لا شك أن الموت من أعظم ما يقع بالمؤمنين من الابتلاء له ولمن يتركهم بعده، وعند المصائب يجب الاعتبار والاتعاظ، والرحمة الإنسانية تحمل على الحزن بل والبكاء مهما كانت معاملة الميت، لقد قام النبي -صلى الله عليه وسلم- لجنازة، ولما قيل له : إنها ليهودي قال "أليست نفسا"!، رواه البخاري ومسلم. وليعلم كل إنسان أن التشفي بالموت ليس خلقًا إنسانيًا ولا دينيًا ، فكما مات غيره سيموت هو، وهل يسر الإنسان إذا قيل له : إن فلانًا يسعده أن تموت! والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال "لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك "، رواه الترمذي وحسَّنه . إن الشماتة بالمصائب التي تقع للغير تتنافى مع الرحمة التي يفترض أنها تسود بين المسلمين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- على الرغم من إيذاء أهل الطائف له -لم يشأ أن يدعو عليهم بالهلاك وقد خيره جبريل في ذلك، ولكن قال في رحمة وسمو خلق "لا، لعلّ الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئًا"، ثم تسامى في النبل والكرم فدعا لهم بالهداية والمغفرة. ولما منع ثمامة بن أثال عن قريش إمدادهم بالطعام وكانوا في قحط، لم يظهر الرسول بهم شماتة ولم يفرح لما أصابهم، بل أمر بإمدادهم بما كان معتادًا، عندما ناشدوه الله والرحمة وسألوه بأخلاقه السمحة المعهودة فيه، وقد قال في صفات المنافقين "وإذا خاصم فجر" ومن الفجور الشماتة. إن الشماتة بالغير خلق الكافرين والمنافقين الذين قال اللّه فيهم "إن تمسسكم حسنة تسؤهم" وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها" وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا"، ألا فليعلم الشامتون بغيرهم أن الأيام دول والشاعر الحكيم يقول: فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا. وقال -تعالى- عندما شمت الكافرون بالمسلمين في غزوة أحد: "إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس".