يعد سؤال " أي نموذج للتنمية الجهوية للأقاليم الجنوبية؟" إشكالية في حد ذاته، فليس من السهل الإجابة عنه باللجوء الى ترسانة مفاهيمية متنوعة وتصورات تقنية، بل الأمر يحتاج الى وقفة تأمل لإرث الماضي، ومشاكل وإكراهات الحاضر، وهواجس وتحديات وسيناريوهات المستقبل، فالمجالات الترابية المعنية بالنموذج التنموي المنشود متنوعة ومختلفة تبعا للخصوصيات السياسية والمجالية والإقتصادية والديمغرافية والإجتماعية والثقافية، فهل يمكن أن يصح الحديث عن نموذج واحد أم عن نماذج تنموية عدة لكل جهة على حدة، أم نموذج تنموي وسيناريوهات تنموية مختلفة حسب كل إقليم على حذا وفق الرهانات الترابية المستقبلية. فمجال إشتغال الدراسة يضم ثلاث جهات، وعشرة أقاليم، و87 جماعة ترابية، 17 منها حضرية. وهو ما يعيد التساؤل مرة أخرى " أي نموذج تنموي جهوي للأقاليم الجنوبية؟!". فالنموذج المنشود يستهدف أساسا جهتي الساقية الحمراء ووادي الذهب أي الساكنة المقيمة بالأقاليم المسترجعة يعطيها نفسا جديدا عبر سياق تدبير التحولات ورفع التحديات في أفق حل المشكلة السياسية.أما إدراج جهة كلميمالسمارة كان بسبب وجود روابط تاريخية واجتماعية فضلا عن الاتصال الجغرافي الذي يجعل من جهة كلميم وسطى بين جنوب البلاد وباقي ترابها .وبالتالي، سيكون مقالنا منصبا على المنطقة المستهدفة بالنموذج المنشود، لكن لن نحاول هنا الإجابة بشكل دقيق عن طبيعة النموذج ومحتواه و منهجيته وحدود طموحاته ، والذي يحتاج الى مقال بحث تفصيلي.بل سنحاول هنا فقط معالجة "التساؤل الإشكالية" من خلال شقين : الأول، نتطرق فيه الى العناصر الهامة المشكلة للرؤية الإستراتيجية المنتظرة والمرغوب التوصل إلى بلورتها.في حين سنخصص الشق الثاني للحديث عن أهم مجال ترابي إستراتيجي يمثل مجال إشكالية بلورة النموذج وتنفيده ومؤشر على نجاحه، ألا وهو "مدينة العيون الكبرى وأفاق مشروع التنمية الترابية المندمجة". العناصر الهامة المشكلة للرؤية الترابية الإستراتيجية لنموذج التنمية بغية بلورة نموذج يهدف الى تحقيق تنمية ترابية مستدامة، مندمجة، منصفة وعادلة، بمجال الساقية الحمراء ووادي الذهب ينبغي أن يستند على تشخيص ترابي معمق متعدد التخصصات يستحضر الخصوصيات الترابية، الإجتماعية والثقافية ويستوعب السياق المحلي والإقليمي والدولي، ولاسيما أن النموذج يستهدف أساسا منطقة النزاع، منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب، يتعين فهم مجموعة من العناصر الهامة المشكلة للرؤية الترابية الإستراتيجية : أولا، السياق المرجعي: ينبغي على الرؤية الإستراتيجية المؤطرة للنموذج التنموي المنشود أن تستوعب السياق المحلي والدولي، ونعني هنا : - مسار تطورملف الصحراء: فالتطورات التي يشهدها الملف تشير الى أن المنطقة مقبلة على سيناريوهات محتملة، ما طبيعة هاته السيناريوهات ؟ تبعا لذلك، يتعين بلورة نموذج يستوعب خصوصية المجال الترابي محل النزاع والرهانات المطروحة وفق السيناريوهات الممكن. - حدث أكديم إزيك:والذي كان درسا يجب إستيعابه وليس حدثا عارضا، فهذا الحدث أعاد سؤال المفارقة المرتبطة بمستوى الحصيلة تبدو اليوم، بعد 35 سنة، والتي تبدو سلبية قياسا بالمجهود المبذول والموارد المالية والتقنية المعبأة وبالنظر الى النتائج المحصلة. الأمر الذي أعاد طرح الاشكالية التنموية، ولاسيما في شقها الاجتماعي الى الواجهة فضلا عن التوتر الإجتماعي بالمنطقة. - مسألة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للساكنة الأصلية: فالتقارير الدولية أثارت أكثر من مرة مسألة الثروات