الفصل 47 من الدستور: الخيارات الممكنة في ضوء بلاغ الديوان الملكي وسؤال الحكامة السياسية والدستورية تنص الفقرة الأولى من الفصل 47 من الدستور على أنه "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها". إن محاولة تحليل مقتضى هذا النص يقودنا إلى القول بأنه لا يضع التزاما دستوريا مقيدا للملك ممتدا في الزمان، فالالتزام الذي يقع على عاتق الملك بموجب هذه الفقرة هو التزام بتحقيق الوسيلة وليس تحقيق النتيجة. والوسيلة هنا هي ضرورة أن يكون التعيين الأول لمنصب رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات وعلى أساس نتائجها وليس أي حزب آخر. وفي هذا الصدد عين الملك الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في منصب رئيس الحكومة رغم أن الدستور لم يقيده بذلك، وهذا يرسخ عرف دستوري بدأ يتشكل من تعيين عبد الرحمن اليوسفي عن الاتحاد الاشتراكي وعباس الفاسي عن حزب الاستقلال في منصب الوزير الأول في ظل دستور 1996. كما أن هذا التعيين يتوافق مع الأعراف الدستورية في البلدان الديمقراطية ومنها إسبانيا حيث عادة ما يرشح العاهل الاسباني زعيم الحزب السياسي الفائز في الانتخابات لرئاسة الحكومة. إذن بمجرد ما أن يتحقق هذا التعيين الأول، يكون الملك قد احترم منطوق الدستور وأوفى بالتزامه. أما النتيجة والتي هي نجاح رئيس الحكومة المعين في تشكيل أغلبية حكومية، فتحقيقها يقع على عاتق رئيس الحكومة المعين، من خلال تدبير مشاوراته مع باقي شركائه السياسيين المحتملين. و تجب الإشارة هنا أن الدستور لم يقيد رئيس الحكومة المعين بأجل محدد لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات على غرار الدستور الإسباني، لكن الفرق هو في السلوك السياسي لدى الزعماء السياسيين الإسبان في الضفة الشمالية ونظرائهم المغاربة في الضفة الجنوبية؛ إذ تنحى "راخواي" طوعا بعد أزيد من شهر بقليل فيما تمت تنحية بنكيران بعد أزيد من 5 أشهر. لذا لا مناص من عقلنة هذا الأجل إما بترسيخ عرف دستوري أو بتعديل دستوري في المستقبل القريب لأنه من غير المقبول أن يتم هدر الزمن السياسي بهذا الشكل. فإذا لم يفلح رئيس الحكومة المعين في تحقيق النتيجة وهي تشكيل الحكومة لسبب أو لآخر، ننتقل إلى مرحلة أخرى هي بالتأكيد لا تخضع لضوابط دستورية صارمة لكن من المؤكد أن الفاعل الوحيد الذي يملك الشرعية الدستورية لتدبيرها هو الملك، بحكم مسؤولياته الدستورية الواضحة التي يؤطرها الفصل 42 من الدستور. لكن السؤال الكبير الذي ظل مطروحا، ماذا عسى الملك أن يفعل، وما هي الخيارات المتاحة أمامه والمستندة إلى الدستور؟ لقد جاء بلاغ الديوان الملكي ليميط اللثام عن هذا الموضوع، ويحمل في طياته بداية تشكل ممارسات دستورية، بعضها تم الإعلان عنه وبعضها الآخر لازال مضمرا. والسؤال المطروح هو هل ستظل هذه الممارسات مجرد سوابق دستورية أم أنها تعلن عن بداية تشكل أعراف دستورية؟ وما مدى ملاءمة هذه الممارسات لروح الدستور و الأعراف الدستورية في البلدان الديمقراطية؟ يهدف هذا المقال إلى مناقشة الممارسات الدستورية المعلنة من جهة وتسليط الضوء على الممارسات الدستورية المضمرة، كما يطرح للنقاش موضوع الحكامة السياسية والدستورية. الممارسات الدستورية المعلنة في الواقع يمكن استنباط ممارستين دستوريتين من بلاغ الديوان الملكي: -الممارسة الدستورية الأولى هي الإعفاء الضمني لابن كيران من منصب رئيس الحكومة المكلف بتشكيل أعضائها عبر تعيين شخصية سياسية أخرى في نفس المنصب. وقد تفادى البلاغ الاستعمال الصريح للغة الإعفاء لأن هذه الإمكانية لا تتيحها بنود الدستور المكتوب وخاصة الفصل 47 منه، لذا من المرتقب أن يصدر ظهير تعيين سعد الدين العثماني في الجريدة الرسمية دون أن يرافقه ظهير إعفاء بنكيران من ذات المهمة، وبذلك سنكون أمام بداية تشكل ممارسة دستورية تتمثل في تقنية الاعفاء الضمني في حالة عجز رئيس الحكومة المعين عن تشكيل الحكومة، وليس في هذا الإجراء ما يخالف الدستور على خلاف ما ذهبت إليه بعض الآراء التي اعتبرت إعفاء رئيس الحكومة من لدن الملك دون تقديمه لاستقالته الطوعية إجراءا غير دستوري. وهنا تجب الإشارة أنه كان بالإمكان أن يتم تكريس ممارسة دستورية بديلة لو أن ابن كيران بادر إلى تقديم استقالته إلى جلالة الملك في أعقاب جمود مشاوراته مع شركائه السياسيين، وكان بهذا السلوك سيجنب القصر الوقوع في حرج إعفائه الضمني، كما سيضمن له الخروج من المأزق دون حرج وبأقل الأضرار، علاوة على أن هذا السلوك كان من الممكن أن يساهم في ترسيخ الممارسات والأعراف الدستورية الجيدة دون البقاء في موقف السلبية و رهينة الانتظارية. لكن لا شيء من هذا حصل، وتركت المبادرة للملك الذي كان لزاما وواجبا عليه التدخل بمقتضى صلاحياته الدستورية المنصوص عليها في الفصل 42 من الدستور؛ وعلى سبيل المقارنة، تقدم لنا الممارسة الدستورية في الجارة الشمالية إسبانيا- الدولة التي عرفت بدورها أزمة تشكيل حكومة لفترة عمرت لأزيد من 10 أشهر- نموذجا للسلوك السياسي للزعماء السياسيين حيث سبق لزعيم الحزب الشعبي "ماريانو راخواي" أن أعلن عن تخليه عن منصب رئيس الحكومة على إثر فشله في السعي إلى تشكيل حكومة ائتلافية بعد مرور أزيد من شهر على ترشيحه لرئاستها من طرف العاهل الاسباني في أعقاب الانتخابات التشريعية التي جرت في 20 ديسمبر 2015 والتي أعطت السبق للحزب الشعبي. - الممارسة الدستورية الثانية هي قرار جلالة الملك بتعيين شخصية سياسية بديلة من نفس الحزب المتصدر للانتخابات في منصب رئيس الحكومة، وقد علل البلاغ هذا القرار بكونه "تجسيدا لإرادته الصادقة وحرصه الدائم على توطيد الاختيار الديمقراطي، وصيانة المكاسب التي حققتها بلادنا في هذا المجال". إن هذا الخيار يبرهن عن إصرار جلالة الملك على احترام المنهجية الديمقراطية في أقصى مداها وحرصه على تحقيق نتيجتها وهي تشكيل الحكومة من لدن الحزب الفائز بالرتبة الأولى في الانتخابات، رغم أن تحقيق النتيجة ليس التزاما دستوريا يقيد الملك. وإذا كان هذا الخيار لا يشكل للمؤسسة الملكية أي إشكال، لأنه سيجنبها تأويلات هي في غنى عنها في هذه الظروف السياسية، فإنه في المقابل ستكون له تداعيات سلبية على الشأن الداخلي للحزب المتصدر للانتخابات كيفما كان لونه السياسي، وسيضع قائده السياسي أمام امتحان