مع الأسف الشديد، أصبحت تسود في أوساط المسلمين عادات وأخلاق جاهلية ذميمة قبيحة ومشينة كالنفاق والغش والتدليس وشهادة الزور وأكل أموال الناس بالباطل، وسرقات المال العام وأراضي الدولة، والتطفيف في الكيل والميزان، وسرقات أموال المحسنين من من بعض صناديق الجمعيات الخيرية والإسلامية التي تمنح للفقراء واليتامى والمرضى والمساكين، والسمسرة والمحسوبية والزبونية والظلم والكذب، علما أن الكذب أصبح عند أغلب المسلمين وحتى عند مشايخهم ودعاتهم مهنة وحرفة وفنا من الفنون، وكلما كنت تمتهن فن الكذب وتتفنن فيه كلما فتحت لك الأبواب على مصراعيها.. بالإضافة إلى أخلاق أخرى ذميمة زحفت على مجتمعاتنا العربية والإسلامية كالشماتة وغيرها؛ بحيث شاهدنا بأم أعيننا هذه الأيام مواقع التواصل الإجتماعي قد فاضت بصور الشماتة والسخرية برئيس حزب مغربي عريق اتفقنا أو اختلفنا معه في أفكاره وتوجهاته السياسية ؛ لا لشيء إلا أنه وضع أزرار قميصه مختلفة وغير متناسقة أثناء لحظة التقاط صورة جماعية مع بعض رؤساء الأحزاب المغربية التي ستتكون منهم الحكومة الجديدة بقيادة سعد الدين العثماني، كما شاهدنا بعدها لقطات مصورة تعرض رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال عون، لموقف محرج في القمة العربية المنعقدة في البحر الميت بالأردن، حيث تعثر وسقط على الأرض (منكبا على وجهه) لحظة دخوله القاعة لالتقاط صورة تذكارية مع الزعماء، بحسب ما ظهر في مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء كالنار في الهشيم..هذه اللقطات طفت على سطح الفضاء الأزرق عبر أدوات التواصل الإجتماعي المختلفة والمتنوعة كلها سخرية وشماتة وفرح وسرور واستهزاء.. مع أن الشماتة ليست من شيم المسلم ولا من أخلاقه الفرح بما ينزل بالآخرين من مصائب وما يحل بهم من كوارث وما يلحقهم من أقدار الله عز وجل من مرض وموت ونحو ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم، نهانا عن إظهار الشماتة في وجه كل مؤمن أو أي إنسان كان، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك". وقد بين ووضح القرآن الكريم أن الشماتة من أخلاق المنافقين والأشرار والمنحرفين عن الصراط المستقيم، قال الله عز وجل: "إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" وقال تعالى: "إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ" وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله كثيرا من الشماتة فيقول: "عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء" صحيح البخاري. ولصعوبة تحمل هذا السلوك الشائن على النفوس الزكية نجد هارون عليه السلام يرجو موسى عليه السلام عدم الإسراف في معاتبته قائلا:"وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ". وفي هذا السياق يقول الشاعر : إذا ما الدهر جر على أناس** حوادثه أناخ بآخرينا فقل للشامتين بنا أفيقوا **سيلقى الشامتون كما لقينا حوار مع خطيب جمعة موفديننا الإسلامي مبادئه واضحة ونبيلة وإنسانية، فما خالفها من أنواع السلوك المشين فليس من الدين، ولا يمكن للدين أن يدعو إلى ظلم أو كراهية أو حقد أو قتل أو عدوان أو إرهاب أو حزبية أو عنصرية أوطائفية أو سخرية أو شماتة ..رسالة الدين أن يكون الناس إخوة متحابين متعاونين على البر والخير والصلاح والتقوى..كم نحتاج هذه اﻷيام إلى ان نتعلم رسالة الدين؟، وأن نقرأ من جديد كتاب الله تعالى وسنة نبيينا -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة؛ لكي نعرف أكثر عن أهداف اﻹسلام المحمدي فى احترام إنسانية الإنسان .