استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    احتجاجا على الموقف السلبي للحكومة..نقابيو "سامير" يعتصمون أمام الشركة للمطالبة بإنقاذ المصفاة    بقيمة 400 مليون أورو.. المغرب يحصل على قرض لتوسيع ميناء طنجة المتوسط    ترامب أم هاريس؟.. إنطلاق انتخابات أمريكية حاسمة تهيمن عليها مخاوف كبيرة    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    سبع ولايات ستحسم نتيجة الانتخابات الأمريكية    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    ارتفاع درجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي جيد    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    عمره 15 ألف سنة :اكتشاف أقدم استعمال "طبي" للأعشاب في العالم بمغارة الحمام بتافوغالت(المغرب الشرقي)    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل        الإسبان يتألقون في سباق "أوروبا – إفريقيا ترايل" بكابونيغرو والمغاربة ينافسون بقوة    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    أخنوش: حجم الواردات مستقر نسبيا بقيمة 554 مليار درهم    حصيلة القتلى في لبنان تتجاوز ثلاثة آلاف    النجم المغربي الشاب آدم أزنو يسطع في سماء البوندسليغا مع بايرن ميونيخ    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا الخميس والجمعة المقبلين    المعارضة تطالب ب "برنامج حكومي تعديلي" وتنتقد اتفاقيات التبادل الحر    البحرية الملكية تحرر طاقم سفينة شحن من "حراكة"    استنفار أمني بعد اكتشاف أوراق مالية مزورة داخل بنك المغرب    الجفاف يواصل رفع معدلات البطالة ويجهز على 124 ألف منصب شغل بالمغرب    «بابو» المبروك للكاتب فيصل عبد الحسن    إعصار "دانا" يضرب برشلونة.. والسلطات الإسبانية تُفعِّل الرمز الأحمر    تعليق حركة السكك الحديدية في برشلونة بسبب الأمطار    الجولة التاسعة من الدوري الاحترافي الأول : الجيش الملكي ينفرد بالوصافة والوداد يصحح أوضاعه    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مصرع سيدة وإصابة آخرين في انفجار قنينة غاز بتطوان    عادل باقيلي يستقيل من منصبه كمسؤول عن الفريق الأول للرجاء    أمرابط يمنح هدف الفوز لفنربخشة    إبراهيم دياز.. الحفاوة التي استقبلت بها في وجدة تركت في نفسي أثرا عميقا    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم    "فينوم: الرقصة الأخيرة" يواصل تصدر شباك التذاكر        الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي: للفلسطينيين الحق في النضال على حقوقهم وحريتهم.. وأي نضال أعدل من نضالهم ضد الاحتلال؟    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: لا تعترف بالحريق الذي في داخلك.. ابتسم وقل إنها حفلة شواء    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتفال المسرحي بالموت والحياة
نشر في هسبريس يوم 27 - 03 - 2017

(إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ)
عبارة لسعد الله ونوس الفنان المسرحي السوري نقتبسها، في اليوم العالمي للمسرح، لمخاطبة الحس الفني برمزيته لعله يفتح للحوار آفاقا، حوار متعدد مركب بين الأفراد وبين الجماعات يكبح كل نزعة ذاتية، فإذا أغلقت أبواب السياسة فلنفتح باب المسرح، فمنه يبدأ الحوار، وبه يروى العطش، فهو المكان الذي يتأمل فيه الإنسان شرطه التاريخي والوجودي في سياق جماعي، يحرك فيه الانتماء إلى المجتمع، فهناك حوار داخل العرض، وحوار بين العرض وبين المتفرج، وحوار بين المتفرجين أنفسهم، وفي كل مستوى نتحرر من كآبة الوحدة ونزداد وعيا ب"الجماعاتية " وبالبعد المدني، (فالمسرح ليس تجليا من تجليات المجتمع المدني بل هو شرط من شروط قيام المجتمع)، كما يقول ونوس.
إن "عتمة الحوار" من تكاثر الأضواء الملونة والتفاهات، التي تغذي أحاسيس النفاق والكذب على الذات، فلم تعد فرص التأمل والوعي بالانتماء الإنساني، ولم يعد أحد يجرؤ على الحلم، وأصبحت أزمة الحوار من أزمة الثقافة، التي لم تعد تكشف عن آليات ما يحدث وتعيد إلى الإنسان إنسانيته وتواجه أنانية الآخر، وتلك من مهام المسرح؛ فهو تدريب على رأب التمزقات التي أصابت جسد الجماعة، فبدء الحوار، حسب ونوس، هو خطوة البداية لمواجهة الوضع المحبط الذي يحاصر عالمنتا.