وتحدي عسير ومحرج في غالب الأحوال، عدا إذا ظلت مواقف الأطراف في النسخة الثانية من المشاورات ثابتة وعصية عن الاختراق. وهو ما يحصل اليوم في حزب العدالة والتنمية بعد تشكيل الأغلبية الحكومية المعلنة من طرف العثماني رئيس الحكومة المعين والتي تضم حزب الاتحاد الاشتراكي، الحزب الذي رفض ابن كيران بشكل قاطع انضمامه إلى الأغلبية الحكومية. إن الوضعية الحالية تفرض على ابن كيران الاستقالة القسرية من قيادة الحزب ومن شأن كل هذه التداعيات التأثير على تماسك صفوف الحزب. الممارسات الدستورية غير المعلنة أو المضمرة لقد تضمن بلاغ الديوان الملكي فقرة في غاية الأهمية لم تحظ بالاهتمام والتحليل اللازمين من طرف الباحثين والمحللين، وذلك عندما أكد البلاغ بأن جلالة الملك فضل" أن يتخذ هذا القرار السامي من ضمن كل الاختيارات المتاحة التي يمنحها له نص وروح الدستور..."ما ينطوي على وجود خيارات أخرى متاحة للملك يمنحها له نص وروح الدستور. فما هي طبيعة هذه الاختيارات الدستورية الأخرى الممكنة وغير المعلنة؟ بطبيعة الحال لم يكشف البلاغ عن مضمون هذه الخيارات لأن كل خيار يتخذ في وقته وحينه، لكن من المؤكد أن البلاغ يريد أن يبعث رسالة مفادها أن المؤسسة الملكية تملك عدة خيارات دستورية ولها وحدها تقدير الخيار الأنسب والملائم. فقبل بلاغ الديوان الملكي، كانت هناك آراء واجتهادات تتحدث عن التحكيم الملكي ، وأخرى روجت بقوة لفكرة حل مجلس النواب وإعادة الانتخابات، وهناك رأي روج لفكرة إعلان حالة الاستثناء وفقا للفصل 59 من الدستور، كما برزت آراء تحدثت عن المرور إلى الحزب الثاني وأخرى قالت بإمكانية اختيار جلالة الملك أي شخصية سياسية أخرى قادرة على تشكيل أغلبية حكومية دون مراعات ترتيب نتائج الانتخابات. وسنحاول مناقشة هذه الاختيارات وتقييم مدى ملاءمتها لنص وروح الدستور. 1-ممارسة التحكيم طبقا للفصل 42 من الدستور: فالملك وفق منطوق هذا الفصل يعتبر الحكم الأسمى بين المؤسسات، لكن المقصود هنا هي مؤسسات الدولة وليس التحكيم بين الهيئات الحزبية أو النقابية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني وقد حرص جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2016 أن يؤكد على كونه ملك لجميع المغاربة مرشحين ، وناخبين، وكذلك الذين لا يصوتون وأنه ملك لكل الهيآت السياسية دون تمييز أو استثناء. ولذلك فالمؤسسة الملكية توجد على مسافة واحدة مع جميع الأحزاب، ولهذه الاعتبارات تنأى المؤسسة الملكية بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب أو التحكيم فيما بينها لأنه سيجعلها دون أن تدري ترجح كفة طرف على آخر. وهنا يمكن استحضار سابقة طلب حزب الاستقلال التحكيم الملكي في صراعه مع العدالة والتنمية سنة 2013 في حكومة ابن كيران الأولى حيث ووجه طلبه بالتجاهل من قبل المؤسسة الملكية، على اعتبار أن الصراع هو تدافع سياسي بين الأحزاب وليس بين مؤسسات الدولة، لذا فإمكانية التدخل الملكي عن طريق التحكيم تبقى مستبعدة وغير واردة، وما يعزز هذه الفرضية هو تجاهل الملك لكل طلبات ابن كيران الرامية إلى عقد لقاء معه لبسط مسار المفاوضات والصعوبات التي تعترضه، وتلك رسالة مفادها أن الملك لا يتدخل في مسار المفاوضات والمشاورات، وأن أي لقاء برئيس الحكومة المكلف لا يكون إلا في حالة تقديم أغلبيته الحكومية وهندستها والأسماء المرشحة للحقائب الوزارية. 