خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    مجلس النواب يدين بقوة العدوان الإسرائيلي ويجدد دعمه للقضية الفلسطينية    فرق ضوسي يفوز بتنائية على اتحاد البجيجيين في المباراة الإفتتاحية    الهجرة والتعاون الأمني بين الرباط وباريس .. هكذا يغير المغرب قواعد اللعبة مع فرنسا    فرنسا والمغرب يشكلان مجموعة عمل مشتركة لتسهيل إجراءات ترحيل المهاجرين غير النظاميين    قيوح يتباحث بالدوحة مع نظيره القطري حول سبل تعزيز التعاون في مجال النقل الجوي    "أشبال الأطلس" يحلمون بلقب إفريقي.. مواجهة حاسمة أمام الفيلة في نصف النهائي    اختراق جدار وسرقة ذهب.. سقوط "عصابة الحلي" في قبضة الأمن    وزير الداخلية الفرنسي يعلن تقوية الشراكة مع المغرب ضد الهجرة غير النظامية    تنظيم "جيتكس إفريقيا المغرب" يترجم التزام المملكة لفائدة تعزيز التعاون جنوب-جنوب في مجال التكنولوجيات (المدير العام لوكالة التنمية الرقمية)    أي أفق لمهمة ديميستورا، وأي دور للمينورسو؟ .. التحول الجذري أو الانسحاب..!    أسعار الذهب تتراجع بعد انحسار التوترات التجارية    جريمة ب.شعة بطنجة.. رجل يجهز على زوجته بطع.نات ق..ات/لة أمام أطفاله    "جاية" للإخوة بلمير تتصدر قائمة الأغاني الأكثر مشاهدة بالمغرب    أخبار الساحة    تسريبات CNSS تفضح التهربات والأجور الهزيلة لعمال شركات كبرى في طنجة    الشركة "إير أوسيون" ترد بتفاصيل دقيقة على حادث انزلاق طائرة في فاس    إحداث 8690 مقاولة جديدة بالمغرب خلال يناير الماضي    وفاة أستاذة أرفود تسائل منظومة القيم بمؤسسات التربية والتكوين    السغروشني تلتقي بحاملي المشاريع المنتقاة في إطار مبادرة "موروكو 200"    توقيف الفنان جزائري رضا الطلياني وعرضه أمام القضاء المغربي    مستخدمو "شركة النقل" يحتجون بالبيضاء    اجتماع 10 أبريل 2025 محطة حاسمة في مسار الإصلاح القطاعي    وكالة بيت مال القدس تدعم حضور شركات فلسطينية ناشئة في "جيتكس 2025"    بوعرفة تتصدر مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب    ماريو فارغاس يوسا.. الكاتب الذي خاض غمار السياسة وخاصم كاسترو ورحل بسلام    محاميد الغزلان.. إسدال الستار على الدورة ال 20 لمهرجان الرحل    "تم بتر إحدى رجليه"..رشيد الوالي يكشف عن الوضع الحرج للفنان محسن جمال    مديرية الضرائب تطلق خدمة إلكترونية جديدة لطلبات الإبراء من الغرامات والزيادات    الفارس عبد السلام بناني يفوز بالجائزة الكبرى في مباراة القفز على الحواجز بتطوان    الأدب العالمي في حداد .. ماريو فارجاس يوسا يرحل عن 89 عامًا    لطيفة رأفت تطمئن جمهورها بعد أزمة صحية    في ظرف ثلاثة أيام.. حقينة سدود كير-زيز-غريس تنتعش    جبهة دعم فلسطين تواصل الاحتجاج ضد التطبيع وتدعو لمسيرتين شعبيتين ضد رسو "سفن الإبادة" بالمغرب    هذا موعد كلاسيكو الليغا بين البارصا والريال    نجل أنشيلوتي يكشف سبب تصرف مبابي ويستنكر ما حدث مع أسينسيو    وفاة أستاذة أرفود.. بووانو يستنكر الاعتداء على نساء ورجال التعليم    