الطبيعية، الى درجة أن العديد من الدول الأوربية طالبت المغرب بتقديم أدلة ملموسة حول مدى إستفادة الساكنة الصحراوية من الثروات الطبيعية، وعلى رأسها المملكة المتحدة، حيث طالب السيد "اليستير بيرت"، الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، من الحكومة المغربية تقديم أدلة على مدى إستفادة الصحراويين من إتفاقية الصيد البحري الأوربية المغربية. - مسألة الحقوق الثقافية للساكنة الأصلية: فقد أدرجت في بعض التقارير الدولية مسألة الحقوق الثقافية للساكنة الصحراية، فقد دعت الخبيرة الأممية في الحقوق الثقافية، السيدة فريدة شهيد، الى "الإلغاء الفوري للإجراءات التي تحد من الحقوق الثقافية لسكان الصحراء الغربية" أثناء زيارتها للمغرب في إطار مهمة رسمية، يوم الجمعة 12 شتنبر 2011. وبالتالي، صياغة فرضيات وسيناريوهات التنمية المنشودة زيادة على تحليل الفرص و المخاطر الممكنة، يجب أن تستجيب النموذج لهذا السياق ومتغيراته في إطار تدبير التحولات الكبرى وأهم الدروس التي ينبغي استخلاصها فضلا عن التحديات المستقبلية في أفق تحقيق مرحلة إنتقالية على مستوى الواقع الملموس للساكنة المقيمة بالمجال الترابي المعني بالنموذج. ثانيا، الرهانات الترابية للرؤية الإستراتيجية: تبعا للسياق المحلي والدولى، فإن أهم الرهانات الترابية تتمثل في : - تحقيق الإنتقال من نسق ثقافة وإقتصاد الريع الى ثقافة وأسس الإقتصاد الإجتماعي-التضامني : وذلك من خلال إرساء منظومة إقتصادية جهوية ملائمة للنمو، منتجة لفرص العمل،ومندمجة في إطار التفاعل والتكامل مع المخططات الوطنية العامة والقطاعية ،وتراعي خصوصيات الموارد الترابية للمجالات الترابية المعنية بالنموذج التنموي، تمكن من إحداث اندماج سوسيوإقتصادي للساكنة المحلية. - وضع سياسة إجتماعية ترابية محلية (Territorialisation) ) متجهة نحو التقليص من معدل البطالة-باعتباره أهم عامل من عوامل التوتر الإجتماعي-، والتركيز على الإدماج السوسيوإقتصادية للمعطلين من خلال مقاربة "الإدماج من خلال الأنشطة الإقتصادية"(IEA)، وأجرأة هندسة إجتماعية للفئات في وضعية صعبة ولاسيما المطلقات والأرامل بغية توفير الحماية الإجتماعية وفق مقاربة "التنمية الإجتماعية الترابية" (DST). - تعزيز الرابط الإجتماعي وتقوية التماسك الإجتماعي : من خلال إدماج المكونات الثلاثة الكبرى للساكنة المحلية بأقاليم ومجالات مجالات الساقية الحمراء ووادي الذهب : الساكنة الأصلية، ساكنة مخيم الوحدة والوافدون.ووضعهم في قلب إهتمام النموذج من منظور منصف وعادل، وأجرأة بعد التعايش والإختلاط (mixité socio-ethnique)، وإعادة معالجة الملفات العالقة الكبرى وطيها بشكل نهائي : ملف المعطلين بشتى أصنافهم، ملف المتقاعدين بشركة الفوسفاط، ملف أبناء المتقاعدين بشركة الفوسفاط، ملف الأشبال، ملف المعتقلين السياسين المتعلق بالإدماج المهني، ملف العائدين، ملف "مجموعة الأراضي المغتصبة"، ملف المطلقات والأرامل بالعيون، وتدبير تراخيص الصيد في أعالي البحر بالداخلة...الخ. - أجرأة مبادئ الحكامة الأمنية وتكريس المقاربة الحقوقية : في جميع القطاعات، ولاسيما في علاقة الدولة والسلطة المحلية بالساكنة المحلية (الساكنة الصحراوية تحديدا)، ومعالجة مخلفات وإرث المقاربة الأمنية بالمجالات الترابية المعنية. أي إعادة ثقة الإنسان الصحراوي بالدولة وهذا ترجمة لمقولة الراحل الحسن الثاني "لقد ملكنا الصحراء لكن لم نستطع امتلاك قلوب أهل الصحراء".وهوما يعني القطع مع كل أساليب وأدوات التدبير التي هيمنت عليها المقاربة الأمنية الصرفة.