مراكش، لمقاربة الرأسمال الترابي بين التدبير والتجديد وسؤال التنمية، وأكدت أن بناء المشروع الترابي يمر من ثلاث مراحل أساسية؛ أولاها تحديد الموارد المتاحة، وثانيتها شبكة من الفاعلين، وأخيرا تفعيل الرأسمال الترابي من لدن الحاملين للمشروع. وشدد المشاركون في الندوة ذاتها على أهمية المؤسسات المنتخبة، لأن التنمية الترابية تعتمد عليهم بالدرجة الأولى، في تدبير المجال واستقطاب الاستثمارات وتحديد التوجهات المستقبلية لتراب معين، وطبيعة وظيفته (صناعي، خدماتي، فلاحي).. المبادرة العلمية المذكورة تميزت بعرض مجموعة من البحوث لنماذج للمجالات الترابية المختلفة التي يزخر بها المغرب، سواء تعلق الأمر بمناطق جبلية أو صحراوية كالواحات، لذا فالرأسمال الترابي يقتضي دراسة المجال من الناحية الطبيعية والعمل على تحسين الظروف الاجتماعية للساكنة، من خلال مقاربة شمولية لتدبير المجال ومعالجة الاشكالات التنموية عبر أساليب الحوار الديمقراطي؛ ففي المناطق الجافة تفرض الضرورة الدفع بقوة إلى اتخاذ تدابير ملائمة لحماية الموارد المائية. كما نبه الباحثون إلى أهمية سن سياسة جبائية للدولة تنسجم مع سياسات الجماعات الترابية، وتبسيط النظام الجبائي المحلي، كإحداث ضرائب محلية وتعزيز السلطة الجبائية للجماعة، وتأهيل الرأسمال البشري وإخراج المراسيم التنظيمية لتسريع تفعيل المقتضيات الجديدة لقوانين المجالس الجماعية.