بعد شهور من بثّ مطالبها على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي، نقَلتْ تنسيقية المسيحيين المغاربة هذه المطالب، في أوّل خطوة للتعامل مع إحدى المؤسسات الرسمية، إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يرأسه إدريس اليزمي، حيث اجتمع ممثلو التنسيقية، أمس الاثنين، مع محمد الصبار، الأمين العامّ للمجلس المذكور. اللقاء جاء بطلب من تنسيقية المسيحيين المغاربة، حسب ما أفاد به "مصطفى"، الناطق باسم التنسيقية. ويبدو أنَّ طرْقَ أبواب المجلس الوطني لحقوق الإنسان ليس سوى خطوةٍ أولى في مسار مخطط وضعه المسيحيون المغاربة للدفاع عن حقوقهم، كما يقولون، إذا قالَ "مصطفى" لهسبريس: "هناك مراحلُ أخرى من نضالنا؛ لكن لن نكشف عنها الآن". مصدرٌ من المجلس الوطني لحقوق الإنسان أكَّدَ لهسبريس صحّة خبر اجتماع ممثلي تنسيقية المسيحيّين المغاربة مع الأمين العامّ للمجلس، بينما وصف "مصطفى" هذا الاجتماع ب"المهمّ جدّا"، مضيفا أن "الأمين العامّ للمجلس الوطني لحقوق الإنسان استقبلنا بصدْر رحْب، وتناقشْنا في عدد من النقاط، ووعدنا ببذل مجهود للدفاع عن مطالبنا". وقدّمَ ممثلو تنسيقية المسيحيين المغاربة إلى محمد الصبار، الأمين العامّ للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، كتابا ضمّنوه مطالبهم، جرى توقيعه بمدينة تارودانت، داعينَ إيّاه إلى "الاستعجال في التعاطي مع قضيتنا نحن المؤمنون المسيحيون من أصل مغربي". من جهته، لم يقدّم محمد الصبار أيّة وعود لممثلي تنسيقية المسيحيين المغاربة، خلال الاستقبال الذي خصهم به، بالاستجابة لمطالبهم؛ "ولكنّه وعدَ بأنه سيأخذها على محمل الجدّ"، حسب مصطفى. ويبدو أنَّ التصريحات التي أدلى بها الملك محمد السادس لمجموعة من وسائل الإعلام المَلغاشية أثناء زيارته إلى مدغشقر شهر دجنبر الماضي، والتي قال فيها إنّ مفهوم إمارة المؤمنين يشمل كافة المؤمنين، من المسلمين وغير المسلمين، قدْ حفّزت المسيحيين المغاربة على المُضيّ قُدما في الدفاع عن مطالبهم؛ وعلى رأسها السماح لهم بممارسة طقوسهم الدينية علانية. تنسيقية المسيحيين المغاربة قالتْ، في مستهلّ الكتاب الذي وجّهته إلى الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، "إنَّ الظرفية مساعدة ومحفزة للعمل والمرافعة على ملفنا نحن المؤمنون المسيحيون المتشبثون بمغربيتنا والمستعدون للدفاع عن حوزة الوطن ضد أية محاولة للنيل منه؛ هو ما جاء في التصريحات الملكية الأخيرة المتعلقة بالمعنى المنطقي والمعقول لمفهوم إمارة المؤمنين". وكانت التنسيقية قد رحّبتْ بتصريحات الملك محمد السادس، واعتبرتها "تصريحات غير مسبوقة"، كما اعتبرتها "إنصافا لنا نحن المغاربة المسيحيون باعتبارنا مؤمنين". وأكّدت التنسيقية هذا الموقف في الكتاب الموجه إلى الصبار، بقولها "نؤكد أن تصريحات جلالة الملك تكريس لحقنا في الاعتقاد المكفولة بمضامين وأحكام الدستور المغربي والتي تتماشى مع التزامات المملكة المغربية في إعمال المواثيق الدولية لحقوق الإنسان". تنسيقية المسيحيين المغاربة طرحتْ جملة من النقط قالت إنها تُملي "الاستعجال في التعاطي مع قضيتنا"، وصدّرتْها ب"إننا أصبحنا لا نجد حرجا في الاعتراف بأننا مواطنون مغاربة نعتنق المسيحية، ولم نعد نشعر بالغربة في وطننا، رغم التضييقيات المستمرة علينا؛ لكننا ممنوعون من القيام بشعائرنا الدينية في الكنائس التي هي حكر على الأجانب فقط". ومن بيْن النقط الأخرى التي أثارتها التنسيقية "خوفنا كمسيحيين مغاربة من الاستهداف من طرف المتشددين الذين لا يقبلون بوجود من يصفونهم "بالمرتدين عن الإسلام بينهم"؛ لكنها استدركت أنّ "المسيحيين المغاربة يشعرون حاليا بالأمن في المغرب، وإن كانت بعض الاستفزازات التي تواجه بعضنا تؤثر على المستهدفين منا". ودعت التنسيقية إلى "إعمال مقتضيات الدستور الخاصة بحرية الاعتقاد وتطبيق توجيهات جلالة الملك محمد السادس المتعلقة بالمعنى المنطقي والمعقول لمفهوم إمارة المؤمنين، والتي تعتبر أن جلالة الملك محمد السادس، هو أمير لكل المؤمنين المغاربة". مطالبُ أخرى يرمي المسيحيون المغاربة إلى أنْ يتوسّط لهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تحقيقها؛ مثل السماح لهم بإقامة الطقوس المسيحية في الكنائس الرسمية، والدّفن بالطريقة المسيحية، وتمضين المقررات الدراسية موادَّ تشير إلى وجود أقليات غير مسلمة في المغرب. وفي هذا الإطار، قالت التنسيقية "إنَّ أبناءنا يدرسون في مدارس مغربية لا تتماشي وما يعتقدون".