فهذه المقاربة لم تحقق غايات التنمية ولم تستطع الدولة أن "تدمج الإنسان الصحراوي، (...)، فقد كان أساس السياسة المتبعة: الأرض وليس تنمية الإنسان الصحراوي من خلال الاهتمام بهويته (وتكوينه) والنظر إليه كفاعل محلي وجهوي". ثالثا، المقاربة النظرية والإمبيريقية المؤطرة للعمل :إن بلورة نموذج تنموي جهوي ناجح المجال الترابي المعني، لن يتأسس إلا من خلال الإعتماد على الأطر النظرية والمنهجية للعلوم المجالية (sciences des territoires). ولاسيما مقاربة التنمية الترابية المندمجة، والتي تعني ""سيرورة ذات أبعاد اقتصادية، سوسيوثقافية وسياسية، وذات منحى عمودي بيقطاعي (Intersectoriel)، يتم من خلالها تعبئة الفاعلين وتثمين الموارد الظاهرة والخفية، تتمحور حول تراب معين، ونابعة من دينامية داخلية لمواجهة الإكراهات الخارجية وقضايا البيئة". وتعتمد المقاربة الترابية على وضع مشاريع للإعداد والتنمية في مجال محدد ممتلك وذكي من خلال تعبئة الفاعلين، وتستحضر جميع مكونات الحيز الترابي وفق رؤية شمولية ومتكاملة تركز على الاندماج والإنصاف والتماسك والتضامن.فالعلوم المجالية تجسد الالتقاء بين الالتزام الثلاثي: العلمي والسياسي والمؤسساتي. تستحضر مجموعة من الرهانات أهمها: الفوارق الاجتماعية والاقتصادية على صعيد الحيز الترابي الواحد؛ التفاعل بين مصالح وإرادات الفاعلين المحليين والمواطنين وبين المعرفة العلمية والعمل السياسي؛ التزاوج بين المقاربات الوطنية والمبادرات المحلية، السياسات العمومية والدراسات العلمية للبحث والتدخل. دراسة خصوصيات الديناميات الاقتصادية والديمغرافية، للتاريخ والمؤسسات والممارسات الثقافية في إطار الحكامة لتحليل مخططات وإستراتيجيات التنمية الجماعاتية. و تبرز أهمية المقاربة الترابية للتنمية في سياق خاص يتسم في إرادة الدولة في التكامل والوحدة في مقابل رغبة المجموعات الترابية ذات الخصائص الترابية والإثنية والخصوصيات السيوسيوثقافية في تمتعها بهامش من الاستقلالية في تدبير مجالاتها المحلية.وارتبطت هذه المقاربة بالعلاقة مع مجموعة من المفاهيم: اللامركزية السياسية والإدارية، السياسات العمومية والحكامة الترابية. فكل نظام سياسي ينظم ويشكل مجاله الترابي عبر إعطائه عدة رموز يحاول بذلك إضفاء مجموعة من الشفرات التي تهدف إلى قبول هذا المنطق، فإن تدقيق في رمزية المعالجة يعتبر طريقا مهما لفهم مشروع الدولة لتنمية مجالاتها الترابية.فكلما تجسد مشروع بناء الدولة المعاصرة تظهر التنمية الترابية المرجوة من طرف المركز، وتظهر بتعبيرات متقدمة في مسلسل اللامركزية والجهوية.وتبرز الحاجة إلى مقاربة ترابية لتدبير الشأن العام على المستوى الجهوي والمحلي، وذلك بالنظر إلى إستراتيجية الدولة في محاربة الفوارق السوسيومجالية والتأخر الاقتصادي خصوصا في ظل إكراهات الإمكانات والموارد المتوفرة والأزمات الظرفية. وترتكز مقاربة التنمية الترابية المستدامة على مقومات،وهي: رهان اللامركزية، أي قدرة الفاعلين المحليين على العمل باستقلالية ووفق رؤية ترابية على سياسة افقية ترابية. الرهان الاجتماعي والثقافي، أي الانطلاق من التحديد المشترك للثقافة والتراب مستحضرين قضايا: الهوية والانتماء، العدالة والتماسك الترابي، الرأسمال الترابي والمواطنة الترابية. رهان الحكامة الترابية. رهان البيئة والتنمية المستدامة. علاوة على أن مقاربة التنمية الترابية ترتكز على مجموعة من الأسس التي تجعل من التراب (Territoire) مجالا وجيها للتنمية: التراب كمجال للانتماء: حيث تصبح التنمية الترابية كمنتج للهوية، على اعتبار أنها إحدى أهم محددات التراب، فهو عادة ما يعني مجالا يحمل اسما وله حدودا ويتوفر على تاريخ أو ثقافة أو تراث يستعمله المنتسب إليه كمرجعية للكشف عن هويته أو تحديد انتمائه. فالتراب نتاج ممارسات وتمثلات، فهو يتضمن ذاكرة لتاريخ وتراث.