2- إعلان حالة الاستثناء بناء على الفصل 59 من الدستور: وقد روج لهذا الخيار محمد زيان المنسق الوطني للحزب الليبيرالي المغربي، غير أن هذه الحالة تنتفي شروطها في ظل الوضع الحالي على اعتبار أننا لا زلنا في مرحلة تشكيل مؤسسة الحكومة ولم تقع أي أحداث خطيرة تستدعي إعلان حالة الاستثناء. 3- حل مجلس النواب من لدن الملك و الدعوة لإجراء انتخابات جديدة، هذا الإجراء وإن كان يدخل ضمن صلاحيات الملك الدستورية بمقتضى الفصل 51 من الدستور، إلا أن منطوق الدستور لم يجعله أثرا مباشرا لواقعة تعذر تشكيل الحكومة من لدن رئيس الحكومة المعين. فهو إجراء دستوري عام غير مقيد بتوفر سبب خاص، يضبط الدستور إجراءاته الشكلية والموضوعية ويحدد أثاره القانونية (الفصول 51 و96 و97 و98 ). و يمكن أن نذهب بعيدا في استنباط روح الدستور لنقول بأن اللجوء إلى حل مجلس النواب في حالتنا هاته، لا يصبح أمرا محتما إلا في حالة تعذر تكوين أغلبية برلمانية وهذا ما يمكن أن نستشفه من القراءة العميقة لنص الفصل 98 من الدستور. ومعنى ذلك أنه من غير الملائم دستوريا وسياسيا حل مجلس النواب دون إعطاء الفرصة للحزب الثاني وتكليفه بتشكيل الحكومة. فبالنظر لكلفته السياسية والمالية والادارية ، تضع البلدان الديمقراطية حل البرلمان كآخر سيناريو لا يتم طرب بابه إلا في حالة انسداد كل السناريوهات والخيارات المتاحة ، سيما وأن إعادة الانتخابات عادة ما تفرز نفس الخريطة السياسية، وهو ما حصل في التجربة الاسبانية حيث لم تتمخض انتخابات الإعادة المجراة يوم 26 يونيو 2016 عن فرز الأغلبية المطلقة لأي حزب و حافظت كل قوة سياسية على موقعها (الحزب الشعبي أولا يليه الحزب الاشتراكي ثم حزب بوديموس ثالثا فحزب مواطنون رابعا)، وهو الوضع الذي دفع بالحزب الاشتراكي إلى القبول بحكومة أقلية يرأسها زعيم الحزب الشعبي تفاديا لمزيد من هدر الزمن السياسي حيث تم الدفع ببعض نواب الحزب إلى الامتناع عن التصويت ليتسنى لماريانو راخواي الحصول على موافقة الأغلبية النسبية في الجولة الثانية من التصويت. وأمام هذا الموقف اضطر بيدرو سانشيز الذي ظل يعارض هذا التوجه بشدة، إلى الاستقالة القسرية من زعامة الحزب. وهنا يظهر تغليب الحزب المصلحة العليا للبلد على المصلحة الحزبية. 4- تعيين رئيس الحكومة من الحزب الثاني في ترتيب نتائج الانتخابات استنادا لصلاحيات الملك الدستورية ، ويجد هذا الخيار أساسه في روح الدستور المؤسس على الفصل 7 من الدستور الذي أكد على مبدأ المشاركة في ممارسة السلطة على أساس التعددية والتناوب بالوسائل الديمقراطية وفي نطاق المؤسسات الدستورية، وبما أن الحكومة المنتهية ولايتها كان يقودها حزب العدالة والتنمية، فإنه استنادا لمبدأ التناوب لا ضير في اللجوء إلى الحزب الثاني وتكليف شخصية سياسية منه برئاسة الحكومة. كما تؤيد هذا الخيار الممارسات والأعراف الدستورية الجيدة في البلدان الديمقراطية؛ولنا في تجربة الجارة الشمالية إسبانيا خير مثال حين بادر العاهل الاسباني، في أعقاب فشل "ماريانو راخواي" زعيم الحزب الشعبي المتصدر لانتخابات 20ديسمبر 2015 في مسعاه لتشكيل ائتلاف حكومي، إلى اقتراح زعيم الحزب الاشتراكي (الحزب الثاني) "بيدرو سانشيز" لتشكيل الحكومة، فلم تقم هناك ضجة ولا جدال سياسي عقيم ولا تشكيك في المشروعية الدستورية للإجراء. كما يستند هذا الخيار لمنطق المشروعية الانتخابية والشرعية الديمقراطية بالاحترام الكامل لترتيب الأحزاب الذي أفرزته نتائج الانتخابات سيما وأن الحزب الفائز بالمركز الثاني يملك هو أيضا المشروعية الانتخابية بالنظر للتقدم الملموس في عدد المقاعد المحصل عليها حيث تجاوزت النسبة 100%(انتقل من 47 مقعد إلى 102 مقعد فيما انتقل حزب العدالة والتنمية من 107 إلى 125 بنسبة تقدم لم تتجاوز 13% ) ، هذا هو منطق اللعبة السياسية التي ينبغي أن يلعبها الجميع بروح رياضية وهذه هي الأعراف والممارسات الدستورية الجيدة التي ينبغي أن يخضع لها كل الفاعلين السياسيين بعيدا عن خطاب العصبية القبلية و حب الأنا والنرجسية وسيادة منطق أنا أولا وأخيرا وبعدي الطوفان. سؤال الحكامة السياسية والدستورية في الحقل السياسي المغربي إن تقييم الوضع السياسي المغربي الذي طبعه الجمود السياسي منذ إجراء انتخابات 7 أكتوبر 2016 بسبب تعثر تشكيل الحكومة وما صاحبه من نقاش دستوري وسياسي حول الفصل 47 من الدستور، يطرح اليوم بحدة سؤال الحكامة السياسية والدستورية في البلاد ،فكثيرا ما تنادي النخب السياسية والفكرية بمختلف المشارب وعلى كل المستويات بالحكامة الادارية والقضائية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، لكن قليلا ما نتحدث عن الحكامة السياسية والدستورية، لذا يحق لنا أن نتساءل: أين نحن من الحكامة السياسية في ظل مشاورات سياسية لتشكيل الحكومة امتدت لأكثر من 5 أشهر؟ أين نحن من الحكامة السياسية في ظل تدبير مشاورات تشكيل الحكومة بثقافة سياسية تطغى عليها الفردانية والنزعة الشخصية والكولسة وغياب الشفافية؟ أليس من الحكامة السياسية نقل مشاورات تدبير الحكومة إلى قبة البرلمان وإشراك نواب الأمة والرأي العام في تفاصيلها في العلن بناء على البرامج والسياسات والأوليات، ما سيخلق دينامية سياسية و إخراج البرلمان من رخصة إدارية طويلة الأمد مفروضة عليه؟ أين نحن من الحكامة السياسية في ظل غياب حكومة فعلية تؤدي مهامها كاملة طبقا للدستور لأزيد من 8 أشهر؟ أين نحن من الحكامة السياسية في ظل غياب قانون المالية لسنة 2017؟ أين نحن من الحكامة السياسية في ظل تعطيل المؤسسة التشريعية وجمود مشاريع القوانين لأزيد من 8 أشهر وهي في أغلبها تنزيل لمقتضيات الدستور؟ أين نحن من الحكامة الدستورية في غياب تكريس للممارسات والأعراف الدستورية الجيدة في ظل دستور يطبع جل بنوده البياض والفراغ ؟ أين نحن من الحكامة الدستورية في ظل نقاش سياسي يطبعه في الغالب خطاب العصبية الحزبية و المصلحة الضيقة؟ أين؟ وأين؟ وأين....... أسئلة كثيرة عنوانها الكبير كفى من هدر الزمن السياسي. *باحث في القانون العام والعلوم السياسية