لا شك أن الجميع قد كون فكرة، أو أقام حكما، أو نفذت إلى صميم اعتقاده قناعة مفادها أن الأمور في الكركارات متوترة وقلقة، وأن البوليساريو تتجه يوما بعد آخر نحو التصعيد، والبحث عن مواجهة مع المغرب. وقد آثر المغرب من ذي قبل الانسحاب من الكركارات، وإعادة الانتشار في أماكنه بالجدار الدفاعي، لعدة أسباب؛ منها تفادي هذا الاحتكاك والمواجهة التي تبغيها البوليساريو بتحريض جزائري. وقد اختارت البوليساريو البقاء الأبدي في الكركارات، وممارسة مزيد الضغط والاستفزاز على المغرب بإهانة سائقي الشاحنات وتهديدهم، بل وإعادة انتشار عناصرها في سائر النقاط التي كان يتمركز فيها المغرب قبل فعل الانسحاب الأحادي الجانب؛ وهذا ما يجعل المواجهة في حكم المحتمل الأكيد، وآتية لا ريب؛ كما تسلمت أسلحة متطورة من الجزائر، وهو دليل على أن الأخيرة ترغب بدورها في نشوب الحرب خدمة لمآربها الذاتية، ولهذا يمكن التكهن بفصولها والأمارات الكبرى لبدايتها. الفصل الأول: يبدأ بفقدان العسكر في الجزائر لخيوط التحكم في خلافة بوتفليقة، أو لمجرد إحساسهم بفقدان القدرة على ضبط سير تلك العملية. الفصل الثاني: تعمد الجزائر إلى تحريض البوليساريو من أجل دفعها إلى إغلاق ممر الكركارات، في اتجاه الحدود مع موريتانيا، لممارسة مزيد من الضغط على المغرب، واستفزازه، وهو يرى شاحنات مواطنيه مركونة في الجانب الموريتاني أو الجانب المغربي، أو تم حجزها في منتصف الممر من قبل عناصر البوليساريو. الفصل الثالث: الفترة الثالثة من الخطة، التي تعقب إغلاق الطريق التي تخترق الكركارات من طرف البوليساريو، ستتلوها مسافة من الوقت وميسرة عبارة عن تكتيك لاستدراج المغرب ليبادر من أجل توزيع وتشطير المسؤولية، وليبادر بالرد على الإغلاق بالهجوم. الفصل الرابع: في المرحلة الرابعة من تطور الأمور في اتجاه التصعيد، يمكن تصور احتمال تجاهل المغرب لفعل البوليساريو بالإغلاق، بعدما اختار من ذي قبل الانسحاب، وسيرا على تلك الخطة سيكتفي بالاحتجاج أمام الأممالمتحدة وأمينها العام، والدول أعضاء مجلس الأمن. ومن المؤكد أن كلا من إسبانيا وفرنسا سيدعوان إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن، بالنظر إلى أن الأولى معنية بحكم الجوار، وكعضو في الدول أصدقاء الصحراء، وعضو غير دائم بمجلس الأمن، وتطابقا مع بلاغها الذي أعقب انسحاب المغرب من الكركارات، ودعوتها البوليساريو إلى الانسحاب الفوري. أما فرنسا فهي عضو دائم في مجلس الأمن، وعضو مهتم بالنزاع. الفصل الخامس: في حالة احترام سير الوقائع على النحو المبين أعلاه، الذي يميزه ضبط المغرب للنفس، وعدم انسياقه مع خطة البوليساريو، ستعمد الأخيرة إلى الدخول في مناوشات متفرقة مع القوات المغربية المنتشرة في مراكزها بالجدار الدفاعي، يبدأ بمنطقة الكركارات، وعلى طوله جبهتي الشمال، وفي أكثر من جبهة. الفصل السادس: في المرحلة السادسة، وبعد بداية الحرب، لن يعود لأي طرف أي هاجس وأي حسابات خارج الانتصار في الحرب، وسيكتشف المغرب أن البوليساريو تستعمل أسلحة روسية متطورة، زودتها بها الجزائر مؤخرا، وفق ما تم الترويج له من الجانبين، منها: إس 300، وإس 400، ودبابات تي 90 روسية الصنع. وقد يتفاجأ المغرب بوجود جنود وضباط جزائريين يخوضون الحرب مع البوليساريو، لأن الغاية هي تحقيق مكسب ميداني يصلح للاستعمال السياسي. الفصل السابع: هذا الكشف بالدليل يجعل الحرب تنتقل إلى حرب شاملة، تحدث عنها الأمين العام السابق بان كي مون، في تقريره بتاريخ 19 أبريل 2015 في باب التوصيات، والتي أسميها شخصيا حرب الجميع ضد الجميع. *خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء