دخلت قيادات حزب العدالة والتنمية في سجالات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي للرد على الاتهامات التي طالت الحزب الإسلامي إثر قبوله بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ضمن الأغلبية التي من المرتقب أن تشكل الحكومة في الأيام القليلة القادمة، بعدما ظل "حزب الوردة" خطا أحمر لعبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعفى، طيلة خمسة أشهر من المشاورات المتعثرة. وأثارت خطوة القبول بالحزب الاشتراكي، بعد إعلان رئيس الحكومة ورئيس المجلس الوطني ل"المصباح" ضمه إلى جانب خمسة أحزاب أخرى، غضب عدد من المنتمين إلى "العدالة والتنمية"، بين من اعتبروا الأمر "انتكاسة" داخلية وتقديما لتنازلات سياسية من طرف قادة الحزب؛ فيما أعلن آخرون تقديم استقالتهم من عضوية وأجهزة الحزب، كرد فعل غاضب من "حكومة العثماني". "كتائب" في صيغة جديدة ودفعت هذه الأجواء عددا من نشطاء "العدالة والتنمية" إلى تأسيس مجموعة مغلقة على موقع "فيسبوك" من أجل الرد على الغاضبين من تسيير العثماني للأغلبية الحالية، والمستندة إلى قرارات الأمانة العامة للحزب ومجلسه الوطني، تحت مسمى "وحدة الصف"، وهي المجموعة التي قالت إنه "بعد أن انضم الاتحاد الاشتراكي إلى حكومة الدكتور سعد الدين العثماني، غزت هذا الفضاء الأزرق ظاهرة جديدة تتمثل في ادعاء بعض معارضي الحزب انتماءهم له والحديث باسمه". وتابعت المجموعة بالقول إن "من بين الرسائل التي يريد هؤلاء الأشخاص إيصالها هو أنهم ساخطون على هذا الانتماء، في محاولة لخلق تيار معارض يقوم بالسب في القيادات والتظاهر بسحب الثقة منها أو الاستقالة من الحزب"، مبررة خطوة تأسيسها بما وصفته ب"نزع القناع على هؤلاء وإظهارهم بانتماءاتهم الحقيقية"، و"فضح هؤلاء المدعين، بنشر روابط حساباتهم بالصورة والدليل"، قبل أن توجه رسالة تحذيرية مفادها: نصيحتنا لكل من يمارس هذا الفعل الشنيع أن يتراجع وأن ينقاش المستجدات وفق قناعته وانتمائه الحقيقيين". قيادات "المصباح" على الخط في سياق ذلك، انهمكت عدد من قيادات "العدالة والتنمية" في هذه الحملة، عبر نشر "تدوينات" على الفضاء الأزرق؛ إذ كتب محمد نجيب بوليف، عضو الأمانة العامة للحزب والوزير السابق في حكومة بنكيران، على صفحته: "بعض الإخوة- سامحهم الله- ممن أعفيت بعض أطرهم من مسؤولياتها، لم يستطيعوا القيام بأي شيء يذكر في موضوع بسيط، لكنهم يبيحون لأنفسهم الشماتة فينا ويحاولون تلقيننا الدروس!!! بل يزعمون أن بنكيران انتهى ورمي به أشد رمية!!! يخطئون الرمي بسهامهم، على عادتهم.. لن نرد عليكم، لا نعتبركم خصومنا!!!". وتابع المسؤول الحزبي ذاته، وهو يعني جهات خارج الحزب لم يسمها: "بعض آخر من الرفاق -سامحهم الله- تقدموا للشعب فلم يعطهم إلا أقل من نصف واحد في المائة، يحاولون الركوب على موجة "انهزامنا" لاسترجاع ذكريات مجيدة!!! ويقرؤون علينا سيمفونيتهم القديمة!!! لستم أنتم أيضا خصومنا، أحسنوا اختيار خصومكم ووجهوا لهم سهامكم"، ليضيف أيضا: "بعض ثالث يتحدث عن انشقاقات وتصدعات داخل العدالة والتنمية، وانتهاء بنكيران ويتمنى ذلك.. يقول هذه هي الفرصة!!!". محمد يتيم، القيادي الآخر في الحزب ذاته، وصف المعارضين من داخل "العدالة والتنمية" وخارجها ب"الكتائب الماكرة"، إذ كتب: "الذين يراهنون على انقسام البيجيدي سيطول انتظارهم وسيخيب ظنهم، والذين يراهنون على تراجع شعبيته الانتخابية من حقهم أن يتبنوا هذا التحليل أو يراهنوا على تحقق ذلك"، مضيفا: "نحن نرحب بالتقييمات المختلفات والانتقادات لاختيارات الحزب (..) لكننا سنتصدى للحملة المغرضة والمشبوهة التي تسعى إلى بث الفرقة داخل الحزب، والتي أصبحت فجأة تعتبر بنكيران شهيدا.. بعضها صادر عن حسن نية وغيرة وطنية، لكن الآخر منها مغرض ومشبوه". يتيم استخدم عبارات حادة وهو يتوجه بالتعبير إلى المختلفين معه ومع الحزب، إذ قال أيضا: "كتائب المكر تعمل على الرفع من شأنه (بنكيران) بطريقة ماكرة لتضعه في مقام القديسين والشهداء"، مضيفا: "نحن نعلم أن هناك صفحات مشبوهة مجهولة هوية أصحابها و"كتائبها" تعمل من أجل التشويش والسعي للنيل من وحدة الحزب ..على أعضاء الحزب ومحبيه أن يحذروا من تلك التعليقات الموجهة وألا ينخرطوا فيها أو يستدرجوا لها". "العدل والإحسان" تردّ في مقابل ذلك، يبدو أن جماعة العدل والإحسان كانت معنية بالجدل المثار على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن عبارات بعض قادة "المصباح" ألمحت إلى التنظيم الإسلامي المعارض في أكثر من مناسبة، وهو ما دفع حسن بناجح، عضو الأمانة العامة بالدائرة السياسية للجماعة، يتحدث عما وصفها ب"المعارك الهامشية"، إذ أورد قائلا: "إننا على وعي تام بمحاولات البعض نقل مشاكله الداخلية إلى ساحات الآخرين بافتعال معارك خاطئة مع خصوم وهميين لامتصاص توتر تنظيمي خاص..". وقال القيادي في "العدل والإحسان"، على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، إن حزب العدالة والتنمية يحاول "الاستئساد على قوى مجتمعية ومصادرة حقها في أن تنتقد من يتصرف في المال العام، مع تمييزها الواضح بين مسؤولي الشأن العام الواجب محاسبتهم وبين الهيئات السياسية التي لا نتدخل في شؤونها الخاصة"، مضيفا: "لا خلط لدينا في الأمر إلا في أذهان البعض سامحهم الله، ولسنا مستعدين للانجرار إلى معارك هامشية تحرفنا عن خصم المجتمع الحقيقي، وهو المخزن راعي الاستبداد والفساد". بدوره، انخرط عمر إحرشان، القيادي في "الجماعة"، في الجدل ذاته، إذ نشر "تدوينة فيسبوكية" يصف فيها الواقع الداخلي لحزب العدالة والتنمية ب"الصدمة"، موردا: "هكذا يعلمنا القرآن الكريم كيف لا نسارع بنسب فشلنا للغير أو اصطناع عدو وهمي لتقوية جبهة داخلية مصدومة أو لصرف الانتباه عن فشل في مواجهة المتسبب الحقيقي في هذه الصدمة"، مردفا: "أفضل طريق لمعالجة مشكلة هي مواجهتها بصراحة وشجاعة.. والصف الذي يصرف بهذه السهولة عن حقيقة المشكلة يسهل التحكم فيه وتوجيهه".