تحرير الذاكرة لمواجهة "النهايات":
لقد علّمنا ونوس واجب الحياة بالقراءة والنبش في الذاكرة، ومنح مساحة للتأمل والتفكير في استمرارية المثقف بعد الرحيل، كان يواجه الشرط الثقافي الكوني الجديد المرتبط ب"الما بعد"، حيث أصبحنا مشروطين برغبة التجاوز دون فتح أفق جديد، ترف فكري جعل المثقف العربي يواجه التحول دون مرجعية نظرية أو ثقافية تعطيه معنى لهذه النهايات.
كان يخوض لغة النهايات والإحساس بالموت الذاتي، موت سيطر على ثقافة القرن العشرين (موت الكاتب، موت المثقف، نهاية التاريخ، نظريات الما بعد: ما بعد الحداثة، ما بعد العقلانية...)، وقد جعل من كتاباته الأخيرة تحررا للذاكرة لمواجهة النهاية والإحساس بالخيبة والفقدان، (كان استيقاظ الذاكرة هو تعبير عن رغبة في استعادة المفقود) كما يقول هبرماس.
إن تجربة النهاية أو "الما بعديات" عبّر عنها ونوس في مفارقة درامية، فكل شخصياته تناضل من أجل حرية وتكتشف ذاتها؛ لكن في لحظة الموت والنهاية وتمزق النسيج الاجتماعي وانهيار كل السلطات.
أدرك ونوس أن الخطاب، الذي أصّل للثقافة المسرحية في المجتمعات العربية خلال الستينيات والسبعينيات، لم يعد ذا مصداقية أو قادرا على التعبير عن عالم جديد؛ فجرّب تجربة الانتقال بين عالمين وعصرين مختلفين سياسيا وثقافيا واجتماعيا، وتجربة الانتقال بين عالمي الموت والحياة التي عاشها شخصيا بسبب مرض السرطان.
إن أزمة المسرح من أزمة العالم التي أفرزتها الحداثة الغربية وثقافة الما بعديات، حيث أصبح المسرح فنا هامشيا، وأصبح كل شيء يتمسرح؛ لكن عبر وسائط التفاعل التقنية. والسؤال المسرحي هو: كيف يمكن للمجتمعات التي لم تنجز حداثتها، وما زالت تتمسرح بالأمية و"الما قبليات التكنولوجية" أن تجد ذاتها في مجتمع الحداثة والما بعديات؟
إن الجواب من جنس تعقيد السؤال، وهو ما حاول ونوس الإجابة عنه في رصده للشروط الجديدة لمجتمعنا العربي وأهمها "تجربة الإنسان" وحساسية المتلقي والحاجات الجمالية، والوسائل الدراماتورجية التي تطرح أسئلة العصر.
إن تحول العالم إلى كائنات افتراضية واللغة والصور دفع بعض المثقفين إلى التخلي عن مسؤولياتهم وعن القيم الحرية والديمقراطية والمسؤولية، كما يشير إدوارد سعيد.
إسدال الستار:
في 15 مايو 1997، يوم الذكرى ال49 لنكبة فلسطين، لعب ونوس آخر أوراقه، أغمض عينيه وترك المسرح في قلب الدوامة، وأفكاره التي آمن بها في دائرة السؤال، رحل كي لا يشهد على احتفاء جديد بألمنا، كما كان يردد.
لقد دخل دائرة الضوء بعد النكسة بمسرحيته "حفلة سمر من أجل 5 حزيران"، وأصبح مؤرخ الهزائم العربية بامتياز، يربطها بهزائم قديمة من تاريخنا، وخرج من الخشبة برسالة الجوع إلى الحوار والأمل، ميز بين لغة الكتابة وبين لغة الحياة، وأخرج المتفرج من السلبية إلى المشاركة في اللعبة المسرحية، والوعي بالاستلاب والقهر الاجتماعي كي يواجه أسبابه.
وفي مسرحية "منمنمات تاريخية" يحلل علاقة المثقف بالسلطة والواقع، ويبرز قدرة التاريخ على إضاءة الحاضر، يوضح أن على المثقفين أن يتحملوا المسؤولية وأن يشاركوا في الحياة العامة.
ونوس آمن بالتغيير منهجا وبالفن التزاما وبالتعبير عن قضايا الإنسانية والوطنية، وفق قوالب فنية بديلة تمهد لتحول مسار المسرح العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.