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    بسبب فقدانه للمصداقية.. جيش الاحتلال الصهيوني يتعرض لأزمة تجنيد غير مسبوقة    محاولة اختطاف معارض جزائري على الأراضي الفرنسية.. الجزائر تتورط في إرهاب دولة    ردا على اعتقال موظف قنصلي.. الجزائر تطرد 12 دبلوماسيا فرنسيا    طقس الإثنين.. أمطار ورياح قوية بعدد من المناطق المغربية    كيوسك الإثنين | الصين تعزز استثماراتها بالمغرب عبر مصنع ل "الكابلات" الفولاذية    أين يقف المغرب في خريطة الجرائم المالية العابرة للحدود؟    لي تشانغلين، سفير الصين في المغرب: لنكافح الترويع الاقتصادي، وندافع معًا عن النظام الاقتصادي العالمي    جايسون إف. إسحاقسون: إدارة ترامب حريصة على حسم ملف الصحراء لصالح المغرب تخليدًا لعلاقات تاريخية متجذرة    بالصور.. مؤسسة جورج أكاديمي بسيدي بوزيد تنظم سباقا على الطريق بمشاركة التلاميذ والآباء والأمهات والأساتذة..    أمن طنجة يوقف شخصًا اعتدى على متشرد.. والمواطنون يطالبون بعدم الإفراج عنه رغم شهادة اضطراب عقلي    الكعبي وأوناحي يتألقان في اليونان    طبيب: السل يقتل 9 أشخاص يوميا بالمغرب والحسيمة من المناطق الأكثر تضررا    من خيوط الذاكرة إلى دفاتر اليونسكو .. القفطان المغربي يعيد نسج هويته العالمية    دراسة: الجينات تلعب دورا مهما في استمتاع الإنسان بالموسيقى    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إقالة ابن كيران وتحدي تحقيق الديموقراطية
نشر في هسبريس يوم 19 - 03 - 2017

الجو المغربي الجزائري الذي قدم لتركيب مشكل غلق الحدود المغربية الجزائرية سنة 1994 ورشحه لكي يكون أكثر تعقيدا لحد الآن هو تصريح قدمه الملك الحسن الثاني لإحدى قنوات التلفزيون الفرنسي، حيث كان رأيه في الانقلاب على المسلسل الديموقراطي سنة 1991 أنه كان الأولى إعطاء فرصة حكم كاملة للإسلاميين بدل الانقلاب عليهم، فالفشل حتما مصيرهم والشعب الذي اختارهم سوف يلفظهم من تلقاء نفسه... طبعا رد الدولة الجزائرية لا يصعب تصوره للحساسية الكبيرة وللكرامة الوطنية التي يتم استدعاؤها في مثل هاته الحالات...
المخزن عندنا نظام كامل بنيوي ومهيكل، له ثوابته ومعتقداته واستراتيجياته ورجاله الذين يسهرون على تثبيت ذلك.
دخول الإسلاميين لتدبير الشأن العام المغربي كان طارئا فرضته متغيرات الربيع العربي (كالعلاج بالكي، أو المفاضلة بين مرين أو الاختيار بين السئ والأقل سوءا) !
وحده الأمين العام لحزب العدالة والتنمية السيد عبدالإله بنكيران الذي افتخر في بدايات الحملة الانتخابية الأخيرة بأنه وقف في وجه مشروع الملكية البرلمانية بالمغرب، لم يستوعب أن وظيفته آنية لسد ثقب. فمرر القرارات الأقل شعبية في تاريخ حكوماتنا، تخلى عن ذويه جميعا في محنهم وهو الذي كان دائما من وراء القصد، فيحتسبهم قرابين بقائه في السلطة وأسرف في الولاء إلى درجة الابتلاء.
لكن الكون والأنفس نواميس؛ لا يمكنك أن تقف ضد الديموقراطية وتفاخر بذلك ثم تستدعيها هي نفسها ضد من خدمتهم بجحودها، فالنواميس حاكمة وحكمها مرات يكون سريعا...
