إذا تهدم القبر يعاد إليه التراب، ويسوى ظاهره كسائر القبور حتى لا يمتهن، أما بناؤه وتجصيصه فلا يجوز، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه)[1] رواه مسلم في صحيحه؛ ولأن تجصيصه والبناء عليه من أسباب الغلو فيه ودعائه من دون الله، كما وقع ذلك لكثير من الناس لما عظمت قبورهم وبنيت عليها القباب والمساجد، اتخذها الناس أرباباً من دون الله، بدعائها، وبالاستغاثة بها، والتبرك بها، وطلب المدد منها كما يفعل ذلك كثير من الناس عند قبر الحسين وقبر البدوي وغيرهما، ولهذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لعن الله اليهود والنصاوى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))[2] متفق على صحته. وفي الصحيحين أيضاً عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله))[3] وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله تعالى قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك))[4]. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. فالواجب على جميع المسلمين من حكومات وشعوب أن يتقوا الله سبحانه، وأن يحذروا من الغلو في القبور والبناء عليها واتخاذ المساجد عليها عملاً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم وطاعة له، وحذراً من مغبة ذلك، فإن ذلك وسيلة إلى الغلو في الأموات ودعائهم والاستغاثة بهم وطلبهم المدد والعون، وهذا هو الشرك الأكبر الذي كان يفعله كفار قريش وغيرهم من العرب والعجم حتى أزال الله ذلك من هذه الجزيرة بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم وجهاده وجهاد أصحابه رضي الله عنهم، وجهاد من تبعهم بإحسان من أئمة الهدى ودعاة التوحيد جعلنا الله منهم، والله ولي التوفيق.