وبالتالي، فهو مجال منتج، متمثل، معيش و مدرك ... التراب كمجال موارد: بمعنى وجود تملك لموارد ظاهرة وخفية، وهذه الموارد مختلفة (طبيعية، بشرية وتراثية). فبالمعيار المادي، تشمل كل الموارد والمؤهلات الطبيعية والبنيات التجهيزية المكتسبة عن طريق التهيئة والتي يمكنها أن تسهم في خلق دينامية تنموية بمجال ترابي معين. التراب كبناء جماعي: حيث يشترك في بناءه مختلف أفراد السكان سواء كفاعلين عموميين أو خواص أو فعاليات مجتمع مدني. إلى جانب أن خاصية البناء الجماعي تعطيه معيار تنظيمي يشكل من تلك لقوانين والهيكلة الإدارية والمؤسساتية التي تحكم وتنظيم المجال. وغالبا ما تراعي في هذا التنظيم علاقات التراتبية والهيمنة أو التكامل أو التضامن. التراب كمجال استدامة واندماج: بمعنى كمجال تطبيق مبادئ ومرتكزات التنمية المستدامة فضلا عن تحقيق الإنصاف والعدالة الترابية. التراب كمجال مشروع: أي كمجال الأفعال التغيير والتدخل من لدن الفاعلين باختلاف مرجعياتهم ومصالحهم واستراتيجياتهم ومصالحهم وإستراتيجياتهم. هكذا، فالتنمية الترابية تعتبر كمنتج للهوية والتماسك الاجتماعي، كعامل اندماج واستدامة بيئية، كأرضية للحكامة التشاركية، وكقاعدة للتنافسية داخل المجال الكوني، وذلك من خلال تفعيل الشراكة بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني وفق مقاربات تعاقدية، وسيادة ثقافة المشروع ومبادئ الوساطة الترابية. رابعا، إستثمارخلاصات الدراسات والأبحاث والتقارير العمومية: يجب على عملية التشخيص الترابي المعمق لبلورة نموذج تنموي جهوي مستدام ومندمج أن تأخذ بعين الإعتبار خلاصات مجموعة الدراسات والأبحاث والتقارير العمومية: - تقرير الخمسينية: تقرير "50 سنة من التنمية البشرية بالمغرب، وآفاق سنة 2025" الذي هو ثمرة عمل جماعي أنجزته شبكة من الباحثين والخبراء الوطنيين غداة الخطاب الملكي ل 20 غشت 2003، الذي دعا إلى القيام بمجهودات للتقويم الاسترجاعي لهذه الحقبة (50 سنة من الاستقلال)، والى بلورة رؤية مستقبلية واعدة وذات قدرة تعبوية حول آفاق التنمية البشرية بالمغرب. - دراسة حالة الرابط الاجتماعي في المغرب: والتي قام بإعدادها المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية، فدراسة حالة الرابط الاجتماعي في المغرب تكتسي أهمية إستراتيجية و ذلك بالنظر إلى الصعوبات الملموسة التي تطال العيش الجماعي تحت تأثير التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، الوطني والدولي، حيث ساهمت أهم التحولات التي لحقت العلاقات الاجتماعية الناتجة عن ذلك في تغير أشكال التضامن و العلاقات بين المواطنين فيما بينهم و مع الدولة. ولاسيما بالأقاليم الصحراوية : درجة الثقة في الدولة، التماسك الإجتماعي، التوترات المتعلقة بالهوية و الثقافة، الحركات الاحتجاجية الاجتماعية الجديدة. - الدراسات المتعلقة بالتصاميم الجهوية لإعداد التراب الخاصة بالأقاليم الصحراوية(SRAT). - دراسة مكتب الدراسات الأمريكية "ماكينزي" حول أعطاب التنمية بالإقاليم الجنوبية: والذي خلص الى أن أهم إختلالات التنمية تتمثل في : عدم نجاعة السياسات العمومية، إرتفاع معدل البطالة، هيمنة ثقافة وإقتصاد الريع، سيادة سياسة الإمتيازات، ضعف الحكامة في تدبير عدد من ملفات التنمية المحلية وضعف النخب المحلية القادرة على قيادة التنمية المحلية.وقد خلص تقريرالدراسة الى أن الاولوية المطروحة هي مواجهة معضلة البطالة مع تنسيق السياسات العمومية المتعلقة بالتنمية المحلية بالإقاليم الصحراوية. - دراسة "التشخيصات الترابية" المتعلقة بالإقتصاد الإجتماعي والتضامني في إطار إعداد المخططات الجهوية لتنمية الإقتصاد الإجتماعي (PRDES). - دراسة حول "الشغل والمبادرة الخاصة" المنجزة في إطار "برنامج مبادرة من أجل التشغيل والتنمية" (IPED)، والتي خلصت الى : نسبة بطالة عالية، حركية إقتصادية ضعيفة، الجمود النسبي للقطاع الخاص، ضعف تأهيل اليد العاملة، ضعف المبادرة الخاصة.إضافة الى الإشكاليات المطروحة : عدم معرفة القطاعات الأساسية للتنمية، غياب رؤية واضحة، مشكل التنسيق وتبادل المعلومات، الشك في أجهزة الدولة، خدمات المصالح الخارجية للدولة غير مواكبة: طلبات كثيرة وموارد بشرية قليلة، نفور الموارد البشرية المؤهلة. - خلاصات التقرير التركيبي لمشروع "الجهوية المتقدمة"، والمتعلق بالأقاليم الصحراوية. تأسيسا على ماسبق، نجد أن بلورة نموذج تنموي جهوي مندمج ومستدام، يقتضي الاستفادة من الأخطاء المرتكبة بالدراسات التنموية التشخيصية المتعلقة بمجموعة من التقارير العمومية: يجب أن يكون التشخيص الترابي متعدد التخصصات و ذو مقاربة شمولية ومتعددة الأبعاد تأخذ في اعتبارها ترابط غنى التعقيد الترابي وتنوعه وطبيعة المجال والمجتمع والثقافة، وأن تسائل الدراسة واقع التنمية بكل موضوعية وجرأة؛ لكن بأي معنى؟ بمعنى أن لا تكون مثل تقرير "الخمسينية": على الرغم من كون هذا التقرير قد تكلفت بصياغته مجموعة من الأسماء الوازنة من الكفاءات والخبرات كل في ميدان اختصاصه أو اهتمامها. إلا انه لم يسلم من الانتقادات حيث اعتبره البعض تقريرا لا يرقى إلى المستوى المطلوب سواء في المفاهيم، الرؤى والتصورات، وأدوات ومناهج الاشتغال، بيد أنه في منهجه كما في أدوات اشتغاله كان أقرب إلى الرصد والتقييم والحوصلة منه إلى مستوى التقارير الدولية. بمعنى أن لا تكون مثل الدراسة التشخيصية للتصاميم الجهوية لإعداد التراب، دراسة بمنهجية واحدة للجهات الثلاثة، محكومة بمنطق نسخ ولصق؛ بمعنى أن لا تكون مثل الدراسة التشخيصية المتعلقة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتي ارتكزت على مقاربة قطاعية مع هيمنة المنهجية التقنية والاهتمامات الاقتصادوية؛ بمعنى أن لا تواجه الدراسة أية مشاكل وإكراهات من قبيل : سرية بعض المعلومات، صعوبة تجميع معطيات ذات طبيعة مختلفة، غياب صلاحية (fiabilité) المعلومات في الزمن. كما يفترض بهذه الدراسة أن تستحضر مقاربات التنمية: المشاركة، الشراكة، النوع، سياسىة القرب، البعد البيئي، ويرتكز على النموذج على مقاربة ترابية مندمجة ومبادئ الاستشراف الترابي (Territorial Perspective) . ولكي تأخذ الدراسة سبل النجاح بغية إعداد نموذج تنموي جهوي مستدام ومندمج، يجب العمل على نموذج اشتغال، مجال ترابي عرف تحولات كبرى على جميع الأصعدة : سياسيا، مجاليا، إقتصاديا، إجتماعيا وثقافيا، مجال يشكل بؤرة التوتر، ونعني هنا إقليمالعيون، فماهي الرؤية الترابية الإستراتيجية لتنمية إقليمالعيون؟، ماهي الرهانات الترابية المحددة لهذه الرؤية؟، وماهي مقومات اعتماد الرؤية الترابية الإستراتيجية حول تنمية المستقبل الممكن؟، وماهي الإجراءات الأساسية لتفعيل هذه الرؤية؟. ...يتبع *سوسيولوجي وجغرافي وباحث في "Sciences des Territoires" عضو مركز "ديلول" للدراسات والأبحاث التنموية(CDRE)