إقالة السيد عبد الإله بنكيران وإقصاؤه عن تشكيل الحكومة ليس قرارا جديدا ولا آنيا، فتشكيل الحكومة تم إفشاله ولم يفشل. والغريب في كل هذا هو تمسك السيد بنكيران بالرئاسة إلى حدود اليوم، دون أن يغير خطته أو استراتيجيته أو يدرس موضوعيا إمكاناته وحظوظه.
حزب العدالة و التنمية رغم شعبيته لا يتمتع بتاريخ طويل في العمل السياسي مثل حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، ولا بشخصيات نضالية وفكرية تخترق تاريخنا الحديث كما يزخر بها الحزبان ومع ذلك تم اختراقهما وتركيعهما وقيادتهما في مراحل مختلفة.
آخر انتخابات داخلية لحزب العدالة والتنمية، كما حركة التوحيد والإصلاح كانت تحمل إشارات من هذا النوع. لكن يبقى أهم ما يحفظ من سلوك السيد بنكيران منذ الثامن من أكتوبر الماضي أنه غير مستعد للتخلي عن كرسي الحكومة وإلا لكان قد استقال حفظا لبعض الكرامة والكبرياء، إقالته من التشكيل الحكومي هي إعلان فشل التشكيل نفسه الذي يجب أن تؤدي إلى إعادة الانتخابات، خيار صعب على النظام الذي يتقن فن اللعب.
فاختيار شخصية من خارج حزب العدالة والتنمية الآن سوف تقوي هذا الأخير وقد تعصف بهشاشة الاستقرار. لكن فرصة أخرى أثمن تلوح في الأفق: إضعاف حزب العدالة والتنمية بشرخه من الداخل والتقديم لإمكانية تقسيمه بترشيح شخصية بديلة من داخله للتشكيل الحكومي الجديد.
فإما أن يقاوم السيد بنكيران ويختار معه الحزب العودة إلى المعارضة ويخرجان معا بشرف (رغم صعوبة القرار) وبالتالي تتاح الفرصة للمختار سلفا لرئاسة حكومتنا ولا يخسر النظام نقطا عن مسلسل الإصلاحات الديموقراطية ولن تمس سمعته. أو يقابل بنكيران بمعارضة داخلية وينقسم حزبه بين من يؤيد الشرعية ومن يخونها (ابن عرفة الحزب كنموذج تفسيري)...
من بين الشخصيات الثلاث الأكثر تخمينا من داخل الحزب ( السيد سعدالدين العثماني والسيد مصطفى الرميد والسيد عزيز الرباح صاحب الكاستينج التقنوقراطي)، فضل القصرتعيين السيد العثماني، تعيين يبدو مرتجلا يسعى لاستباقية اجتماع المجلس الوطني للحزب من صباح يوم السبت، الذي هو نفسه إجرائي بسيط بساطته واضحة من تفاعل قيادات الحزب مع قرار التعيين بما فيهم السيد العثماني نفسه.
لأنه خرج إلى الشارع مع الناس في حيثيات 20 فبراير، ولمساره وتكوينه وتجربته حين قاد حزبه و جنبه الحل بعد تفجيرات ماي2003، فإنني كنت أرى في السيد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الأكثر مواءمة للظرفية، إلا أن القصر والحزب اتفقا على تعيين الأمين العام سنة 2011.
في تجربته القصيرة كوزير للخارجية، ورغم إيمانه الظاهر والحقيقي بمشروع اتحاد المغرب الكبير، إلا أنه أظهر عن بعض البساطة المغلفة بالمثالية في تعامله مع جيراننا الجزائريين وتفاؤله الكبير بإمكانية فتح الحدود(الحس السليم يقر بأن هذه المشكلة لن تحل إلا إذا كان مشروع الجهوية المتقدمة مشروعا حقيقيا ومتقدما تحظى فيه الجهات ببعض الاستقلالية في القرار وأن يكون رئيس جهة الشرق سياسيا وطنيا محنكا منتسبا للجهة عارفا بالذهنية والثقافة الجزائريتين وملما بتفاصيل التاريخ المشترك ليحقق امتيازا لسكان جهة شرق المغرب والغرب الجزائري بالتنقل الحر بالبطاقة الوطنية، تماما كما هو الحال بين مدينتي سبتة ومليلية ومغاربة المناطق المحاذية).
دائما ومن خلال تجربته الحكومية لم يكن السيد العثماني بالقوة ( وهذا أيضا راجع لخط رئيسه السيد بنكيران) التي تبرز توجهاته وبصماته في ديبلوماسية دولتنا، ولم يعبر أبدا عن استيائه من حركيّة ونفوذ ملحقه السيد العمراني..
إقالته ارتبطت بفيتو دول خليجية بعد استقباله من طرف إسلاميي الكويت خلال زيارته لها كما نقلت لنا تقارير صحفية مطلعة وقريبة من دوائر القرار.
فهل تغيرت نظرة الدول الخليجية للإسلاميين كي يرفع عنه الفيتو؟ وأن يترقى لدرجة رئيس حكومة؟!
اعتقادي ان تعيينه إجرائي يعطي انطباع احترام الوثيقة الدستورية، وإن كان لا أحد يحترمها في الساحة السياسية كلها. فلا السيد بنكيران أعلن فشله بعد عرض حصيلته على الملك، ولا هو استدعى الآليات الدستورية حين إقالته. ولا استقبله الملك قبل إعلان فشل التشكيل الحكومي لمناقشة الإمكانيات المُحتملة...
فشل السيد العثماني المحتمل أيضا، سيكون الضربة القاصمة للحزب ومجهضا لأي مشروع سياسي إسلامي آخر قد ينتج عن تشقق حزب العدالة والتنمية على الأقل في الفترة القريبة المقبلة.
يبقى للتدبير السياسي المغربي حسابات أخرى، والتوجهات الاقتصادية لدى الملك محمد السادس التي تفوق التوجهات السياسية الصرفة والمعرفية (فهو لا يبدي نفس الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي)، والتي كانت واضحة منذ أن مال إلى السيد إدريس جطو كوزير أول على حساب سياسي من عيار السيد عبدالرحمن اليوسفي سنة 2002.
اليوم وهذه التوجهات الاقتصادية تأخذ بعدا إفريقيا مهما وحيويا بالنسبة للهولدينغ الملكي وللمغرب، إضافة للروابط الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، تفرض عليه اختيار شخصية براغماتية تقنوقراطية ذات كفاءة عالية ونجاح كبير في الميدان.
من داخل المشهد الحزبي السياسي كان يبدو السيد عزيز أخنوش رجل المرحلة لكن حيثيات التشكيل الحكومي شوشت على بعض نجاعته ( إيماني الشخصي وتخصصي في التواصل والتفاوض جعلاني أربطه بتقنية : Le faux pivot أو المرتكز الخاطئ)، ليصبح المجال أرحب بالنسبة لكبيرة كبراء مقاولي المغرب السيدة مريم بنصالح، وهو السيناريو الذي روجته بعض التقارير الصادرة عن جهات إعلامية قريبة من مصادر القرار، حيث راج خبر إمكانية تعيين رئيسة للحكومة والتي ستكون المرأة الأولى في تاريخ المغرب، بما يظهر أن المغرب سائر على طريق تعزيز مساره الإصلاحي الحداثي ويحسن أيضا صورة النظام المغربي لدى أصحاب القرار والرأي العام الغربيين على السواء، وإن كان على حساب السير الأولي للتنزيل الديموقراطي للوثيقة الدستورية.
فإفشال التشكيل الحكومي ورمي الكرة في ملعب حزب العدالة والتنمية كلها حيثيات لتحييد مفعول "الإجهاز" على التجربة الديموقراطية والقفز على مقتضيات العملية الانتخابية.
وحدهم الإسلاميون يدخلون المعتركات السياسية بالنوايا والدروشة ووهم الشعبية، أتمنى صادقة أن يرتقي أداء الحزب ويكون في مستوى التحديات بأن يغير آليات وطرق اشتغاله، فالقيادي الحقيقي هو المنتج في أقصى حالات الضغط والتوتر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.